أثمرت استراتيجية الجيش الوطني الليبي في محاصرة عناصر "داعش" جنوبي البلاد، عن سقوط خلية للتنظيم الإرهابي في طرابلس، بعد أن فرت إلى العاصمة تحت وطأة الضربات التي تعرض لها التنظيم مؤخرا.

واعترف عناصر "داعش" المضبوطين مؤخرا بمحاربتهم الجيش الوطني في بنغازي خلال عام 2016، بعد مبايعتهم أمير "داعش" حينها محمود البرعصي، الذي قتل بعد ذلك عام 2018، وبعد طردهم من المدينة اتجهوا إلى سبها جنوب البلاد حيث أقاموا في إحدى ضواحيها.

"سكاي نيوز عربية" في سبها بعد تدمير الجيش خلية لـ"داعش"

ثم تواصلوا مع المدعو أحمد الخشمي، المكنى بالعدناني، وهو مسؤول تسهيل وتنسيق وصول الراغبين بالالتحاق بتنظيم "داعش" في الجنوب، سواء كانوا ليبيين أو أجانب، ونفذوا عددا من العمليات التي استهدفت رجال الأمن والجيش، بالإضافة إلى المؤسسات العامة منذ عام 2017، لكن مع تضييق الخناق عليهم وقصف العناصر في الصحراء، اضطروا إلى الذهاب لطرابلس.

وفي العاصمة حاولوا جمع شلمهم، حيث كانوا يلتقون في أماكن عامة، وضلعوا في التنسيق مع عناصر التنظيم في المنطقة الغربية، قبل أن يلقى القبض عليهم.

أوكار التنظيم في الجنوب

وقال الناطق باسم المجلس البلدي سبها أسامة الوافي، إن الجنوب يمثل بيئة مناسبة للإرهابيين بمساحته الكبيرة وصحرائه الممتدة، و"به مدن متناثرة أكبرها سبها، ومعها العديد من القرى والأرياف التي ينشط المتطرفون فيها، خصوصا جبال الهروج أو الجبال السودة القريبة من مدينة الجفرة، وكذلك في الدوائر الزراعية جنوب شرق سبها، وتحديدا على بعد من 60 إلى 70 كيلومترا من المدينة".

وأكد الوافي في حديثه إلى موقع "سكاي نيوز عربية"، توجيه الجيش الليبي ضربات قوية للإرهابيين والمرتزقة، ما ينعكس إيجابيا على الحالية الأمنية في الجنوب.

أخبار ذات صلة

كيف يؤثر الانسحاب الفرنسي من مالي على ليبيا؟
داعش يتحرك من ليبيا.. نقطة انطلاق جديدة "ترعب" العالم

وما يعلمه الأهالي والأجهزة الأمنية والعسكرية في الجنوب، حسب الوافي، أن الجماعات الإرهابية لها علاقات وثيقة مع شخصيات نافذة في الغرب تقدم لهم التمويل، وأيضا جهات أجنبية.

وفي السياق ذاته، أكد المحلل السياسي الليبي محمد الزبيدي أن عناصر "داعش" تستهدف الجنوب بسبب مساحته الشاسعة، ووجود جبال وأودية يصعب التحرك خلالها، في حين لا يقطنه إلا عدد قليل من السكان في بلدات متناثرة غير ومترابطة.

تحذيرات من "غزو" داعش

لكنه أشار إلى استمرار مشروع التنظيم الإرهابي من أجل خلق "موطئ قدم له" في المنطقة، مشيرا إلى أن طرابلس سبق وكانت محل إقامة لعناصر إرهابية قدمت التمويل للإرهابيين في الجنوب، واشترت لهم الأسلحة والدعم اللوجيستي من مليشيات تنشط في الغرب الليبي.

ولفت إلى ارتباط الجماعات الإرهابية في الجنوب مع أخرى تنشط في النيجر، إضافة إلى ما يعرف باسم "تنظيم الدولة في المغرب الإسلامي"، مما يشكل تهديدا لأمن المنطقة بأسرها.

وسبق أن حذرت قوى دولية وإقليمية من نية "داعش" اتخاذ ليبيا نقطة انطلاق له لتنفيذ موجة جديدة من الهجمات الإرهابية، في دول شمال إفريقيا ومنطقة الساحل الإفريقي.

ووفق تقارير نشرتها صحيفة "ليدرشب" النيجيرية، فإن "داعش" يريد توسعة نفوذه في منطق الساحل وشمال إفريقيا عن طريق استغلال الفوضى في ليبيا لإعادة تنظيم قواته.

كما حذر تقرير صادر عن مؤسسة ثقافة الاستخبارات والتحليل الاستراتيجي الإيطالية مؤخرا، من إمكانية تعرض دول الساحل الإفريقي إلى الغزو من "داعش"، استغلالا للأوضاع الأمنية الهشة هناك.