نبه صندوق النقد الدولي، مؤخرا، إلى حاجة ليبيا لإصلاح نظامها الاقتصادي بشكل هيكلي، وسط مخاوف من تبعات الأزمة الأوكرانية والتضخم الذي ضرب دول العالم بعد وباء كورونا.

وجاءت توصية المؤسسة المالية الدولية، خلال لقاء أجري، مؤخرا، مع مسؤولين في المصرف المركزي الليبي.

وقالت مصادر لـ"سكاي نيوز عربية"، إن مسؤولي الصندوق حثوا "المركزي الليبي" على اتخاذ إجراءات من شأنها إنهاء ازدواج أسعار العملات الدولية، حيث تتسبب السوق السوداء في تسرب العملة الصعبة، بما يكبد الدولة الليبية خسائر كبيرة، وذلك أخذًا بتجارب البنوك المركزية الأخرى حول العالم.

كما أشارت المصادر إلى توصية الصندوق باتخاذ آليات نقدية أكثر انضباطًا وحزمًا، بما يسمح بمواجهة حقيقية للفساد، وتحسين إجراءات الرقابة المصرفية، وفتح باب النقاشات مع مؤسسات الدولة الأخرى؛ لتقييم بعض السياسات المالية والتجارية، والوضع الاقتصادي بشكل عام.

في غضون ذلك، يؤكد اقتصاديون ليبيون أن البلاد أصبحت أمام تحدٍّ حقيقي؛ من أجل إصلاح نظامها المالي والنقدي، علما بأن الأمر لا يقتصر على المشكلات الهيكلية التي صارت "أزمة مزمنة"، بل يشمل زيادة العبء الناجم عن موجة التضخم العالمية نتيجة الحرب في أوكرانيا، والتي أدّت إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية، وصعوبات أمام الاستثمارات الأجنبية وخطوط الإمداد والشحن البحرية.

في الحرب.. نقودك في خطر

غياب "إطار" للإصلاح

وقال مؤسس سوق الأوراق المالية الليبية والخبير الاقتصادي، سليمان الشحومي، إن ليبيا تفتقر إلى "إطار واضح" يمكن من خلاله تنفيذ أي إصلاحات نقدية أو مالية، وتتحرك ضمن حدوده لتحقيق إصلاحات تستهدف توجيه دفة الاقتصاد، وتعيد ترتيب الأولويات، وتدعم الاستقرار والاستدامة، مشيرا إلى الحاجة لإصلاح المالية العامة قبيل تعديل سعر صرف الدينار الليبي، ليكون القرار مجديا بشكل فعلي.

وضرب الشحومي مثالا بالإجراءات التي اتخذها المصرف المركزي المصري، مؤخرا، برفع الفائدة على الإيداع والإقراض 1 في المئة، وما صاحبه من تعديل سعر صرف الجنيه، قائلا إن تحركات الاقتصاد المصري وتناغم عملياته وأدواته الاقتصادية تعزز الثقة بمستقبل الاقتصاد المصري.

وتابع "اقتصاديات المنطقة بشكل عام تواجه تحديات كبيرة وإصلاحات عميقة تفرضها المعطيات المحلية والعالمية، التي تتطلب وجود إطارات تستهدف سرعة الاستجابة".

معضلة سعر الدينار

وفي السياق، يقول الباحث الاقتصادي الليبي ناصر الأسدي إن ليبيا أمام مشكلة حقيقية فيما يتعلق بسعر الفائدة، فهذا القرار اتخذ في مصر لسحب السيولة من الشارع والتحكم في التضخم المستورد، بما يمنع في النهاية من تكون سوق موازية للدولار.

وتابع الأسدي "الحالة الليبية تختلف بسبب سعر صرف الدينار، ففي حالة زيادة قيمته، سيؤدي الأمر إلى سحب الدولار بشكل كامل من السوق وخلق أزمة عملة، أما العكس فسيؤدي إلى موجة تضخم أخرى، بما يضاف إلى معاناة البلاد حالية من ارتفاع الأسعار العالمية التي انعكست على زيادة واسعة محليا.

وأشار الباحث الاقتصادي إلى أن الأزمة الحقيقية هي افتقار الدولة خلال الفترة الماضية إلى سلطة قادرة على إدارة الملف الاقتصادي بشكل صحيح، وضبط الأسواق، بما يحقق أهداف أي إجراء للإصلاح.

وسبق أن أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا "الإسكوا"، دراسة عن الاقتصاد الليبي، والتحديات التي تواجهه، أظهرت  وجود "خلل" في عمل المصرف المركزي، يرجع إلى "الإنفاق العام غير المنضبط، والاضطرابات السياسية، والفساد وسوء إدارة الأموال".

وأشار التقرير إلى أنه ومنذ العام 2013، تمول الميزانيات بالعجز، الذي أدى في النهاية إلى ارتفاع الدين العام المحلي ليتجاوز 100 مليار دينار، في دولة تملك موارد نفطية ضخمة.