تلقت الميليشيات الموالية لإيران في العراق، نحو 4 ضربات متتالية خلال الـ4 أشهر الماضية، كان بطلها زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر.

وفي محاولة يائسة للإفلات من المحاكمات من جراء فسادها، وفرض شروطها على الحكومة المرتقبة كثفت الميليشيات الموالية لإيران، هجماتها الإرهابية في العراق.

واستهدفت الهجمات مقار الأحزاب ورؤساء الكتل منذ إعلان نتيجة الانتخابات وحتى قرار المحكمة الاتحادية بشرعية الجلسة الأولى، إذ كان آخرها سقوط 3 صواريخ قرب منزل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي.

صدمة الانتخابات

وأعلن العراق نتائج الانتخابات البرلمانية المبكرة، في أكتوبر الماضي، وحصلت الكتلة الصدرية على 73 مقعدا، كما حصدت كتلة "تقدم – عزم" بزعامة الحلبوسي 37 مقعدا.

وجاءت تلك النتائج بأرقام صادمة للقوى السياسية المقربة من إيران بعد أن سجلت تراجعاً في حظوظها الانتخابية، قابلها وصول قوى وشخصيات مستقلة.

وبمجرد تصدّر تياره نتائج الانتخابات، وجّه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، عدة رسائل للداخل والخارج، بضرورة "إنهاء استخدام السلاح خارج إطار الدولة"، وأن "العراقيين سيعيشون بأمان بلا احتلال ولا إرهاب ولا ميليشيات تخطف وتروع وتنقص هيبة العراق".

ورد تحالف الفتح، المظلة السياسية للميليشيات، بالتهديد بمقاطعة العملية السياسية؛ احتجاجا على النتائج.

وحصل هذا التحالف على 16 مقعدا فقط، نزولا من 48 مقعدا كان قد حصل عليها في انتخابات عام 2018.

وعاش العراق عدة أسابيع مأساوية على وقع تلك التداعيات وتلويح الميليشيات المستمر بالسلاح، حتى وصلت لمحاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، عبر 3 طائرات مسيرة مفخخة.

كما أدخلت الميليشيات العراق، مرحلة صعبة من الطعون القضائية، على إثر الجلسة الأولى للبرلمان؛ حيث استمرت التجاذبات السياسية بين مؤيد ومعارض.

أخبار ذات صلة

بينها "سيناريو مُفاجئ".. ما خيارات تشكيل الحكومة العراقية؟
استهداف الحلبوسي.. رسائل "صاروخية" للصدر قبل تشكيل الحكومة
المالكي والصدر.. تاريخ العداء مِن عتبة "صولة الفرسان"
الكاظمي: استهداف مطار بغداد محاولة لتقويض سمعة العراق

وفي الأثناء، هددت ميليشيا حزب الله العراقي، بما وصفته بـ"الأيام العصيبة التي ستمر على العراق"، وضرب السلم الأهلي في البلاد، حال تشكيل الحكومة العراقية.

كما سعت الميليشيات لفرض ضغوط كبيرة لزجّ أتباعها في البرلمان؛ لحماية مصالحها بالتشريعات الجديدة لمداراة أنشطتها المشبوهة ومساومة الكتل السياسية.

وهنا يعلق المحلل السياسي العراقي إحسان الشمري، رئيس مركز "التفكير السياسي"، قائلا: إن "الفصائل الشيعية وبعد خسارتها المعارك السياسية المتتالية وعقب قرار المحكمة الاتحادية بشرعية الجلسة الأولى للبرلمان ستحاول عرقلة الحكومة وافتعال الأزمات".

وعن تلويحها بالمقاطعة السياسية، يضيف الشمري في تصريحات خاصة لموقع "سكاي نيوز عربية": "لن تحدث؛ لأن ذلك يعني انسحابها من البرلمان وفقدان مقاعدها ولا أتصور حدوث ذلك".

وأردف أن الميليشيات تتخذ من شن هجمات مسلحة على مقار الأحزاب، ورقة ضغط  لإيجاد ضمانات لخروج آمن بعيدا عن المحاسبة؛ لاعتقادها أن زعيم التيار الصدري، سيستهدفها من بالملاحقة القضائية".

