أعلن زعيم تيار المستقبل في لبنان، سعد الحريري، السبت، تعليق مهامه في الحياة السياسية بعد تصاعد النفوذ الإيراني وإرهاب حزب الله في لبنان.
وفي خطابه، سرد الحريري أسبابه، مُؤكدا أنه "لا فرصة إيجابية للبنان في ظل النفوذ الإيراني والتخبط الدولي والانقسام الوطني واستعار الطائفية"، في إشارة إلى حزب الله.
وحزب الله وبإيعاز من إيران صدر جرائمه من الداخل إلى اليمن وصولا لدول الخليج، وهو ما فاقم أزمة بيروت بمحطيها العربي وأدخلها بنفق مظلم اقتصاديا وسياسيا، حسب مراقبين.
وفي محاولة لانتزاع هذا البلد العربي من عباءة إيران، ولحل الأزمة المتصاعدة مع الدول الخليجية قدمت دولة الكويت الأسبوع الماضي، مبادرة لرأب الصدع.
مبادرة الكويت
وحملت المبادرة التي قدمها وزير خارجية الكويت الشيخ أحمد ناصر المحمد الصباح، 3 رسائل تمثلت في التعاطف مع الشعب اللبناني، وثانيها لا نريد أن يكون لبنان منصة للتهجم على الدول العربية، وثالثها أن يلتزم لبنان بالإصلاحات المطلوبة منه.
كما شملت الالتزام باتفاق الطائف وتنفيذ قرارات مجلس الأمن وإجراء الانتخابات اللبنانية في موعدها، حسب تقارير لبنانية، فضلا عن ضرورة تشديد الرقابة على الصادرات لدول الخليج لمنع تهريب المخدرات.
من جهة لبنان، فرئيس الحكومة نجيب ميقاتي رد مثمنا الخطوة الكويتية وبأن بلاده تتطلع لتوثيق التعاون مع دول الخليج العربي، حسب وكالة الأنباء اللبنانية.
كانت دول السعودية والإمارات والكويت، سحبت سفراءها من لبنان أكتوبر الماضي، بعد تفاقم أزمة دبلوماسية نبعت من إساءات وزير الإعلام المستقيل جورج قرداحي، والتي ساندها حزب الله.
ومُعلقا، يقول الدكتور يوسف بدر، الباحث بالشأن الإيراني: "سلوك حزب الله التصعيدي يأتي في إطار الرغبات الإيرانية، وهو لا يمتلك سلوكا وطنيا لبنانيا؛ ومواقفه وخطاباته في إطار مصالح إيران".
وشارحا ذلك، يضيف بدر، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية: "لحزب الله جناحان عسكري وسياسي، وكلاهما تتم إدارته من إيران، حتى أصبح ذراعا سياسية وعسكرية بيد المرشد الإيراني علي خامنئي".
عقوبات أميركية تربك لبنان
ولصلة حزب الله بإيران وتمويله لشبكات إرهابية عابرة للحدود وصلت لدول بأميركا اللاتينية، فرضت واشنطن، الجمعة الماضية، عقوبات على 3 لبنانيين و10 شركات وصفتهم بأنهم جزء من شبكة دولية لحزب الله، حاولت تفادي العقوبات الأميركية المفروضة على الميليشيات التي تصنفها واشنطن منظمة إرهابية.
وتلك الخطوة عقب أخرى، الثلاثاء الماضي، إذ طالت عقوبات أميركية 3 رجال أعمال، على علاقة بحزب الله، بتهمة تسهيل التعاملات المالية للحزب واستغلال موارد لبنان الاقتصادية.
والعقوبات الغربية المتتالية على حزب الله تسببت في توقف الدعم الدولي للبنان، كما فاقمت البلاد داخليا وخارجيا.
ويعاني لبنان منذ عامين أزمة اقتصادية غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي بقيمة الليرة مقابل الدولار فضلا عن شح بالوقود والأدوية وسلع أخرى.
