فيما يبدو أنها محاولة من قبل السلطات العراقية لمعالجة وتدارك التفشي الواسع لجرائم العنف بحق الأطفال والنساء، دعت وزارة الداخلية العراقية البرلمان إلى الإسراع بتشريع مسودة قانون حماية المرأة والطفل.
وكشف مدير عام الشرطة المجتمعية العراقية، العميد غالب العطية، في تصريح لجريدة "الصباح" الرسمية، أن "المديرية سجلت خلال العام الماضي 873 حالة عنفية، توزعت بواقع 786 حالة ضد المرأة و87 حالة ضد الأطفال".
وبين أن "ارتفاع وتيرة تلك الحالات، عزز الحاجة بشكل ملح إلى تطوير القوانين المشرعة أو تشريع قوانين جديدة لا سيما أن هناك جرائم لا يوجد بشأنها نص قانوني، منها جريمة تعنيف الطفل أو جريمة الابتزاز الإلكتروني، وعليه تم إصدار تلك المسودة التي تمت قراءتها من قبل مجلس النواب السابق قراءتين، وبانتظار القراءة الثالثة للتصويت عليها من قبل مجلس النواب الحالي" .
ويرى مراقبون وناشطون مدنيون أن هذه الأرقام المعلنة ورغم أنها ليست قليلة، لكن الواقع على الأرض يشير إلى أضعاف مضاعفة من هذه الحالات، والتي في غالبها تبقى طي الكتمان ولا يتم إبلاغ الجهات الأمنية والصحية المسؤولة بوقوعها.
وتعليقا على موقف الداخلية العراقية الداعي لإقرار قوانين منصفة للمرأة والطفل العراقيين، تقول نور نافع، الناشطة المدنية والحقوقية العراقية، في حوار مع "سكاي نيوز عربية": "بصدد هذه الإحصائيات المتزايدة والمخيفة بشأن تزايد حالات العنف الأسري وما يتعرض له النساء والأطفال تحديدا، لا شك أن ثمة حالات أخرى كثيرة غير مسجلة في مراكز الشرطة، وهذا الارتفاع الحاد حتى وفق هذه الإحصائية الرسمية يدفعنا باتجاه المطالبة بتشريع قوانين تعالج هكذا حالات، ومن أهم هذه القوانين، قانون مناهضة العنف الأسري، وكذلك قانون جرائم المعلومات، الذي يعالج مشكلة الابتزاز الإلكتروني".
وتضيف نور: "لكن الذي حصل مع الأسف خلال الدورة البرلمانية السابقة لمجلس النواب، وحين بادر عدد من أعضاء البرلمان بطلب تشريع قانون العنف الأسري واعتماده، وجدنا كيف أن أصواتا متشددة وقفت ضد تمرير هذا القانون تحت قبة البرلمان، بعضها بحجة الدين وبعضها الآخر بحجة تقاليد المجتمع وأعرافه، أما قانون جرائم المعلومات فهو الآخر مجمد على رفوف مجلس النواب العراقي، لكونه أقحم ضمن قانون آخر يقيد الحريات الشخصية" .
أما الآن فالمعمول به هو تكييف مواد قانون العقوبات العراقي القديم الذي شرع عام 1969، كما تشرح الناشطة الحقوقية العراقية والمرشحة السابقة للبرلمان، مضيفة: "القضاء يعمل على قاعدة التكيف مع هذه المواد وهذه الحالات، لذلك فالحل لوقف هذا التمادي في استهداف الأطفال والنساء العراقيين وانتهاك حقوقهم، يكون من خلال تشريع هذين القانونين، فضلا طبعا عن إشاعة ثقافة مناهضة هذه الممارسات المشينة والمنتهكة لحقوق الإنسان عامة وليس فقط شريحتي النساء والأطفال داخل المجتمع العراقي".
ورغم أن الشبكات والمنصات الاجتماعية العراقية شهدت ترحيبا عاما بهذا التوجه الحكومي الداعي لاعتماد البرلمان قوانين تجرم وتحرم العنف الأسري والمجتمعي عامة ضد النساء والأطفال، لكن بعض روادها يرون في ذلك مجرد قذف للكرة في ملعب البرلمان المنهمك بالقضايا والمشكلات السياسية، دون أن ينعكس بالضرورة إيجابا على معالجة هذا الملف الشائك.