جاء إعلان الكتلة الصدرية في العراق عن مقاطعة جلسة انتخاب رئيس البلاد، ليزيد الشكوك حول إمكانية عقد الجلسة، خاصة بعد تشديد المحكمة الاتحادية على ضرورة تصويت ثلثي أعضاء البرلمان.
وتسود تخوفات من دخول البلاد في فراغ دستوري، حيث إن دستور العراق ينص على ضرورة انتخاب رئيس البلاد خلال 30 يومًا من جلسة التصويت على رئيس البرلمان التي تمت في 9 يناير الماضي.
وكانت رئاسة البرلمان العراقي قد حددت 7 فبراير الجاري موعداً للجلسة الخاصة بانتخاب رئيس البلاد إلا أن رئيس الكتلة الصدرية في مجلس النواب، النائب حسن العذاري، قال، خلال مؤتمر صحفي، إنه بأمر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، تقرر مقاطعة جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وتجميد المفاوضات مع الكتل السياسية بشأن تشكيل الحكومة".
ولدى الصدر 163 نائبا بعد تحالفه مع كتل "تقدم" و"عزم" و"التحالف الديمقراطي الكردستاني"، وهو ما يعني عدم قدرة انتخاب رئيس البلاد في حال قرروا مقاطعة جماعية، حيث يستلزم نصاب الجلسة 210 نواب من إجمالي 329 نائبا.
الثلث المعطل
المحلل العراقي، هاشم عبد الكريم، قال إن قرار المحكمة الاتحادية وضع الجميع في ورطة بعد اشتراطها ضرورة حضور ثلثي أعضاء البرلمان، مما يعني أن اختيار الرئيس يجب أن يحدث بالتوافق لأن أيا من التحالفين لا يملك هذا العدد من الأصوات بمفرده.
وأضاف عبد الكريم لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، أن قرار المحكمة شجع قوى "الإطار التنسيقي" على لعب دور " الثلث المعطل" والتلويح بالانسحاب من الجلسة، مما دفع الصدر لأخذ زمام المبادرة وعدم الانتظار للطرف الثاني حتى يربك الجلسة.
وأشار إلى أن قرار الصدر يعني في كل الأحوال أنه لم يتم إقناعه بالتراجع أنه بات من الصعب حسم منصب الرئيس سواء لزيباري أو برهم صالح، مما يعني دخول مرحلة فراغ دستوري.
انسداد سياسي
عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، طارق جوهر، قال إن "العراق يعيش حاليا مرحلة انسداد سياسي لن تتحلحل إلا بالمفاوضات، بعد قرار المحكمة الاتحادية بشأن جلسة انتخاب رئيس الجمهورية وإعلان الكتلة الصدرية عدم المشاركة فيها"، مستبعداً تحقق النصاب القانوني لعقد الجلسة.
وأضاف جوهر، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء العراقية، أن "موضوع تسمية المناصب لا يتعلق فقط بالاتحاد وإنما هو جزء من العملية السياسية التي من المفترض أن يتم التوافق والاتفاق على رسم خارطتها بين القوى السياسية الممثلة للمكونات كردية وشيعية وسنية".
وأوضح أن "هناك تعمقاً في الخلافات سواء في البيت الشيعي أو الكردي، وبدأت العملية بانتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه، ويفترض أن ينتخب رئيس الجمهورية في السابع أو الثامن من فبراير الجاري قبل تكليفه لمرشح رئاسة الوزراء لتشكيل حكومة جديدة خلال 30 يوما".
وأشار إلى أن "هناك حالة انسداد سياسي حالية وضغوطا على الكتل والأخوة في التيار الصدري توصلوا إلى قناعة بعدم المشاركة في جلسة تسمية رئيس الجمهورية وتعليق المفاوضات، وشخصيا نتصور أنهم فتحوا الباب أمام الحوار الجدي بين القوى السياسية الرئيسة سواء بين الاتحاد الوطني والديمقراطي الكردستاني أو التيار والإطار التنسيقي".
تخوفات من النصاب
ولفت إلى أن "المحكمة الاتحادية شددت على وجوب أن يحظى التصويت في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية بوجود نصاب ثلثي العدد الكلي لأعضاء مجلس النواب، وهذا خلق جواً جديداً للعملية السياسية، وفي حال قوطعت الجلسة من جزء يتخطى الثلث فإنها لن تعقد".
واستعبد جوهر حصول نصاب قانوني في الجلسة المقبلة، مشيراً إلى أن "التعويل الحالي سيكون على المفاوضات للتوصل إلى حلول توافقية أو انفراج ينهي الانسداد السياسي".
وأكد أن "الاتحاد الوطني متمسك بمرشحه برهم صالح والاعتراضات على مرشح الديمقراطي، هوشيار زيباري، عبرت عنها كتل وهناك 23 مرشحاً آخر للمنصب، ونعتقد أن حظوظ مرشح الاتحاد ما زالت قائمة".
وأضاف "لا نعتقد أن أحد المرشحين؛ سواء صالح أو زيباري، سيفوز من الجولة الأولى لكن نرجح أن يفوز مرشحنا في الجولة الثانية التي تتطلب أصوات نصف الحاضرين للجلسة وليس ثلثي أعضاء البرلمان كما في الجولة الأولى".
الصدر ليس وحده
بدوره، قال النائب عن تحالف السيادة، مشعان الجبوري في تغريدة على "تويتر"، "بعد قرار التيار المفاجئ بعدم مشاركة كتلته في جلسة انتخاب رئيس الجمهورية ، فإنه من المرجح أن كتلتي "السيادة" و "الديموقراطي الكردستاني" لن تحضرا الجلسة وبذلك لن يتحقق النصاب لها وسندخل في مرحلة الفراغ الدستوري غير المسبوقة!".
وتحالف السيادة مكون من تحالفي "تقدم" بزعامة رئيس البرلمان، محمد الحلبوسي، و"عزم" بقيادة رجل الأعمال، خميس الخنجر.
من جانبه، قال عضو تحالف "السيادة"، محمد الكربولي، في تغريدة له على تويتر، إن "مقاطعة الصدر لجلسة ترشيح رئيس الجمهورية قد تأتي ضمن حسابات تتعلق بوضع قواعد جديدة وربما تحالفات جديدة تتغير بها قواعد العملية السياسية".
غير مؤثر
في غضون ذلك، نقلت وسائل إعلام محلية عن عضو "الإطار التنسيقي"، علي الفتلاوي، أن "مقاطعة الكتلة الصدرية لجلسة البرلمان المخصصة للتصويت على رئيس الجمهورية الجديد، لا تؤثر على سير أعمال الجلسة، معتبراً أنه من الممكن المضي بالجلسة، خصوصاً مع وجود أكثر من 250 نائباً من غير الكتلة الصدرية".
وبين أن "المفاوضات خلال الساعات المقبلة، ربما تشهد وجود اتفاقات جديدة بين الأطراف السياسية، بعيداً عن الكتلة الصدرية، ولهذا تمرير رئيس الجمهورية على الأغلب سيكون يوم الإثنين المقبل، حتى وإن أصرت الكتلة الصدرية على مقاطعة الجلسة".