أجّجت واقعة اعتقال المُقدّم في وزارة الداخلية العراقية، عمر نزار، المطالب بفتح ملف ضحايا الاحتجاجات الشعبية ومحاسبة المتورّطين فيها، سواءً أكانوا من الأجهزة النظامية أو الفصائل المسلّحة.
هذه الحملة العراقية، التي انطلقت عبر وسائل التواصل الاجتماعي، جاءت عقب التحقيق الذي نشرته منظمة "إنهاء الإفلات مِن العقاب" عن الضابط في قوة الرّدّ السّريع، عمر نزار، الذي أكّد تورطه بعمليات اغتصاب وسرقة وتعذيب معتقلين، إبان العمليات العسكرية ضد تنظيم "داعش" في محافظة نينوى.
كما تحدّث التحقيق، الذي استند إلى شهادات حيّة ووثائق ومراسلات رسمية، عن تورّط الضابط نزار بـ"مجزرة" جسر الزيتون، في محافظة ذي قار، عام 2019، عندما قتل وأصيب المئات من المتظاهرين برصاص القوات الأمنية، حيث ما زالت الحكومة العراقية تُحقّق في ملابسات تلك الحوادث.
ولاقى اعتقال الضابط عمر ترحيبًا واسعًا مِن الأوساط الشعبية ومجتمع الصحفيين وناشطي حقوق الإنسان، الذين أشادوا بخطوة الحكومة العراقية، بينما طالبوا أيضًا بالإسراع في حسم ملف المتورطين بقتل المتظاهرين وتقديمهم إلى القضاء لنَيْل جزائهم.
في هذا الإطار، يرى الخبير في الشأن العراقي، علي البيدر، أنّ "غياب مفهوم حقوق الإنسان في البلاد للتعامُل مع الكثير مِن القضايا دفع المدعوّ عمر نزار إلى ارتكاب الأعمال المشينة، وهو ما يدعو سريعًا إلى فرض قيم حقوق الإنسان، في كُلّ المؤسسات الحكومية، خاصّةً الأمنية كون البلاد تشهد حالةً مِن شبه الطوارئ، وهو ما يعطي بعض الأشخاص إمكانية ممارسة ما يحلو له وفق واقع الحال".
ويُضيف البيدر، في حوار مع "سكاي نيوز عربية"، قائلًا: "يُفترض أن تكون هناك جهة حكومية لديها صلاحيات كبيرة تفتح الباب أمام الشكاوى التي يُقدّمها الأفراد الذين تعرّضوا لانتهاك حقوق الإنسان وأعمال عنف؛ مثل الاغتصاب أو التعذيب وغير ذلك".
ويرى البيدر أن "قضية المتظاهرين والحملة الشعبية الأخيرة حقّقت جزءًا من العدالة، لكن نتمنّى أن تكون هناك إجراءات موضوعيّة تقوم بها الدولة لمعالجة مثل هذه الحالات التي قد تحدُث، لإنصاف الضحايا وتطبيق مفاهيم حقوق الإنسان التي نراها شبه غائبة عن التعامل مع الفرد العراقي في كل الدوائر الحكومية؛ سواءً الأمنية أو حتى المدنية منها".
انتظار لإجراءات الحكومة
ومنذ وصول رئيس الحكومة الحالية مصطفى الكاظمي إلى منصبه في مايو 2020، أطلق حملة واسعة وشكّل عدة لجان للتحقيق في مقتل الناشطين والمتظاهرين، خلال حقبة سلفه، عادل عبد المهدي، حيث تُقدّر أعداد الضحايا بآلاف الناشطين بين قتيل وجريح.
وفي نوفمبر الماضي، تحدَّث الفريق الركن جميل الشمري، وهو كان موفدًا إلى محافظة ذي قار، خلال الاحتجاجات الشعبية، عن تفاصيل حدوث "مجزرة الناصرية" على جسر الزيتون، مشيرًا إلى أن قوات الردّ السّريع هي مَن تورّطت في ذلك.
وقال الشمري، خلال لقاء تلفزيوني بُثّ مؤخرًا، إن "القوات التي التحقت من العمارة إلى الناصرية (ذي قار)، كان تضمّ فوجًا مِن الردّ السريع وهو الفوج الثاني، وآمر الفوج اسمه عمر عبد العزيز فخر الدين، وعندما وصل الفوج إلى جسر الزيتون سحبوا فوج الناصرية".
وأضاف أن "الجسر كان مُغلقًا مِن قِبل المتظاهرين، هذه المعلومة أكّدها مدير المخابرات".
وتابع الشمري أن "الفوج القادم من العمارة استفزّ المتظاهرين وحصلت الصّدامات"، مشيرًا إلى أن "اللجنة التحقيقية أكّدت ضرورة أن يُحاسب الفوج".
ولفت إلى أن "آمر الرّدّ السّريع عمر عبد العزيز مسؤول عن مجزرة جسر الزيتون، إذ أمر بإطلاق النار بشكلٍ مباشر، وهو أكّد للجنة أنّه كان في مكان الحادث، وقال حسب إفادته إنّه لم يتلقّ أي أوامر بإطلاق النار، وتم تجريمه ومعه 5 جنود، واتُّخِذت الإجراءات المناسبة بحقّهم مِن قِبل وزارة الداخلية".
ورغم حديث الشمري، وهو جنرال بارز، فإن الداخلية العراقية رفضت محاسبة نزار وبقي مُستمرًّا في عمله إلى حين إطلاق الحملة الشعبية، بعنوان #حاسبوا- عمر- نزار، بالتزامن مع نشر تحقيق منظمة "إنهاء الإفلات من العقاب"، الذي أظهر جملة انتهاكات ارتكبها الضّابط العراقي.