كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز "تريندز" للاستشارات والبحوث، تفاصيل جديدة حول الصراع المحتدم داخل جماعة الإخوان في الوقت الراهن، ملقية الضوء على عدد من المحددات التي تتحكم في رسم التحولات المستقبلية للتنظيم، أبرزها موقف إخوان مصر من الصراع الراهن.
وبحسب الدراسة التي أعدها الباحث المصري المختص بـ"الإسلام السياسي والإرهاب" أحمد سلطان، تحت عنوان "الصراعات القيادية داخل الإخوان المسلمين وتداعياتها على الجماعة"، يبرز دور إخوان مصر "إخوان الداخل"، كأحد أهم المحاور المتعلقة بحسم الصراع.
ويرى الباحث أنه بالتوازي مع تشكيل جبهتي إبراهيم منير في لندن، ومحمود حسين في إسطنبول، وجبهة المكتب العام، يوجد تنظيم رابع تحت مظلة جماعة الإخوان في مصر، وهو المعروف بـ"إخوان الداخل"، الذي يضم ما تبقى من الكتلة الصلبة للحركة، تحت قيادة اللجنة الإدارية في الداخل المصري.
وبحسب الدراسة، يعيش تنظيم "إخوان الداخل" أوضاعا استثنائية للغاية، في ظل استمرار الملاحقات الأمنية لكوادره وأعضائه، والتي أدت إلى تفكيك أغلب شبكاته التنظيمية والمالية والقيادية الفاعلة، غير أن هذا التنظيم نجح في الصمود والبقاء عبر سلسلة عمليات سرية تضمنت تصعيد قيادات بديلة؛ لسد الفراغ الحاصل في بنيته "الهيراركية"، وتقليل الاجتماعات الدورية والتواصل بين أعضائه المختلفين، فضلا عن اعتماد أكثر من نمط إداري وإعطاء مساحة أكبر للعمل اللامركزي.
وتقول الدراسة: "حتى الآن لا تزال هناك مجموعة من القادة البارزين بالإخوان، ممن لم يتم القبض عليهم، يتولون إدارة التنظيم في الداخل، على رأسهم ممدوح الحسيني، عضو مجلس الشورى العام وعضو اللجنتين الإداريتين الأولى والثانية، لجنة محمد كمال (فبراير 2014- مايو 2015)، ولجنة محمد عبد الرحمن المرسي (مايو 2015- فبراير 2017)، كما يشغل 7 من أعضاء مجلس شورى العام بالداخل عضوية الهيئة الإدارية العليا المشكلة في جبهة إبراهيم منير".
وفي الوقت ذاته، تشير الدراسة إلى أن طرفي الصراع في الخارج (جبهتي منير وحسين)، يحاولان إبقاء تنظيم "إخوان الداخل" بعيدا عن الخلافات والتنافسات الحاصلة بالخارج؛ وذلك لصعوبة أوضاعه، وعدم رغبة قياداته في الانخراط في صراع الخارج، وهو ما يظهر في المخاطبات والرسائل الإعلامية التي وجهها إبراهيم منير ومحمود حسين والقيادات المحسوبة عليهما للداخل المصري.
وبحسب الدراسة، فإن اهتمام طرفي الصراع بمخاطبة "إخوان الداخل"، نابع من الأهمية والمركزية التاريخية للتنظيم المصري في الشبكة العالمية للإخوان؛ باعتباره مركز الثقل الحقيقي.
ويبدو أن التنظيم المصري لا يزال يحظى بجزء من تلك الأهمية، كما تُظهر مخاطبات القادة المتصارعين في الخارج، الذين يسعى كل منهم إلى استقطاب مجموعة الداخل وحثها على الضغط على منافسه؛ لحسم الخلافات.
وأكدت الدراسة أن "الأزمة الراهنة تمثل تحديا حقيقيا لقدرة الحركة على الخروج من حالة انعدام الفاعلية التي تعيشها، منذ سنوات، كما تؤكد حجم المشكلات الممتدة، التي نخرت بنية التنظيم الإخواني وقوضته، إلى حد أنه غدا باليا ومهترئا".
وهو ما ظهر، وفق الدراسة، بشكل واضح في تمسك قيادات جبهتي منير وحسين، بالشرعية المتخيلة لمجلس الشورى العام (أعلى هيئة تشريعية ورقابية)، ولجوء كل منهما إلى استصدار قرارات من بعض أعضائه لتأييد مواقفهما دون التقيد بصحة انعقاد مجلس الشورى أو نصابه اللائحي في الظروف الاستثنائية، علاوة على عجز المجلس عن إنهاء الخلاف وتفكير أعضائه المتبقين في الأداء التشغيلي الروتيني للجماعة بعقلية المسؤولين التنفيذيين، لا المسؤولين الرقابيين أو التشريعيين الذين يُناط بهم صكّ اللوائح والتشريعات لإنهاء حالة الازدواج القيادي الحاصلة.
ومؤخرا، تم الترويج لما أطلق عليه الصراع الداخلي في التنظيم الإرهابي بين جبهتي إبراهيم منير القائم بأعمال المرشد والمقيم في بريطانيا، وبين محمود حسين القيادي في التنظيم ومجموعته والمقيم في تركيا.
وتم التصدير إعلاميا لحالة من الغليان منذ إعلان منير، رسميا قرار حل المكتب الإداري لشؤون التنظيم بتركيا، وكذلك مجلس شورى القطر، في يونيو الماضي، وكذلك تأجيل الانتخابات الداخلية التي كان من المرتقب إجراؤها خلال أسابيع؛ لاختيار أعضاء مجلس الشورى العام، لمدة ستة أشهر.