ارتفع عدد ضحايا الاقتتال الدامي المندلع بإقليم دارفور في غرب السودان منذ يوم الأحد إلى أكثر من 200، بحسب إحصاءات أولية كشفت عنها مصادر طبية في المنطقة لموقع سكاي نيوز عربية.
ومع تفاقم الأوضاع الأمنية والإنسانية تجددت المطالب بوضع الإقليم تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وسط مخاوف كبيرة من اتساع رقعة الاقتتال في الإقليم الذي دخل في العام 2003 في واحدة من أشرس الحروب الأهلية في العالم.
وبعد أن انحصر القتال الأحد في منطقة كرينك وأدى إلى مقتل 168 شخصا وإصابة العشرات؛ اتسعت رقعته ظهر الاثنين، لتشمل أحياء ومناطق عديدة من مدينة الجنية القريبة من كرينك، مما أدى إلى فرار أكثر من 20 ألفا من سكان عاصمة غرب دارفور.
وأكد المصدر الطبي أن أصوات الرصاص في كل مكان حتى داخل المستشفى؛ وقال إن المستشفى استقبل حتى الواحدة ظهرا بالتوقين المحلي نحو 165 جثة؛ مشيرا إلى أن الكثير من الجثث لم تصل إلى المستشفى بسبب الظروف الأمنية الصعبة.
وفيما دان الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة عمليات قتل المدنيين وطالب بوقف العنف وإجراء تحقيق شفاف تُنشرُ نتائجهُ علناً؛ عبرت هيئات ومنظمات محلية عن خيبة أملها مما أسمته بـ "تقاعس" المجتمع الدولي وعدم اهتمامه بالمجازر الجارية في دارفور حاليا.
وقال محمد يوسف أحمد رئيس الحركة الشعبية شمال - مناطق سيطرة الحكومة - إن عمليات القتل والإبادة والحرق والاغتصاب التي جرت خلال الساعات الماضية تشكل استهانة بكرامة الإنسان السوداني. ودعا يوسف في بيان بضرورة إلغاء اتفاق جوبا لأنه لن يحقق أهداف السلام المنشودة.
وفي ذات السياق؛ طالب محمد عبد الرحمن الناير، الناطق الرسمي باسم حركة جيش تحرير السودان؛ المجتمع الدولي بكافة هيئاته القيام بواجبه الإنساني والأخلاقي تجاه الضحايا في دارفور، وإعادة النظر في قرار مجلس الأمن الذي قضي بسحب بعثة اليوناميد من دارفور، مع وجوب أرسال قوات دولية ذات قدرة قتالية عالية تحت الفصل السابع لميثاق الأمم المتحدة لوقف قتل المدنيين وفرض الأمن على الأرض.
وبدأ الهجوم على المنطقة في الساعات الأولى من صباح الأحد عندما استخدمت مليشيات مسلحة أسلحة ثقيلة وخفيفة وقامت بعمليات حرق ونهب واسعة طالت عدد من المساكن والمباني الحكومية.
وقالت منسقيه معسكرات النازحين في الإقليم إن الوضع الأمني بات صعبا ومترديا، في ظل الهجمات المتواصلة ضد السكان واستمرار انتهاكات حقوق الإنسان الجسيمة.
وأوضح آدم رجال الناطق الرسمي باسم المسقية لموقع سكاي نيوز عربية عبر الهاتف من المنطقة إن الوضع الإنساني يزداد سوءا في ظل انعدام الخدمات الطبية، وحاجة عدد كبير من الجرحى للنقل إلى مستشفيات بعيدة عن المنطقة، وهو أمر صعب جدا في ظل الظروف الأمنية الحالية.
وأعادت الأحداث الحالية مشهد الحرب الدموية التي اندلعت في العام 2003 والتي راح ضحيتها أكثر من 300 ألف قتيل وشرد بسببها نحو 2.5 ملايين معظمهم من الاطفال والنساء ويعيشون حاليا في معسكرات.
وشهدت الحرب انتهاكات واسعة شملت عمليات اغتصاب وحرق، ما دعا المحكمة الجنائية الدولية لاستصدار أوامر قبض على عدد من قادة النظام السابق بينهم الرئيس المعزول عمر البشير.
ويقول مراقبون إن الأحداث الحالية في بعض مناطق هي إحدى تداعيات غياب العدالة ورسوخ ثقافة الإفلات من العقاب.
ويعيش السكان في مناطق الاشتباكات أوضاعا إنسانية وأمنية بالغة الخطورة، حيث أصبحت العديد من الأسر بحاجة للمأوى والمواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب بعد أن أحرقت بيوتهم ونهبت مواشيهم وممتلكاتهم.
وتعهدت الحكومة السودانية بتعزيز الأمن في كافة مناطق الإقليم؛ وشكلت لجنة تحقيق في الأحداث الأخيرة، لكن ناشطون ومنظمات مدنية انتقدوا بشدة طريقة تعامل السلطات السودانية مع هذه الأحداث.
وتتزايد المخاوف من حدوث المزيد من التدهور في الأوضاع الأمنية في دارفور في ظل عدم وضع ترتيبات بديلة محكمة بعد انتهاء مهمة البعثة المشتركة بين الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي (اليوناميد) في نهاية 2020. كما لم تطبق حتى الآن بنود اتفاق السلام الموقع بين الحكومة السودانية وعدد من الحركات الدارفورية المسلحة والذي نص على تشكيل قوى مشتركة قوامها 12 ألف فرد مناصفة بين القوات الأمنية السودانية ومقاتلي الحركات المسلحة، وذلك لحفظ الامن في الإقليم.