هزيمة بالبرلمان

وفي محاولة منها لتفخيخ الجلسة الأولى للبرلمان العراقي، أبدت الكتل الموالية لإيران اعتراضها على انتخاب رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي لولاية ثانية.

ومع هذا الرفض انسحبت الفصائل المنضوية تحت ما يسمى بـ"الإطار التنسيقي" والذي يضم أحزاب "تحالف الفتح" و"تحالف قوى الدولة" و"حركة عطاء" و"حزب الفضيلة"، بجانب ائتلاف "دولة القانون"، من الجلسة حجة عدم الشرعية.

ومثًل اختيار الحلبوسي لولاية جديدة، ضربة قاصمة ثانية للميليشيات الموالية لإيران.

وعلى إثر ذلك، انقسمت الكتل الشيعية، إلى قسمين؛ الأول برئاسة مقتدى الصدر، الذي تمكن من تحقيق تقارب وتحالف أولي مع أكبر كتلة سنية وهي "بالعزم نتقدم"، وكذلك أكبر كتلة كردية، وهي "الحزب الديمقراطي الكردستاني".

وعلى الجانب الآخر، يقف تحالف "الإطار التنسيقي"، برئاسة رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ويضم كذلك تحالف الفتح، والأجنحة السياسية للفصائل المسلحة التي عارضت جلسة البرلمان، واعتبرتْها تدبيرًا من التيار الصدري.

صفعة المحكمة الاتحادية

ونالت الميليشيات الإيرانية صفعة ثالثة داخل قاعات المحكمة الاتحادية بالعراق، بعد أن ألغت الثلاثاء الماضي، قرار إيقاف عمل هيئة رئاسة البرلمان.

ورفضت المحكمة الطعون التي تقدم بها أعضاء الإطار التنسيقي للتشكيك في دستورية الجلسة الأولى للبرلمان.

ويقول المحلل السياسي العراقي غازي فيصل إن "العراق يشهد صراعًا بين تيارين متناقضين أحدهم وهو الصدر والحلبوسي ومن معهم، حيث يمثل الخط الوطني والرغبة بالإصلاح وبناء المؤسسات".

أما "الفريق الثاني فهو قوى الميليشيات الخاسرة التي تؤمن بالفوضى واللادولة والاحتكام إلى منطق القوة والسلاح".

ويضيف: "الحكومة المقبلة مطالبة بالسيطرة على السلاح المنفلت وكبح جماح الميليشيات التي تحاول الانكباب على العملية الديمقراطية".

وهنا يعود إحسان الشمري، مؤكدا أن "قوى الإطار التنسيقي وبعد خسارة المعارك السياسية المتتالية لن تدع الأمر يمر، بل ستحاول افتعال الأزمات".

خيبة عزل نوري المالكي

الخسارة الرابعة التي منيت بها الميليشيات الموالية لإيران هي عزل نور المالكي، رئيس الوزراء العراقي الأسبق ورئيس كتلة "تحالف القانون" أكبر مكونات "الإطار التنسيقي الشيعي" الذي يضم الميليشيات المسلحة.

وتم حسم الأمر بعد جدل استمر لعدة أشهر خلال الخطاب الأخير لزعيم التيار الصدري ، الذي أكد أنه "لن يتحالف مع المالكي".

وقال مقتدى الصدر: "أبلغت العامري والفياض برفضي التحالف مع المالكي".

والصدر ونوري المالكي على خلاف عميق واستراتيجي منذ 2008، حيث قاد الأخير عملية عسكرية ضارية سُمّيت "صولة الفرسان" استهدفت جيش المهدي بقيادة الصدر.

ومفسرا ذلك، يقول المحلل السياسي العراقي علي الصاحب، لموقع "سكاي نيوز عربية": "التقارب بين الصدر والميليشيات الإيرانية أصبح شبه معدوم في ظل إصرار الطرفين على عدم تقبل الآخر للعمل معًا في حكومة واحدة".

وتسيطر تلك الميليشيات على منافذ حدودية وأرصفة موانئ في العراق عبر الفساد والرشاوى، وتتغلغل بمؤسسات الدولة وصولاً إلى ممارسة التجارة وبيع الممنوعات وتهريب النفط.

كما تحصل على تمويل حكومي باعتبارها ضمن هيئة الحشد الشعبي، ومسألة خروجها من البرلمان أو عدم المشاركة في الحكومة يضع مكاسبها على المحك.