لقي إطلاق أشغال بناء مصنع لإنتاج لقاحات ضد فيروس كورونا بمدينة بنسليمان في الشمال الغربي للمغرب، إشادة كبيرة، حيث رحب مراقبون بهذه الخطوة الهادفة إلى تحقيق السيادة اللقاحية للبلاد في ظل الجائحة. 

وتنفيذا للرؤية للملكية، تسعى الحكومة المغربية من خلال هذا المصنع، إلى جعل المغرب منصة رائدة في البيوتكنولوجيا على مستوى القارة الإفريقية والعالم في مجال صناعة "التعبئة والتغليف".

وسيحضى هذا المشروع الكبير الذي يعد ثمرة شراكة بين القطاعين العام والخاص بمواكبة سويدية.

وقد ترأس الملك محمد السادس، الخميس بإقليم بنسليمان التابع لجهة الدار البيضاء، حفل إطلاق أشغال إنجاز مصنع لقاح مضاد لكوفيد-19 ولقاحات أخرى، باستثمار يقدر بحوالي نصف مليار أورو.

السيادة اللقاحية

منذ بداية الجائحة، وضع المغرب نصب عينيه تحقيق الاكتفاء الدوائي وعدم الاتكال على الدول الكبرى من أجل الحصول على اللقاحات والأدوية، بل راهن مقابل ذلك على نقل الخبرة والمعرفة، بدلا من البقاء رهين العرض العالمي للأدوية.

في هذا السياق، قال وزير الصحة المغربي، خالد آيت الطالب، إن المملكة ستدخل، مع انطلاقة أشغال إقامة وحدة لتصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد-19 "منعطفا جديدا يتعلق بتحقيق السيادة اللقاحية والصحية".

المسؤول الحكومي، أضاف في تصريح للصحافة على هامش إعطاء انطلاقة إنجاز هذه الوحدة الصناعية، أن "تدشين هذا الورش الملكي سيمكن المغرب من تصنيع كميات من اللقاح تعزز الاكتفاء الذاتي من هذه المادة وتصديرها نحو البلدان الإفريقية".

وأكد الوزير أن "المغرب استخلص الدروس من الأزمة الصحية التي مر منها على غرار باقي بلدان العالم"، مضيفا أن "المملكة اتخذت هذه الخطوة لمواجهة ندرة اللقاحات وغياب العدالة في توزيعها، وذلك تماشيا مع التوجيهات الملكية".

ويحتوي المصنع الجديد على ثلاثة خطوط صناعية تبلغ قدرتها المشتركة للإنتاج 116 مليون وحدة في أفق سنة 2024.

وستخصص هذه الخطوط لإنتاج محاقن معبأة مسبقا، وقارورات للسوائل وأخرى مجففة بالتجميد، فيما يرتقب إطلاق إنتاج عبوات تجريبية في 30 يوليو 2022.

أخبار ذات صلة

المغرب يطلق مشروعا لإنشاء مصنع لقاحات مضادة لكورونا
بسبب كورونا.. المغرب يسعى للاستعانة بأطباء من الخارج

صعود "قوة ناعمة"

في هذا الصدد، أكد خالد فتحي، أستاذ بكلية الطب والصيدلة بالرباط، إن هذا المشروع هو "بشرى سارة يزفها الملك للشعب المغربي، ولديها عدة دلالات؛ أولها أن المغرب عقد العزم على أن يتحول إلى منصة قارية للبيوتكنولوجيا، وإلى دولة رائدة في هذا المجال على مستوى إفريقيا والعالم".

وتابع الخبير، في تصريحات خص بها "سكاي نيوز عربية": "تعزيز الأمن الصحي للمغرب صار ضمن الأولويات، كما أن هذا الورش هو دليل على انخراط المملكة في الاقتصاد الجديد، أي الاقتصاد الذي ينبني على المعرفة، وعلى تصدير العلم والخبرة إلى الأشقاء".

فتحي استرسل في معرض تحليله أن "المغرب بإعلانه الشروع في إنتاج هذه اللقاحات، وبإنشائه هذا المصنع الأول من نوعه في إفريقيا فإن المغرب يصنع أفضل سلاح تحتاجه القارة وكل الدول، وهو سلاح الأدوية واللقاحات ضد الأوبئة والأمراض، وليس الطائرات المسيرة والأسلحة الفتاكة".

وبالتالي، يتابع البروفيسور "هذا التوجه يُثبّت المغرب في المشهد القاري والدولي، كدولة صاعدة، تعتمد في صعودها على القوة الناعمة".

وأشار فتحي، في هذا الصدد، إلى أن "المغرب انخرط في هذا المشروع الاستراتيجي، عبر التفكير والشروع في التنفيذ، لفائدة إفريقيا بأكملها من خلال تصنيع اللقاحات التي ستحتاجها القارة"، مبرزا أن المغرب "يحظى بالمصداقية داخل إفريقيا وفي العالم، وينظر إليه على أنه بوابة لا غنى عنها لولوج الأسواق الإفريقية".

تطوير علامة "صنع في المغرب"

في تعليقه على الموضوع، قال الحسين الفرواح، أستاذ مبرز في الاقتصاد بالتعليم التقني العالي، إن "هذا المشروع الهيكلي، سيساهم في انبثاق صناعية دوائية متكاملة (الإنتاج، التعبئة، التعليب والتغليف، التوزيع...) على الأمد المتوسط وجلب الاستثمارات الأجنبية في هذا المجال".

وأضاف، المتحدث في تصريح لـ"سكاي نيوز عربية"، أن المشروع الطموح سيمكن أيضا من ضمان الاكتفاء الذاتي للمغرب من اللقاحات وجعل المغرب منصة رائدة للبيوتكنولوجيا على مستوى القارة الإفريقية في مجال الصناعة الدوائية".

وخلص المتحدث إلى أن المغرب "استخلص العبر من الجائحة، وفهم مبكرا دور السياسات الاستباقية"، مضيفا "يقال أن في كل أزمة فرصة، وفعلا فالمغرب انتهز فرصة الجائحة ليحقق تحولا كبيرا في مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والصحية".

وحسب الخبير، فإنه يُتوقع "أن تكون لهذه المنصة تأثيرات إيجابية على مستوى البحث العلمي في مجال الصناعات الدوائية وتطوير لقاحات تحت علامة "صنع بالمغرب"، ستحول المغرب إلى فاعل له وزنه في تحقيق السيادة الدوائية بشكل استباقي على المستوى العالمي، فمغرب ما بعد جائحة كورونا سيكون مغرب التنمية الممكنة بمختلف تلاوينها". 

تجدر الإشارة إلى أن الملك محمد السادس كان قد ترأس في 5 يوليو 2021 بالقصر الملكي بفاس، حفل إطلاق وتوقيع اتفاقيات تتعلق بمشروع تصنيع وتعبئة اللقاح المضاد لكوفيد-19 ولقاحات أخرى بالمغرب.