تتجه الحكومة المصرية لزيادة دعم دور المجتمع المدني في تمويل وتنفيذ خطة التنمية الاقتصادية، فيما تطالب مؤسساته بأن تعتبرها الحكومة "شريكا تنمويا رئيسيا" وتترك لها مساحة أكبر في حرية الحركة والعمل.
وبتعبير وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية نيفين القباج فإن: "العلاقة بين الحكومة والمجتمع المدني اختلفت الآن حيث تراه الحكومة جيدا بل وتتنافس عليه، وبدأت الجمعيات تعمل في التعاون مع الحكومة في العديد من المبادرات والمشروعات".
حديث الوزيرة جاء خلال ندوة عقدها المركز المصري للدراسات الاقتصادية لمناقشة نتائج الدراسة التي أعدها عن دور المجتمع المدني بعنوان: "المجتمع المدني كمحرك أساسي للتعافي الاقتصادي والاجتماعي.. كيف ننقذ المارد النائم؟".
الدراسة التي سعت لوضع تصور لمستقبل المجتمع المدني، أشارت إلى غياب الرؤية التنموية عنه، وتركيزه على الأدوار الخيرية، كما أنه يظهر كطرف متلق أكثر من كونه قادرا على التأثير في المجتمع، وهو ما ظهر خلال قانون العمل الأهلي عام 2017 وتناقص عدد الجمعيات في ذلك العام.
ويبدو أن هذا ما دعا نيفين القباج للقول بأن الحكومة تدخلت لتعديل الوضع وكي يتضمن القانون تشريعات تحمي المجتمع المدني، حيث أن النسخة الأولى من القانون التي وضعها البرلمان كانت "تضييقية" بحسب وصفها.
وزاد عدد الجمعيات الأهلية من 24 ألف إلى أكثر من 54 ألف بين عامي 2014– 2015، وهو ما تسبب في التشكيك حول ما إذا كانت هذه الزيادة الكبيرة وراءها صحوة مجتمعية أم عودة للجماعات (في إشارة إلى جماعة الإخوان الإرهابية) مرة أخرى من الأبواب الخلفية، بحسب الوزيرة.
وحول حجم التمويل من الجمعيات الأهلية خلال 2021، لفتت إلى أنه بلغ 2.5 مليار جنيه من التمويل الأجنبي، و5 مليار من التمويل المحلى، وهو ما يشير إلى بداية الاعتماد على التمويل المحلى بشكل أكبر، مشيرة إلى أن من أهم أنشطة الجمعيات حماية العمالة غير المنتظمة.
مطالب المجتمع المدني
وبوصف دراسة المركز المصري، فإن الإجراء المطلوبة لإفاقة "المارد" أن تنظر الدولة للمجتمع المدني باعتباره شريكا تنمويا رئيسيا، وإفساح حرية أكبر له بتقليل التدخل الحكومي في شئونه، ويكون دعمها مركزا على أمور تنظيمية.
من جانبها، أعربت المدير التنفيذي ومدير البحوث بالمركز المصري للدراسات الاقتصادية عبلة عبد اللطيف عن مخاوفها مما ذكرته وزيرة التضامن من تنافس الوزارات على المجتمع المدني؛ حتى لا يتفكك الإطار المؤسسي المنظم لعمل هذه الجمعيات.
واعتبرت عبلة أن المصالحة المطلوبة بين الدولة والمجتمع المدني أن تعتبره شريكا.
من جانبه، يعتبر مدير مركز جون د. جيرهارت للعمل الخيري في الجامعة الأميركية بالقاهرة على عوني ما وصفه بتعقد القوانين يحول دون رغبة الأفراد في المشاركة في العمل المدني الرسمي، ويفضلون العمل غير الرسمي.
وأوصت الدراسة في هذا الصدد بتحقيق استقلالية أكبر للمجتمع المدني، وألا تتدخل الدولة إلا في المبادئ العامة لتنظيمه.
وبخصوص توفير التمويل، دعت نهى المكاوي، ممثل منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مؤسسة فورد مصر، إلى زيادة التمويل المحلى للمجتمع المدني، خاصة في ظل النظرة السلبية له والتشكيك في نواياه، مع توفير حرية تداول المعلومات.
وقوبلت مؤسسات المجتمع المدني الخيرية والدينة بنظرة سلبية في مصر عقب 2011، بعد تورط بعضها في دعم الإرهاب الذي استهدف البلاد حينها، أو كونها أداة لتدخل أجنبي ولذا سعت في السنوات الأخيرة لتغيير هذه الصورة.