أعلنت وزارة الداخلية التونسية توقيف فتاة عشرينية بمطار قرطاج عائدة من بؤر التوتر كانت تعتزم القيام بعملية إرهابية في إحدى المناطق السياحية، وهو ما اعتبره محللون "رسالة تحذير" تستدعي فتح ملف "تسفير الشباب" ومحاكمة من تسبب بالأزمة.
وشغلت قضية "العائدين من بؤر التوتر" في سوريا وليبيا الرأي العام التونسي قبل 3 أعوام، وسط مخاوف من العديد من الإشكاليات على المستوى الأمني؛ لما يمثله هؤلاء من تهديدات قد تطال البلاد، وسط دعوات تتصاعد لفتح تحقيق قضائي حول ممولي وداعمي تسفير الشباب خلال السنوات الماضية.
ثغرات لإعادة تموضع
الكاتب والباحث المتخصص في حركات الإسلام السياسي مصطفى زهران، قال إن "الخلافات السياسية الحالية في تونس بيئة خصبة تساعد بشكل غير مباشر نحو عودة مزيد من العناصر وإيجاد مساحات لعمليات إرهابية".
وأضاف زهران، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن هذه الأوضاع أوجدت ثغرات يستغلها الإرهابيون لإعادة التموضع وعقد تواصل مرة أخرى مع الحالة التونسية.
وأكد أن حالة أمنية مستقرة والاهتمام بالمنظومة الأمنية الحدودية تمنع عودة العناصر الإرهابية واختراق الأراضي التونسية.
أصابع الاتهام نحو النهضة
بدوره، اعتبر الصحفي التونسي، ثامر الطاهر، أن فتاة المطار تستدعي فتح تحقيق جدي حول الأطراف السياسية التي شجعت ومولت وقدمت الدعم الكامل لتسفير الشباب التونسي إلى سوريا والعراق للالتحاق بداعش.
وأضاف الطاهر، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن حركة النهضة الإخوانية قامت بتجنيد الشباب التونسي للقتال في مناطق النزاع الإقليمي منذ وصوله إلى السلطة في 2011 والآن يعودون لضرب البلاد بطريقة الذئاب المنفردة.
وتابع: "سمحت النهضة للتنظيمات المسلحة المتشددة بالعمل العلني والمباشر بين 2011 و2013، مما أدى لتصاعد حركة تجنيد الشباب في جماعات إرهابية، لا سيما طلبة الجامعات، إلى ليبيا التي شكلت قاعدة خلفية مساعدة لإيجاد مراكز للتدريب".
وأوضح أن تونس أعادت نحو 1000 تونسي من بؤر التوتر يقفون أمام القضاء، ويتم إيداعهم السجن إذا تورطوا في عمليات إرهابية، لكن من لا تثبت ضده جريمة القيام بأعمال إرهابية يتم إخضاعه للرقابة الإدارية أو الإقامة الجبرية.
وأشار إلى أن "حركة النهضة تسعى بكل ما أوتيت من قوة لإفشال مساعي الرئيس قيس سعيّد نحو دولة تونسية قائمة على الحقوق الأساسية والمؤسسات القوية والالتزام بسيادة القانون إلا أن الأمن كان لتحركاتهم بالمرصاد".
وتتورط في تسفير الشباب إلى بؤر الإرهاب، مئات الجمعيات الدينية بتونس والمرتبطة بالنهضة، وتم حل عشرات منها، بعد ثبوت علاقتها بأعمال إرهابية وإرهابيين.
ماذا حدث؟
وكشفت الداخلية التونسية، في بيان، أنه على إثر توفر معلومات لدى الإدارة العامة للمصالح المختصة للأمن الوطني مفادها اعتزام فتاة تبلغ من العمر (22 عاما) القيام بعملية إرهابية بعد رجوعها من سوريا، حيث التحقت بأحد التنظيمات الإرهابية هناك وتلقّت تدريبات.
وأضافت الوزارة أنه تم التنسيق مع النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب، إذ تولّت الوحدة الوطنية للأبحاث في جرائم الإرهاب بإدارة مكافحة الإرهاب للحرس الوطني مباشرة قضية في الغرض والقيام بالتحريات اللازمة وإلقاء القبض على المعنية بمطار تونس قرطاج يوم 10 يناير 2022 قادمة من تركيا.
وأوضحت أن التحقيقات أوضحت أنها سافرت إلى تركيا خلال صيف 2020 لتتولى خلال عام 2021 التحوّل إلى سوريا بمساعدة شخص سوري الجنسية، حيث التحقت بأحد التنظيمات الإرهابية هناك، وشرعت في تلقّي تدريبات بغية تحضيرها للقيام بعملية انتحارية.
وأشارت الوزارة إلى أنه بمزيد تعميق التحريات معها، تبيّن أنه تم تحضيرها للقيام بعملية انتحارية بتونس بإحدى المناطق السياحية وبأنها تواصلت خلال وجودها بسوريا مع شخص تونسي الجنسية الذي كان سيتولّى انتظار حلولها بتونس وتمكينها من حزام ناسف.
ولفت إلى أنه "بالتحري في شأن شريكها في العملية تبيّن أنه عنصر إرهابي تم إيداعه مؤخرا في السجن؛ من أجل تورطه في التخطيط والإعداد لعمليات إرهابية كانت ستستهدف مسؤولين بارزين في الدولة خلال نهاية السنة الماضية".