يرى خبراء أن العلاقات بين دولة الإمارات وتركيا تشهد تحسنا كبيرا خلال الفترة الحالية إذ يرغب البلدان في تجاوز خلافات الماضي وفتح صفحات جديدة للتعاون الاقتصادي والسياسي.
وتشكل زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى الإمارات، اليوم الإثنين، خطوة مهمة على طريق تعزيز العلاقات الاستراتيجية المتنامية بين دولة الإمارات وتركيا، ونقلها إلى مستوى أكثر تقدما.
وشهدت العلاقات الإماراتية-التركية في نهاية عام 2021 نقلة نوعية تزامنت مع زيارة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتركيا، تلبية لدعوة وجهها الرئيس التركي، لتكون هذه الزيارة محطة رئيسية في مسيرة تعزيز العلاقات بين البلدين والتي ترتكز على المصالح المشتركة بينهما.
تحسن الوضع الاقتصادي
المحلل الاقتصادي التركي، حسن سيفري، قال إن الاستثمارات التي أعلنت دولة الإمارات عن ضخها في الاقتصاد التركي ستساعد الحكومة خلال الفترة الحالية على الخروج من المأزق الذي تمر به حيث إن الليرة وصلت إلى مستويات كبيرة في التراجع، وبالتالي فإن زيارة الشيخ محمد بن زايد لتركيا وزيارة الرئيس أردوغان للإمارات تعطي دفعة للعملة التركية.
وأضاف سيفري، لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه الاستثمارات ستكون عاملا يقوي موقف الحكومة في ظل الدعوات التي تخرج مطالبة بالتغيير في ظل الوضع الاقتصادي لأن الوضع لا شك سيتحسن وسيتجه نحو المزيد من جذب الاستثمارات كما نأمل الحكومة.
كسر الجمود
المحلل السياسي، مهند حافظ أوغلو، قال إن زيارة الشيخ محمد زايد لتركيا كانت نواة لتشكيل تحالفات سياسية جديدة تبدأ بتركيا والإمارات وسوف تتوسع مستقبلا، لأن مصالح تركيا والإمارات تقتضي أن يكون هناك تقارب في وجهات النظر، وهو أمر لا يعني عدم وجود خلافات في بعض الملفات لكن هذا الأمر يتم تداركه.
وأضاف حافظ أوغلو، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الاقتصاد يدفع السياسة، والسياسة توجه الاقتصاد نحو الرؤى المشتركة للدولتين، لأنها سوف تنعكس على الملفات الإقليمية الشائكة في المناطق التي تحتاج إلى حلول عملية ناجزة، مضيفا "أن الإمارات وتركيا لهما ثقل ودور كبير في المنطقة ويجب التنسيق بينهما لضبط إيقاع هذه الأدوار لجني ثمار هذا التعاون".
أشار المحلل التركي إلى أن الفترة الماضية شهدت كسرا للجمود في العلاقات التركية-العربية، كما حدث في المحادثات مع مصر وبعدها زيارة الشيخ محمد زايد لتركيا وزيارة الرئيس أردوغان للإمارات، وربما في القريب نشهد انفراجة في العلاقات التركية-السعودية في القريب، وهو الأمر الذي ينعكس بشكل إيجابي على الداخل التركي.
حليف تجاري
الكاتب والمحلل السياسي التركي، عبد الله أيدوغان، قال إن العلاقات التركية-الإماراتية ركيزة مهمة لاستقرار المنطقة وما يحدث هو نقلة جديدة تفتح آفاقا أرحب لشراكة أوسع.
وأضاف أيدوغان، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن عودة تركيا إلى محيطها العربي ستعود بالإيجاب على الاقتصاد، فالإمارات أكبر حليف لتركيا تجاريا وتوطيد العلاقات يسهم في زيادة الاستثمارات ويعزز اقتصاد البلدين.
وأوضح أن حفاوة الاستقبال للشيخ محمد بن زايد آل نهيان وإبرام الاتفاقيات بين الجانبين يعكسان عصرا جديدا للعلاقات وأن السنوات العجاف انتهت بين الجانبين.
ولفت إلى أن وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قد قام بزيارة إلى الإمارات قبل الزيارة التي يؤديها الرئيس أردوغان لأبوظبي.
سياسات جديدة
الخبير في الشؤون التركية، كرم سعيد، قال إن أنقرة تسعى إلى ترميم سياساتها الخارجية وإصلاح توجهاتها حيال المنطقة خاصة أن سياساتها التي تبنتها خلال السنوات الماضية كانت ارتداداتها سلبية على واقع تركيا.
وأضاف سعيد، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الأمر الثاني أنها تأتي بعد زيارة مهمة للشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى أنقرة، التي أضافت كثيرا لتركيا على المستوى الاقتصادي بعد الاتفاق على صندوق استثماري بقيمة 10 مليارات دولار.
وأوضح أن تركيا تسعى حاليا إلى ترصيص سياساتها الخارجية مع دول المنطقة ليس فقط الإمارات وإنما مع مصر والسعودية وإسرائيل، وهو ما أكده الرئيس التركي في كلمته بالتأكيد على أن "هناك خطوات مماثلة وأكثر قوة ستتخذ في الفترة المقبلة".
وأوضح أن المشهد في تركيا أصبح مختلفا وباتت إدارة أردوغان في حاجةٍ إلى إعادة توظيف العلاقات وإجراء تغييرات كبيرة لإنقاذ الاقتصاد المتهاوي وكذلك تحسين العلاقات مع إسرائيل لتهدئة وتخفيف الضغوط الأميركية في عدة ملفات رئيسية.
علاقات اقتصادية قوية
ويشكل الجانب الاقتصادي أحد أبرز ركائز التعاون المتنامي بين البلدين حيث تعود نشأة العلاقات الاقتصادية القوية بين الإمارات وتركيا إلى فترة تأسيس الاتحاد آخذة في التطور والنمو عبر السنوات، فقد بلغت قيمة التجارة بين البلدين في النصف الأول من عام 2021 أكثر من 26.4 مليارات درهم بقفزة نمو بلغت 100 في المائة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020.
وأعلنت دولة الإمارات مؤخرا عن تأسيس صندوق استثمار بقيمة 10 مليارات دولار في تركيا يركز على الاستثمارات الاستراتيجية؛ وعلى رأسها القطاعات اللوجستية ومنها الطاقة والصحة والغذاء.
تأتي تركيا في المرتبة الـ11 بين أكبر الشركاء التجاريين لدولة الإمارات، بينما تمثل الإمارات الشريك التجاري الثاني عشر لتركيا عالميا والشريك التجاري الأكبر لتركيا على مستوى منطقة الخليج.
ويوجد ما يقارب 400 شركة في تركيا مؤسسة برأس مال إماراتي ويعتبر قطاع العقارات على رأس قائمة الاستثمارات الإماراتية في تركيا إلى جانب استثمارات كبيرة في قطاع المصارف وتشغيل الموانئ والقطاع السياحي.
وبلغ إجمالي تدفقات الاستثمار الإماراتي إلى تركيا نحو 18.4 مليارات درهم في نهاية عام 2020، بينما بلغ رصيد الاستثمارات التركية في دولة الإمارات حتى بداية عام 2020 أكثر من 1.3 مليارات درهم، وتركز الاستثمارات التركية على قطاعات البناء والتشييد والعقارات والقطاع المالي والتأمين والصناعة وتكنولوجيا المعلومات.