بعد أيام قليلة فقط من انتهاء معركة سجن الحسكة على إثر محاولة تنظيم داعش الإرهابي، الفاشلة إخراج آلاف العناصر منه، جاء الإعلان عن تصفية زعيم داعش، ما يفتح الباب لتساؤلات عدة بشأن تداعيات ذلك في الحرب على الإرهاب.
فعلى لسان الرئيس الأميركي جو بايدن، كان الإعلان من واشنطن عن قتل زعيم التنظيم، في محافظة إدلب السورية قرب الحدود مع تركيا، ليثير التساؤلات حول هذا التزامن وهل أن تصفية زعيم داعش تمت كانتقام من الهجوم الذي شنه التنظيم في الحسكة، والذي هو أكبر عملية يقوم بها منذ عام 2019، عندما تمت تصفية آخر معاقله العلنية في بلدة الباغوز بريف دير الزور شرقي سوريا على يد قوات سوريا الديمقراطية قسد ذات الغالبية الكردية المدعومة من التحالف الدولي بزعامة واشنطن، أم أنها كانت مقررة قبلا في سياق الجهود المتواصلة للتحالف الدولي في الحرب على داعش.
وحول دلالات هذا التزامن، وكيف ستنعكس هذه العملية إيجابا على جهود مجابهة الإرهاب عالميا، يقول الباحث والكاتب طارق جوهر، المتخصص في الشؤون العراقية والسورية، في لقاء مع "سكاي نيوز عربية" :"ليس بالضرورة أن يكون ثمة ترابط مباشر بين تصفية الإرهابي الكبير قرداش وعملية سجن الحسكة، رغم أن التحالف الدولي قد يكون حصل عبر قوات سوريا الديمقراطية مثلا على معلومات جديدة تتعلق بمكان تواجد زعيم تنظيم داعش في محافظة إدلب، التي تخضع لسيطرة الفصائل التكفيرية السورية وعلى رأسها هيئة تحرير الشام/ جبهة النصرة سابقا، وما تسمى فصائل الجيش "الحر" وهذا أيضا يكشف مجددا مدى التداخل العضوي والتنظيمي بين داعش وفصائل تدعي كونها معارضة سورية والمرتبطة بالائتلاف السوري، وهذه الفصائل مطالبة الآن بتوضيح موقفها، وبتقديم تفسير مقنع حول كيفية تمكن زعيم داعش من الاختباء في المناطق الخاضعة لسيطرتها والاحتماء فيها".
على الأرجح هكذا عمليات نوعية وحساسة، كما يشرح جوهر، قائلا: "يتم الإعداد والتخطيط لها استخباريا وأمنيا على مدى أسابيع بل وأشهر، قبل إطلاق ساعة الصفر لتنفيذها، وهذا ما كان واضحا في بيانات البيت الأبيض والبنتاغون حول هذه العملية البالغة الأهمية في كبح تصاعد عودة داعش واستعادته زخمه الإجرامي، على ما نلاحظ في العراق وسوريا خصوصا، وهي ضربة قاصمة ولا شك للتنظيم الذي يحاول التقاط أنفاسه مجددا واعادة تأهيل نفسه".
لكن كيف ستؤثر هذه العملية الناجحة، في دعم موقف الرئيس الأميركي الذي يواجه تحديات جسام أبرزها الأزمة الأوكرانية الروسية، يرد جوهر: "سيوظف بايدن ولا شك هذا النصر والإنجاز الضخم لتسويق سياساته وتوكيد صوابية منهجه في الحكم، خاصة في ظل ما يواجهه من انتقادات داخليا وخارجيا لتراخيه عن كبح التوجه الروسي نحو التدخل العسكري في أوكرانيا، وفشله في ضبط إيقاع تلك الأزمة ومنعها من التفجر، كونها أزمة معقدة تنطوي على أبعاد تاريخية واقتصادية وجيوسياسية تتصل بصراعات النفوذ التقليدية وخطوط التماس بين موسكو وواشنطن".
من جانبه، يقول ماهر الحمداني، الباحث والكاتب العراقي، في حديث مع "سكاي نيوز عربية": "لا أعتقد أن ثمة صلة مباشرة بين ما تم بالحسكة وبين استهداف قرداش، بل العكس هو صحيح، بمعنى أن تصفية زعيم داعش سيؤثر سلبا على نشاطات التنظيم في العراق وسوريا وحول العالم".
الضوء الأخضر لاستهداف رؤوس الإرهاب الدولي متاح دوما في واشنطن بأي مكان وزمان حال توفر الفرصة وتحديد الموقع، كما يشرح الحمداني، مضيفا: "ربما قد تكون أحداث الحسكة وما رافقها من اعترافات لدواعش مثلا قد أسهمت في كشف موقع قرداش، لكن هذه النوعية من العمليات لطالما قامت بها واشنطن في اليمن والعراق وأفغانستان وباكستان وغيرها، ولا ننسى أن زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن تمت تصفيته تقريبا بنفس هذه الطريقة بباكستان، والكثيرون من قيادات تنظيمي القاعدة وداعش تمت تصفيتهم دون أن يسبق ذلك أحداث كبرى، كأحداث الحسكة الأخيرة".
ويرى مراقبون أن تصفية زعيم الدواعش، عبد الله قرداش، بعد أقل من أسبوع واحد من إعلان انتهاء معركة سجن الحسكة، الأحد، هو إعادة اعتبار للتحالف الدولي وحلفائه في حربهم ضد الإرهاب.