وهنا تعلق الكاتبة اللبنانية موناليزا فريحة، بأن "حزب الله أسهم في تفخيخ أوضاع لبنان بعد مساندته للتصريحات المسيئة لدول الخليج العربي أو عبر التهديد بالإطاحة بحكومة نجيب ميقاتي وعرقلة عملها لمدة 3 أشهر".
وتضيف، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "الحزب متورط بتأزيم الوضع الداخلي، ويهرب من المسؤولية بتصعيد خطابه غير المجاني ضد الخارج ودول الخليج".
وقالت: "بالدرجة الأولى فإن أزمات لبنان السياسية والاقتصادية يتحملها حزب الله وأمينه حسن نصر الله".
أما الكاتب اللبناني طوني بولس، فيقول إن "الميليشيات نجحت من خلال شبكات فسادها في السيطرة على المنظومة الحاكمة في هذا الفساد، فتحولت السلطة لدمية يحركها حزب الله أينما أراد"، وفق تعبيره.
فواتير إيران والمخدرات
وخارجيا، ولتسديد فاتورة الدعم الإيراني لسلاح حزب الله، يتبنى أمين عام الميليشيات حسن نصر الله، خطابات عدائية ضد واشنطن والخليج.
فخلال الأزمة الدبلوماسية مع الخليج، تبنى نصر الله، التصريحات المسيئة لجورج قرداحي، وقبلها وزير الخارجية شربل وهبة، ما زاد من الغضب الخليجي من لبنان.
استفزازات حزب الله لم تتوقف عند الخطابات، بل تمدد إرهابه لمحاولة إغراق الدول الخليجية والمنطقة بمخدر الكبتاغون.
وفي تلك النقطة، شددت المبادرة الكويتية الجديدة على ضرورة منع تهريب المخدرات والتعاون بين الأجهزة الأمنية في لبنان ودول الخليج العربي.
وخلال الست سنوات الماضية، ضبطت السلطات السعودية أكثر من 600 مليون حبة مخدرة مصدرها لبنان، إضافة إلى مئات الكيلوغرامات من الحشيش المخدر، حسب تصريحات السفير السعودي لدى لبنان وليد البخاري.
وعن فواتير إيران، تفسر موناليزا فريحة، بأن "خطابات حزب الله هي لتسديد فواتير المرشد الإيراني بعد تمويل الحزب ماليا وعسكريا"، فالميليشيات تعد أبرز وكلاء إيران ويتم استخدامها كذراع مسلحة لإيران لتنفيذ أجندة وأنشطة إرهابية في المنطقة وخارجها، حسب الكاتبة اللبنانية.
وتضيف: "خطاب نصر الله مرتبط بالحسابات الإيرانية السياسية والعسكرية بعد تعرض ميليشيات الحوثي في اليمن للهزائم أمام التحالف العربي، وبسبب تعقيدات المفاوضات النووية الإيرانية".
أما طوني بولس فيقول: "فرسنة لبنان هي خطة حزب الله التي تقوم على عزل لبنان عن محيطه العربي وضرب هويته الاجتماعية وتغييره ثقافيا لبلد فارسي ليصير جزيرة تابعة للملالي".
دعم الحوثي
جرائم حزب الله بحق لبنان والخليج لم تتوقف، بل امتدت بأوامر إيران لمساندة وتمويل ميليشيات الحوثي الانقلابية في اليمن بالسلاح والخبراء.
فمطلع يناير الجاري، نشر التحالف العربي أدلة مادية تؤكد تورط حزب الله في دعم الحوثي بالسلاح والخبراء.
وهنا يعود الباحث يوسف بدر، مفسرا: "حزب الله لعب دورا رئيسيا بدعم الحوثي بالسلاح والتدريب؛ وتصعيده السياسي بالداخل والخارج هو محاولة من إيران للضغط على القوى الدولية بالمحادثات النووية".