برز اسم جعفر الصدر، السفير العراقي لدى بريطانيا، وابن عم زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، مرشحاً وحيداً لمنصب رئاسة الوزراء، خلال الساعات الماضية، فيما ألمح رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي، إلى انتهاء مهامه.
وعقب الانتخابات النيابية التي أجراها العراق، في أكتوبر الماضي، أعلن الصدر رغبته بتسلم تياره رئاسة الحكومة المقبلة، وأبدى رفضه التقارب مع قوى "الإطار التنسيقي" التي تضم عدة أحزاب وحركات سياسية لأجنحة مسلحة مقربة من إيران.
المكالمة المفاجئة
لكن الصدر، فاجأ الجميع، عندما أجرى اتصالاً هاتفياً مع رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، على رغم العداء المستحكم بين الطرفين، فيما رأته أوساط سياسية بأنه انفراجا في الأزمة العراقية، التي استفحلت بسبب تمسك الأطراف برأيها.
ودام الاتصال نحو عشرين دقيقة، طرح فيها الصدر، اسم ابن عمه، جعفر الصدر، مرشحاً لرئاسة الحكومة، وطلب رأي المالكي في ذلك.
وقال مصدر مطلع رفض الكشف عن هويته، لـ"سكاي نيوز عربية" أن "المالكي لم يبدِ رفضاً، تجاه جعفر الصدر، وإنما طلب مشاورة الإطار التنسيقي، ولكن عندما طلب الصدر رأيه شخصياً، أكد موافقته على هذا الخيار".
وأجرى الصدر سلسلة اتصالات هاتفية مع عدد من الزعماء السياسيين؛ بمن فيهم رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، ورئيس البرلمان محمد الحلبوسي، فضلاً عن رئيس تحالف السيادة، خميس الخنجر، لطرح اسم الصدر.
وعلى رغم عدم صدور بيان رسمي، بشأن هذا الترشح، إلا أن نواباً في البرلمان، وقادة سياسيين أكدوا طرح اسم الصدر، خاصة وأنه يحظى بقبول جيد.
فمن جهة قوى الإطار التنسيقي، وائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي، فإن جعفر الصدر، هو نجل مؤسس حزب الدعوة، ويتوافق مع رؤيتهم في الكثير من المناحي، ولا يمكنهم رفضه، أما التيار الصدري، وإن كان جعفر لا ينتمي لمنظومة التيار بشكل فعلي، أو يمارس مهامّ كما هو حال الآخرين، لكنه لقربه من العائلة سيكون مرشحاً مناسباً.
وكتب النائب في تحالف السيادة، مشعان الجبوري، على حسابه في "تويتر": "بعد اتصال السيد مقتدى الصدر بالسيد نوري المالكي، وما تسرب عن اجتماع قادة الإطار التنسيقي أصبح من شبه المؤكد أن السيد جعفر الصدر سفير العراق في لندن هو رئيس الوزراء القادم".
كما قال السياسي العراقي، البارز، عزت الشابندر، عبر "تويتر": "انتهى اجتماع الإطار إلى الترحيب بمبادرة السيد مقتدى الصدر وتأكيد عدم ممانعته لترشيح السيد جعفر الصدر لرئاسة الحكومة".
وأضاف أن "اجتماع الإطار التنسيقي بعد العرف المعتمد وهل هو التوافق أم الاتفاق بين التيار الصدري والإطار التنسيقي وهل هما كتلة واحدة أم كتلتان".
لا حكومة أغلبية إذن!
في هذا الإطار، يرى الباحث في معهد واشنطن، منقذ داغر، أن "ما حصل يعني عدم وجود حكومة أغلبية كما دعا لها الصدر، بل سيمضي الجميع نحو حكومة توافقية كما أسماها الصدر (خلطة العطار)، كما أن هذا التوافق الجديد سيحل الانسداد السياسي، دون الانسداد الأساسي في العملية السياسية برمتها".
ويضيف داغر في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية" أن "جعفر الصدر، ربما لا يتمكن من التوفيق بين هذه المكونات، التي تسعى إلى خدمة مصالحها، كما أن الخلافات المنهجية العميقة بين تلك الأحزاب ستنعكس على أول شهر للحكومة الجديدة، وستكون حاضرة في المشهد السياسي".
ولفت إلى أن "أول اختبار سيحصل هو مسألة الدولار، بل إن الملف الاقتصادي بالذات سيفرز الكثير من المشكلات، بالإضافة إلى الموقف الأمني، والتعاطي مع الفصائل المسلحة".
وباتت مسألة ترشيح الصدر، شبه حتمية، في الأوساط السياسية، التي بدأت تتموضع وفق هذا المسار، وترتب أوضاعها، على مقاسات رئيس الحكومة الجديد.
على الجانب الآخر، قال رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي، وهو كان أحد المرشحين أيضاً لمنصب رئاسة الوزراء: "أدينا الواجب الذي استُدعينا من أجله في خدمة شعب العراق العظيم".
وأضاف، في بيان له: "لم نتردد أو نتقاعس أو نساوم على حساب المصلحة الوطنية، ولم نقدم مصالحنا على مصالح شعبنا، كما لم ننجر إلى المساجلات والمزايدات".
وتابع "أوصلنا الوطن إلى انتخابات حرة نزيهة، ووضعنا بصبر أسس تجاوز الأزمات الاقتصادية والأمنية والاجتماعية الكبرى رغم العراقيل الداخلية والتحديات الخارجية، وأعدنا العراق عزيزاً إلى المجتمعين الإقليمي والدولي، وفتحنا طريق مكافحة الفساد والمفسدين واستعادة الدولة من براثن اللادولة. وأخرسنا الإرهاب وخلاياه وذيوله بعزم أبطال قوانا العسكرية والأمنية والاستخبارية".
واعتُبر هذا البيان، دليلاً على قدوم جعفر الصدر، مرشحاً للرئاسة، أو جرى التوافق عليه بالفعل.
من هو جعفر الصدر؟
وجعفر الصدر، سياسي عراقي، ولد في النجف عام 1970، وهو نجل مؤسس حزب الدعوة الإسلامية والمرجع البارز محمد باقر الصدر، وتولى منصب مستشار لرئيس جمهورية العراق 2009، ثم شغل منصب عضو مجلس النواب للدورة 2010، كما شغل منصب الممثل الدائم للعراق لدى المنظمة البحرية الدولية IMO منذ شباط/ فبراير 2020.
حصل على ماجستير في علم الاجتماع اختصاص في علم المعرفة من الجامعة اللبنانية 2018 وأحرز الشهادة الجامعية في علم الاجتماع العام - الجامعة اللبنانية 2011.