على وقع اشتداد الأزمة الأوكرانية،  انتشرت مخاوف في الأوساط السورية أن تعصف ببلادهم التي نخرتها الحرب الأهلية أزمة جديدة، خاصة في القمح والطاقة، وسط انهيار جديد في العملة المحلية.

 وأكد مستشار في رئاسة الحكومة السورية، أيوب عريش، أن الأزمة الأوكرانية تحمل تأثيرات واسعة على الاقتصاد العالمي، ومن ضمنها سوريا التي ستطال آثارها قطاع الكهرباء.

وتوقع عريس ارتفاع معظم أسعار السلع وتوريدات القمح بشكل أساسي.

وأوضح أن التداعيات ستصل إلى قطاعات النقل وأسواق المال والتأمين والإمداد الدولي، إلى جانب أسواق المواد الأولية والسلع الاستراتيجية كمشتقات الطاقة.

وقال إنه من المتوقع حدوث ارتفاع كبير في تكاليف التوريد، الذي قد يضعف قدرة توريد مشتقات الطاقة، ومنها الوقود الخاص بإنتاج الكهرباء مما ينعكس سلباً على البلاد .

انهيار العملة

من جانبه، يعتقد الخبير الاقتصادي، مصطفى خليل، أن الأسواق السورية ستشهد ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار، وبشكل يومي في مختلف السلع لاسيما الخبز.

وأضاف في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" أن سعر برميل النفط ارتفع إلى أكثر من 100 دولار ، وهذا عبء يفوق قدرة الحكومة السورية بتحمله.

وبناءً على ذلك، فقد تلجأ الحكومة لرفع أسعار المشتقات النفطية من غاز وبنزين والسولار لتضيف مزيدا من الأعباء على السوريين، مسببة زيادات متتالية وكاوية في أسعار السلع التي يدخل الوقود في إنتاجها ومنها وقود الأفران.

وتابع: "المتوقع أن تشهد الليرة السورية انهيارا غير مسبوق في قيمتها، وهو ما يؤثر على جيوب المواطنين لاسيما الفئة العاملة لدى مؤسسات الدولة، التي تتقاضى أجورها الشبه ثابتة بالعملة السورية فرواتبهم لا تتعدى الـ40 دولاراً شهرياً".

ونوه الخبير الاقتصادي إلى أن الحرب الروسية الأوكرانية نتائجها وخيمة على سوريا التي باتت على شفير المجاعة، خاصة وأن 83 بالمئة من مواطنيها في الداخل يعيشون تحت خط الفقر.

أخبار ذات صلة

مصر.. خطة لاستيراد القمح من دول غير روسيا وأوكرانيا
تداعيات غزو أوكرانيا تطال 500 مليون شخص.. خطر يهدد مصر وتونس

المساعدات الإنسانية متضررة

ترى كيلي بيتيلو، محللة شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية أن اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية ستؤدي لوجود أزمة انسانية في أوكرانيا.

وبحسب بيتيلو، فإن هذه الأزمة ستؤدي حتما لتحويل التمويل والموارد الطارئة نحوها، مما سيشكل حالة ضغط على برنامج المساعدات الإنسانية على اللاجئين الذي يستفيد منه لاجئو دول الشرق الأوسط ومنها السوريين في الداخل وفي دول الجوار.

وحذرت كيلي من الأثر الذي قد تتسبب به زيادة الضغط على المساعدات الإنسانية على الوضع في سوريا، التي يعتمد اقتصادها على المساعدات الإنسانية.

ومن المتوقع أن تتأثر بالعقوبات الأميركية على روسيا، كما أن تعتمد أنقرة وبيروت وعمان التي تستقبل آلاف اللاجئين السوريين اعتمادا كبيرا على المساعدات الإنسانية، مما يزيد وضعها تعقيداً بسبب الوضع السياسي والاقتصادي المحلي غير المستقر.

جنون الأسعار

وقفزت أسعار السلع والأدوية واللحوم منذ الخميس بنسبة 300 بالمئة.

ويصف رضوان الأسعد، وهو معيد سابق في كلية الاقتصاد في جامعة حلب،  في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" ىهذا الارتفاع بـ" الموت البطيء".

وقال إن هذا الارتفاع جاء بعد رفع الحكومة الدعم عن 600 ألف عائلة.

أما الخبير الاقتصادي، مصطفى خليل، فيلاحظ أن بعض أسعار الأدوية ارتفعت ثلاثة أضعاف وأخرى 4 أضعاف والغلاء طال الخضار والفاكهة والذهب.

وأضاف: "مع ارتفاع اسعار الأدوية سترتفع أسعار الطبابة (الرعاية الصحية) أيضاً فمعاينة الطبيب في مدينة حلب كانت تتراوح قبل الأزمة الأوكرانية بين 25/30 ألف ليرة سورية وبعض الأطباء رفعوها إلى 50 ألف ليرة (مايعادل 28 دولار) والمشافي ارتفعت اجورها ثلاثة أضعاف بعد اندلاع الحرب.

خطة استباقية 

وخلال مؤتمر صحفي بوزارة الإعلام في دمشق، الخميس، قال وزير الاقتصاد السوري محمد سامر الخليل أن الحكومة أعلنت بعد جلسة استثنائية خطة لإدارة الاوضاع الاقتصادية والمعيشية للتخفيف من انعكاسات الأزمة الأوكرانية على البلاد.

وأكد المسؤول الحكومي عن خطة استباقية تعدها الحكومة تستهدف وضع سيناريوهات أساسية لمواجهة الأزمات الطارئة حالياً.

وعن تكلفة استيراد القمح والنفط، لفت الخليل أن سوريا تستورد بالعملة الأجنبية أكثر من 180 ألف طن شهرياً من مادة القمح، أما استيراد النفط فيكلف أكثر من مليارين ونصف المليار يورو سنوياً.

وتتضمن خطة الحكومة خلال الشهرين القادمين التقشف والإرشاد في إدارة مخزون المواد الأساسية كالسكر والزيت والقمح وغيرها والتدقيق في مستويات توزيعها.

وإلى جانب ذلك، سيتم تشديد الرقابة على اسواق الصرف لضمان عدم التلاعب باستقرارها ومنع مظاهر الاحتكار ورغم ذلك شهدت الأسواق ارتفاعاً غير مسبوق للأسعار منذ اندلاع المعارك بين روسيا وأوكرانيا.