ركزت دراسة حديثة صادرة عن مركز تريندز للاستشارات والبحوث، على ملمح جديد للصراع المحتدم داخل تنظيم الإخوان، يتعلق بالملف المالي، مشيرة إلى احتمالات انهيار المشروع الاقتصادي للجماعة في ضوء الصراع المحتدم بين جبهتي لندن وإسطنبول.
وفي دراستها المنشورة تحت عنوان "صراع المال والسلطة.. ما السيناريوهات المرتقبة لاقتصاد الإخوان في ضوء الأزمة الراهنة؟"، ترى الباحثة المختصة بالإسلام السياسي رشا عمار، أنه في خضم هذه المعركة الطاحنة بين جبهتي التنظيم في لندن بقيادة القائم بأعمال المرشد العام للجماعة إبراهيم منير وهو الأمين العام للتنظيم الدولي، وفي إسطنبول بقيادة محمود حسين ومجموعة من إخوان مصر الهاربين إلى تركيا، في أعقاب عام 2013، بات البعد المالي للصراع حاضرا بقوة، رغم الحرص الشديد من جانب قيادات التنظيم للإبقاء على سريته، خوفا من أن تصيبه الملاحقات الأمنية التي تواجهها الجماعة في عدة دول تصنفها تنظيما إرهابيا، أبرزها في النطاق العربي: مصر والإمارات والسعودية.
وبحسب الدراسة، فإن الجماعة تعيش أزمة طاحنة تتعلق بإدارة مواردها المالية بالتزامن مع تداعي الأزمة الداخلية، المتعلقة بالصراع من جهة والتضييقات الأمنية والسياسية على نشاط التنظيم من جهة أخرى.
وترى الدراسة أن المنظومة الاقتصادية للإخوان تتأثر بحالة التفسخ التنظيمي وتآكل الثقة بين القواعد والقيادات، ونزع الصفة الروحية والدعوية، عن القيادات المتناحرة على السلطة والمال، وذلك سيكون له تأثيره المباشر على حجم المساهمات الفردية، وإحجام القواعد عن تقديم الاشتراكات أو التبرعات "خاصة أن الأزمة قد كشفت جانبا مظلما يتعلق بالفساد المالي والتمييز داخل الجماعة، مثال على ذلك، الاتهامات الموجهة لمحمود حسين من جانب الإخوان أنفسهم، باستغلال منصبه السابق كأمين عام للجماعة للاستيلاء على أموال التنظيم التي كانت تحت يديه، والامتناع عن إرسال المساعدات الشهرية لبعض الأسر الإخوانية".
ووضعت الدراسة عدة سيناريوهات تتعلق بمستقبل منظومة الاقتصاد الإخواني، أبرزها أن تلجأ الجماعة لنقل استثماراتها في مناطق تمثل ملاذات آمنة جديدة، منها على سبيل المثال، دول آسيا مثل ماليزيا، ودول شرق إفريقيا، بديلا عن تركيا وأوروبا، على أن تظل الاستثمارات قائمة في هذه الدول لكن ليس بشكل كبير كما كان في السابق.
ووفق تقرير الاستخبارات الإسبانية الذي صدر مؤخرا، فإن "تنظيم الإخوان يحاول بهدوء نقل الكثير من الأصول التي يملكها، في أوروبا وخصوصا فرنسا، إلى إقليم كتالونيا، بعد ممارسة الحكومة الفرنسية ضغوطات كبيرة على قادة التنظيم".
أما السيناريو الثاني، فيتعلق بأن ينجح أحد طرفي الصراع في تصفية الكتل المناهضة، وحسم الصراع لصالحه، وبالتالي ضم منظومة الإعلام والاقتصاد تحت سيطرته، وهو احتمال ضعيف لعدة أسباب بحسب الدراسة؛ الأول: أن الصراع ممتد ومتعمق حتى إذا انتهى ستبقى آثاره مستمرة، والثاني: أن رجال المال في الجماعة منقسمون في تأييد كلا الطرفين ومعاداة الطرف الآخر ما يعني أن الصراع سيتجدد دائما، والثالث: هو هشاشة الإطار التنظيمي في ظل الأزمات المتلاحقة وهو كما ذكرنا متصل إلى حد كبير بالحفاظ على منظومة الاقتصاد.