قال خبراء ليبيون إن المبادرة التي طرحتها المستشارة الدولية ستيفاني وليامز في ليبيا "مجملها جيد" كونها محددة الوقت، لكن نجاحها مرهون بالتوافق بين مجلسي الدولة والنواب.
ومع احتدام التجاذبات السياسية في ليبيا وسيادة التوتر في طرابلس، أعلنت المستشارة الأممية مبادرة لحل الأزمة الراهنة لمنع انزلاق البلاد في أزمة قد تقود إلى صراع عسكري جديد.
ووجهت وليامز خطابين إلى رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، مقترحة تسمية 6 ممثلين عن المجلسين لتشكيل لجنة تضع قاعدة دستورية توافقية، على أن يبدأ عملها يوم 15 مارس ولمدة 14 يوما.
ووفق المستشارة الأممية، فإن حل الأزمة لا يتم عبر تشكيل إدارات متنافسة ومراحل انتقالية دائمة، بل "لا بد من إيجاد حل توافقي يحفظ للبلاد وحدتها".
وقالت السفارة البريطانية في ليبيا إن القائمة بالأعمال كيت إنغلش اتفقت مع صالح على أهمية التعامل مع مبادرة المستشارة الخاصة للأمم المتحدة، لتحديد الأساس الدستوري للانتخابات.
وأوضحت السفارة في بيان تلقى موقع "سكاي نيوز عربية" نسخة منه، أن القائمة بالأعمال ورئيس مجلس النواب اتفقا على أهمية الاستقرار وضرورة التسوية والحوار في هذا الوقت المهم من المرحلة الانتقالية في ليبيا.
وأعلن الاتحاد الأوروبي دعمه لمبادرة وليامز بشأن ليبيا، القاضية لتشكيل لجنة لبحث سبل إجراء الانتخابات والحفاظ على حالة السلم هناك.
وطالب الاتحاد الأوروبي، في بيان، الجهات السياسية الفاعلة في ليبيا بالامتناع عن اتخاذ إجراءات من شأنها تعميق الانقسامات وتقويض الاستقرار الذي تحقق بصعوبة، منذ توقيع اتفاق وقف إطلاق النار في أكتوبر 2020، والقبول على الفور بالمبادرة تلافيا للوقوع في أزمة.
توتر في طرابلس
يـأتي ذلك في وقت دخلت فيه طرابلس أجواء ملتهبة بتحرك حشد ضخم للميليشيات نحوها، وذلك بعد أن نالت حكومة فتحي باشأغا الثقة وحلف معظم وزرائها اليمين الدستورية.
ويعتقد أن السيارات العسكرية التي دخلت طرابلس تتبع رئيس الحكومة المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض ترك منصبه، فيما أغلق المجال الجوي لليبيا لمنع الوزراء من الوصول للجلسة، واختطف مسلحون وزراء من الحكومة.
ويعقد مجلس الأمن الدولي في 16 مارس الجاري جلسة لبحث أوضاع ليبيا، ومن المقرر أن تقدم المستشارة الأممية إحاطة لما آلت له الأمور في البلاد، وتفاصيل المبادرة التي اقترحتها على مجلسي النواب الدولة.
اتجاه للتصعيد
واعتبر المحلل السياسي الليبي الصادق الجراي في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، أن المبادرة الأممية الجديدة "قد تكون حلا وقد لا تأتي بنتائج، فالوضع مرهون بتوافق مجلسي النواب والدولة".
وأضاف الجراي أن الحل الأممي الجديد "قد يصعب التنبؤ بأنه سينجح أو سيفشل، فالأمر كله يعود إلى مدى التوافق بين المجلسين".
وأوضح أن "خطوة عقد الحكومة اجتماعها الأول في طبرق تشير إلى حجم التوتر في طرابلس"، مقترحا انتقال الحكومة إلى سرت وسط الساحل الشمالي للبلاد قبل مباشرة أعمالها من طرابلس.
وتوقع الجراي أن "الحالة الأمنية في طرابلس تتجه للتصعيد، والأمور خرجت من زمام مجلس حكماء مصراتة الذي يدير الأزمة".
وبتعبير المحلل السياسي، فإن "غلق المجال الجوي وخطف وزراء رسالة قوية بأن باشأغا لن يعمل في طرابلس، وأن الدبيبة لن يسلم الحكومة بشكل سلس".
ورجح المتحدث أن وجود تشكيلات مسلحة موالية للطرفين في العاصمة يشير إلى أن "الاصطدام سيحدث في أي وقت، وهو ما يظهر انقساما جديدا في طرف كان متماسكا طوال 10 سنوات، هو الذي ينتمي إليه باشأغا والدبيبة".
طرابلس غير آمنة
وحسب المحلل السياسي الليبي سلطان الباروني، فالوضع يثير القلق واختطاف وزراء خطوة غير متوقعة، مرجعا حدوثها إلى "عدم تفكيك الميليشيات المسيطرة على طرابلس"، واقترح نقل الحكومة إلى سرت لتفادي نشوب نزاع عسكري.
وأكد الباروني في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن المبادرة الأممية في المجمل قد تكون جيدة، و"المميز فيها أنها محددة الوقت، وقد تكون حاسمة في وضع قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات".
واعتبر أن اختيار طبرق بديلا مؤقتا لعقد اجتماعات الحكومة قد يكون حلا لحين التفاوض بشأن رحيل الدبيبة.
وأكد الباروني أن إغلاق المجال الجوي دون سبب قوي "مخالف للدستور ويقوض السلم العام، وهذه الأشياء لم تحدث في ليبيا إلا بعد ثورة 2011 لتحجيم حركة القوات التي تدافع عن نظام حكم (الزعيم الليبي الراحل) معمر القذافي".