يشتكي عدد من المواطنين المغاربة الذين يتحدثون الأمازيغية فقط، من اضطرارهم للبحث عن مرافقين يتحدثون العربية لترجمة كلامهم في الشكاوى التي يقدمونها بالمحاكم المغربية.
ويضطر المغاربة الذين لا يتحدثون العربية مثل عبد السلام الذي يقطن في قرية بجبال الريف شمال شرق المملكة، للبحث عن مرافق يتحدث العربية لترجمة كلامه بغية تسجيل شكوى في إحدى مصالح المحكمة الابتدائية بمدينة الناظور بشأن مشكلة عقارية.
ويشتكي عبد السلام، على غرار العديد من المواطنين المغاربة الذين يتحدثون الأمازيغية فقط، من العراقيل اللغوية التي تواجههم أثناء التقاضي، بالرغم من دستورية اللغة الأمازيغية ورسميتها في المغرب منذ عام 2011.
والتفتت وزارة العدل في الحكومة الحالية، إلى هذه الصعوبات التي يواجهها المواطنون، عندما سارعت بتعزيز دمج الأمازيغية في قطاع العدل، من خلال توقيعها مؤخرا لاتفاقية تعاون مع المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهي الهيئة الرسمية التي أوكل إليها أمر المشورة بشأن سبل تطوير وصيانة اللغة والثقافة الأمازيغيتين.
وعن أهمية هذه الاتفاقية قال وزير العدل عبد اللطيف وهبي، أن هذه "الاتفاقية تروم إشراك المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في مجموعة من الخطوات التي انخرطت فيها وزارة العدل، من أجل تأسيس مرحلة جديدة في إطار توفير شروط المحاكمة العادلة".
ولفت الوزير إلى أن "المواطن الذي يلج إلى المحكمة ولا يتحدث اللغة العربية، لابد أن يكون معه مترجم يساعده على إبلاغ القاضي بمتطلباته ودفوعاته".
ضرورة داخل المحاكم
واعتبر رئيس المركز المغربي لحقوق الإنسان، عبد الإله الخضري، أن إدماج الأمازيغية في منظومة العدالة "بادرة وإن جاءت متأخرة نوعا ما، فإنها تلبي حاجة ملحة داخل المحاكم، خاصة في المناطق النائية التي يتكلم غالبية سكانها لغتهم الأمازيغية، إذ يجدون صعوبة في التأقلم وفهم ما يجري أثناء التقاضي داخل المحاكم والذي يتم بالعربية".
وأوضح الخضري، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية": "أعتقد أنه مطلب مهم وحيوي طالبت به الفعاليات الحقوقية المغربية، من أجل ضمان تكافؤ الفرص بين المواطنين أمام العدالة. كما أن اعتماد اللغة الأمازيغية في المحاكم ومجال العدالة عامة يتيح الفرصة للمتقاضين الذين لا يتقنون العربية للترافع من خلال تقديم مطالبهم ودفوعاتهم باللغة التي يتحدثون بها، ويتكلف المساعدون القضائيون بمهمة الترجمة بين المتقاضين والقضاة".
ومن جهته، يرى المحامي بهيئة الرباط، مولود بنتاجر، أن "المستفيد الأول من هذا الإدماج هو المحامي المتواجد في المناطق التي يتحدث أغلب سكانها بالأمازيغية، إذ أن إدماج الأمازيغية في منظومة العدالة لها أهمية بالغة للمواطنين الأمازيغ".
واعتبر بنتاجر، في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن الأمازيغية "ستسهل ولوج هؤلاء إلى مرافق العدالة، باعتبارها أداة تواصل لتحقيق المحاكمة العادلة، خاصة في الجلسات الشفوية كقضايا الجنح والجنائية والأسرية، التي تعتمد على التصريحات الشخصية للمدعي والمشتكي والمتهم، والذي غالبا ما يجد صعوبة في التعبير عن هذه التصريحات باللغة العربية أو حتى الدارجة المغربية بشكل صحيح، هذا إن كان يتحدث بها أصلا".
ودعا المحامي بهيئة الرباط، إلى ضرورة أن "يشمل إدماج الأمازيغية حتى المؤسسات المساعدة للقضاء كالضابطة القضائية، إذ كثيرا ما نجد تصريحات في المحاضر القضائية غير مطابقة لما صرح به المصرح حقيقة، لعدم وجود ملمين بالترجمة من الأمازيغية إلى العربية في هذه المؤسسات ما ينتج عنه ضياع حقوق الناس".
وفي المقابل، يرى رجل القانون وعضو منظمة "تماينوت" الأمازيغية، حسون الكتمور، أن "اعتماد الأمازيغية لغة للتقاضي أمام المحاكم المغربية لا يستدعي بالضرورة كل هذا الوقت، خصوصا وأن هناك تيارا يعمل كل ما في وسعه لعرقلة هذا الحق الدستوري وتأخيره ما أمكن".
وطالب الكتمور وزارة العدل بأن "تقوم بمجموعة من الإجراءات التي لا تستدعي بالضرورة الانتظار كل هذا الوقت، منها جعل اللغة الأمازيغية من المواد التي تدرس للملحقين القضائيين في فترة التأهيل، ومراعاة الإلمام باللغة الأمازيغية عند تعيين القضاة في المناطق الأمازيغية، إلى جانب توفير مترجمين متخصصين في هذه اللغة".
وأثنى عضو منظمة "تماينوت" الأمازيغية على "مبادرة بعض القضاة الذين يتقنون الحديث باللغة الأمازيغية في بعض الجلسات، غير أن هذه المبادرة الفردية لا تغني عن إيجاد حماية قانونية لهذه اللغة وللناطقين بها حماية لحقوقهم وحقهم الطبيعي بمحاكمتهم باللغة التي يتقنونها".
وينادي الأمازيغ في المغرب بالتعجيل بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في مجالات الحياة العامة، خصوصا بعدما دخل القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، حيز التنفيذ عام 2019، بعد نشره في الجريدة الرسمية.