كما كان متوقعا على نطاق واسع، قضت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، الثلاثاء، برد الطعن في دستورية الجلسة الأولى للبرلمان العراقي الجديد، في خطوة من شأنها تعزيز موقف أقطاب الاتفاق الثلاثي في البلاد وترجيح كفة خيار المضي في تشكيل حكومة أغلبية وطنية، وفق ما أكد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، عقب صدور قرار المحكمة.

وأعرب الصدر في تغريدة على "تويتر"، عن الترحيب بقرار القضاء بشأن تثبيت شرعية جلسة البرلمان الأولى، قائلا "نحن ماضون بتشكيل حكومة أغلبية وطنية".

وذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن المحكمة الاتحادية قررت رد الطعن في دستورية الجلسة الأولى للبرلمان، والتي زعمت وجود مخالفات للدستور في الجلسة.

وأضافت أن ترؤس النائب خالد الدراجي، جلسة البرلمان الأولى لا يتعارض مع أحكام الدستور، وقررت المحكمة إلغاء الأمر الولائي الخاص بالإيقاف المؤقت لهيئة رئاسة البرلمان .

وللتعليق على مرحلة ما بعد قرار المحكمة الاتحادية الملزم، وتأثيراته وانعكاساته على شكل وطبيعة مسار الأحداث القادم، يقول رائد العزاوي، رئيس مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية"، "القرار بديهي ومتوقع تماما".

سلامة قانونية

وأضاف العزاوي أن الجلسة الأولى كانت سليمة وقانونية من ناحيتي الشكل والمضمون، "وما قدم للمحكمة الاتحادية من طعون ودفوع مشككة حولها لم يكن وجيها إلى حد يدفع المحكمة للاقتناع والأخذ بها، وهكذا ستتواصل العملية ووفق الإجراءات والمحطات الدستورية، لإكمال بقية الاستحقاقات المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية ومن ثم اختيار رئيس الحكومة".

ويضيف العزاوي، وهو أستاذ للعلاقات الدولية في الجامعة الأميركية بالقاهرة "تنتهي المدة الدستورية لانتخاب رئيس الجمهورية في 9 فبراير المقبل، وربما سيتفق الأكراد على رؤية موحدة ومرشح واحد لرئاسة العراق باعتبارها من حصتهم".

وأردف الباحث "في اعتقادي، ستنتهي الخلافات بين الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، فالجميع؛ وأقصد هنا بالتحديد التيار الصدري والسنة، لا يرغبون أن يدخل الأكراد في فخاخ عدم التوافق والانقسام فيما بينهم، بل أن يكونوا متفقين وأن يتم اختيار الرئيس العراقي الجديد بشكل يرضي مختلف الأطراف".

وتابع "ومن ثم سنذهب للخطوة الأهم، وهي اختيار رئيس الوزراء، والواضح هنا أن الاطار التنسيقي إن ظل على موقفه الحالي، فسيخسر الفرصة في المشاركة باختيار رئيس الوزراء، وهي فرصة طرحها غير مرة الصدر في محاولة لململة البيت الشيعي، لكن الإطار يراوغ ويرفض، وإجمالا، من مصلحة الجميع ألا تسير الأمور نحو طريق مسدود فيما يخص التوافق بين مختلف الكتب السياسية، وخاصة الكتلة الشيعية".

واستطرد "لكن يبدو أن الأمور تتجه في ظل إصرار الاطاريين على عدم المشاركة، نحو مضي الصدريين وتحالف تقدم عزم، والأكراد في اختيار رئيس الحكومة القادمة، وتكليف شخصية مقبولة من كافة الجهات وتشكيل حكومة ترتكز لمبدأ الحفاظ على الوطن والمواطنة، بعيدا عن التجاذبات الإقليمية والداخلية".

حسابات وتوافقات

من ناحيته، يرى الكاتب والصحفي، ماهر الحمداني، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "الانتهاء من الخطوة الأولى في مسار انتخاب الرئاسات الثلاث، وهي اختيار رئيس البرلمان هو الأسهل وهي خطوة لم تكن مفاجأة، حيث إن المكون السني الذي يستحق المنصب، جاء بتوافق على اسم واحد وبكتلة واحدة، فكان من الميسر التصويت له وبأريحية من قبل الشيعة والأكراد أيضا".

وقال الحمداني إن "هناك معركتين كبيرتين، وهما المعركة الكردية على مرشح رئاسة الجمهورية، والمعركة الشيعية على مرشح رئاسة الحكومة، متسائلا "هل بمقدور الأكراد تقديم مرشح واحد دون الدخول في خلافات بين الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، وهل سنشهد عكس ذلك انفراط العقد غير المكتوب بين الطرفين والذي بات عرفا، ينص على حصول الاتحاد على رئاسة الجمهورية في بغداد، مقابل تولي الديمقراطي الكردستاني رئاسة إقليم كردستان في أربيل ؟".

ويتابع الكاتب والصحفي العراقي "هذه المرة سيلقي اختيار رئيس الجمهورية بظلاله الكثيفة المباشرة ولا شك على اختيار رئيس الحكومة والإفصاح عنه، ففي حال فاز مرشح الديمقراطي هوشيار زيباري بمنصب رئيس الجمهورية، ستكتمل بذلك ملامح وأركان حكومة الأغلبية ولن يبقى أمامها سوى اختيار مقتدى الصدر مرشحه لرئاسة الوزراء.

وتوقع إرساء معادلة سياسية جديدة لأول مرة في العراق، وهي معادلة حكومة الأغلبية وسنشهد ولادة معارضة حقيقية داخل البرلمان يشكلها الاطار التنسيقي بالتعاون مع الاتحاد الوطني الكردستاني، "وبعض القوى السنية المختلفة مع تحالف تقدم عزم، ربما بقيادة محمود المشهداني والمتحالفين معه".