أعلنت السلطات في مالي إغلاق المناطق الحدودية مع موريتانيا حيث يخوض الجيش عملية عسكرية ضد عناصر تنظيم القاعدة في بلاد المغرب، بعد استهداف عدد من المدنيين الموريتانيين، وقتل عشرات المدنيين الماليين خلال الفترة الأخيرة.
وقالتالداخلية المالية في بيان رسمي، "إنه من أجل المحافظة على العلاقات المتميزة وحسن الجوار بين موريتانيا ومالي، ولحماية المواطنين الموريتانيين والماليين، قررت السلطات المالية أن تمنع بشكل تام حركة المدنيين في غابتي واغادو وغرينغالي، حيث تجري عملية (ماليكو) العسكرية".
ويطلق الجيش المالي اسم "ماليكو" على عملية عسكرية يخوضها منذ أسابيع ضد عناصر تنظيم القاعدة، خاصة مقاتلي جبهة "تحرير ماسينا" الذين يتمركزون في غابة واغادو التي تبعد عن الحدود الموريتانية 110 كلم، حيث تم اكتشاف قبور جماعية لمدنيين في هذه الغابات، كما قتل 7 موريتانيين في شهر يناير الماضي، واختفى أكثر من 31 موريتانيًّا بالمنطقة الحدودية مع مالي.
تأتي هذه الخطوة بعد ساعات من مغادرة وفد رفيع من مالي العاصمة الموريتانية نواكشوط، وأجرى خلالها لقاءات مع المسؤولين الموريتانيين، حيث اتفق الجانبان على تنظيم دوريات عسكرية وأمنية مشتركة لتفادي حوادث القتل الذي يتعرض له المدنيون على طول الشريط الحدودي المشترك بين البلدين.
جاء في بيان مشترك، صدر عن زيارة وفد حكومي مالي كبير ترأسه وزير الخارجية المالي عبد الله ديوب، أن الدوريات المشتركة ستقوم بعملها على الشريط الحدودي المشترك الذي وقعت فيه مذبحتان راح ضحيتهما عشرات المدنيين العزل.
وأشار البيان إلى أن الحكومتين وافقتا كذلك على تشكيل بعثة مشتركة لتحديد ملابسات حادث مقتل 44 مدنيًّا موريتانيًّا الأسبوع الماضي عند نقطة "بئر العطاي" داخل الأراضي المالية عند الشريط الحدودي المشترك، كما اتفقت الحكومتان على نشر نتائج التحقيق في مقتل 7 موريتانيين في يناير الماضي داخل الأراضي المالية في نفس الشريط الحدودي ومعاقبة الضالعين في الأعمال الإجرامية التي راح ضحيتها مدنيون موريتانيون.
من جانبه، قال الكاتب والمحلل السياسي من مالي، إبراهيم صالح، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن "الحادث الأخير ليس الأول، حيث سبق أن قُتل في سبتمبر من عام 2012، نحو 12 موريتانيًّا بطريقة مشابهة، ووجهت الاتهامات إلى الجيش المالي.
وتابع صالح: "رغم الصدمة الكبيرة من الحادث في موريتانيا، والإجراءات التي اتخذتها السلطات، فإن تأثر العلاقات بين البلدين بالحادث لن يكون طويلًا، لأن الطابع الاستراتيجي وروابط المصاهرة بين البلدين كفيلان بالخروج من الموقف، كما أن التوجّه إلى المقاربة الجنائية أقرب إلى معالجة الموقف من استخدام المواقف السياسية".
وتتمسّك الحكومة المالية بعدم تورط جيشها في حادثة "بئر العطاي"، وتؤكد أنه بناء على أدلةٍ وفرتها الأجهزة التكنولوجية، فإنه لم تكُن هناك أي دورية للجيش المالي في منطقة "بئر العطاي" في ذلك التاريخ، وبالتالي لا دليل يثبت تورط الجيش المالي في الحادث.
وأكدت الحكومة في بيان رسمي، احترافية القوات المسلحة المالية الحريصة على احترام حقوق الإنسان، مشيرة في السياق ذاته إلى أنه منذ نهاية العام الماضي استجوب الجيش المالي 29 مواطنًا موريتانيًّا داخل أراضي مالي وأفرج عنهم.
وفي سياق متصل، قال الكاتب والمحلل والسياسي الموريتاني محمد البشير -في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"- إن عددًا من سكان مدينة "باسكنو" الموريتانية، نظموا وقفة احتجاجية أمام مبنى المقاطعة للمطالبة بكشف مصير عدد من أبناء المدينة المفقودين بعد دخولهم الأراضي المالية.
وحسب البيان المشترك، فقد اتفق الجانبان على إنزال أشد العقوبات ضد المتورطين في أعمال القتل وفق القوانين المالية، وإنشاء إطار مشترك للتشاور بين البلدين لتبادل المعلومات لضمان تلافي وقوع الأحداث المؤلمة.. وتشترك موريتانيا مع مالي في حدود يبلغ طولها 2200 كيلومتر، والتي تشهد نشاطًا لجماعات إرهابية ومهربين.