عشية بت المحكمة الاتحادية العليا في العراق بشرعية الجلسة الأولى للبرلمان الجديد من عدمها، يبدو أن الخلاف بين الحزبين الرئيسيين، الديمقراطي والاتحاد الوطني الكردستانيين، حول منصب رئاسة جمهورية العراق قد بلغ نقطة اللاعودة.
ومن الواضح أن الحزبين سيخوضان معركة رئاسة العراق بمرشحين متنافسين، هما الرئيس العراقي الحالي برهم صالح عن الاتحاد الوطني الكردستاني، ووزير الخارجية العراقي السابق هوشيار زيباري عن الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ويعتبر مراقبون هذه المعركة الوشيكة تكرارا لسيناريو 2018 عندما فاز مرشح الاتحاد الوطني الكردستاني آنذاك، الرئيس الحالي برهم صالح.
وكانت وسائل الإعلام في إقليم كردستان العراق أعلنت عن لقاء جمع رئيسي الحزبين مسعود البارزاني وبافل الطالباني، السبت، وعدم توصلهما خلاله لاتفاق حول المرشح الكردي الموحد لرئاسة العراق.
وفي اليوم التالي، عقد المجلس القيادي للاتحاد الوطني، اجتماعا موسعا صدر عنه بلاغ أعلن فيه تقديم برهم صالح كمرشح وحيد للاتحاد لمنصب الرئيس العراقي القادم.
وجاء في البيان الذي عده معلقون، شديد اللهجة :"بسبب تقديم الطرف الآخر مرشحه بعيدا عن مبدأ التوافق، فإن من حق الاتحاد الوطني أيضا أن يعتبر منصب رئاسة الجمهورية من استحقاق شعب كردستان والاتحاد الوطني الكردستاني، لذا فإنه يدافع عن حقه هذا ولن يساوم عليه".
وتابع: "كما تبين أن الادعاءات التي زعمت أن الحزب الديمقراطي الكردستاني لديه مشكلة فقط مع مرشح الاتحاد الوطني للمنصب، وإن تم تغيير المرشح من قبل الاتحاد الوطني فإن الحزب الديمقراطي بدوره سيسحب مرشحه، عارية عن الصحة، وأتضح أن كل ذلك كان للتضليل والهدف الرئيس هو نيل منصب رئاسة الجمهورية، بعيدا عن التنسيق مع القوى الكردستانية وخاصة الاتحاد الوطني الكردستاني، وباتفاق مع بعض الأطراف العراقية الأخرى".
وختم البيان بالتأكيد على تقديم الدعم الكامل لمرشح الاتحاد الوطني لمنصب رئيس الجمهورية، أي برهم صالح.
"الديمقراطي سيمضي في طريقه"
ولم يصدر بيان من الحزب الديمقراطي الكردستاني بعد ردا على موقف الاتحاد الوطني، فيما يتوقع مراقبون أن موقف الديمقراطي سيكون المضي في تقديم مرشحه الرئاسي هوشيار زيباري .
وتعليقا على ذلك، يقول الباحث والكاتب السياسي، طارق جوهر، في لقاء مع سكاي نيوز عربية :"مع الأسف الآن يتنا وجها لوجه أمام اعادة سيناريو 2018، عندما اختلف الأكراد حول مرشحهم لرئاسة العراق، ولا حاجة للاشارة هنا إلى أخطار هذا التشرذم الكردي على الدور والموقع الكرديين في بغداد، وهو ما يحدث مجددا".
ويتابع جوهر :"يبدو أن الحزب الديمقراطي الكردستاني قرر استغلال تحالفه مع الصدريين وتحالف تقدم عزم لفرض مرشحه للرئاسة، والتنصل بالتالي عمليا من التوافق مع شريكه الأساسي، الاتحاد الوطني الكردستاني، وهذا التوجه بالغ الخطورة ويحمل تداعيات سلبية للغاية على الاستقرار والتوازن السياسي في إقليم كردستان والعراق ككل".
من جانبه، يرى الكاتب والمحلل السياسي، علي البيدر لموقع "سكاي نيوز عربية" : "الاستحقاقات الانتخابية الجديدة باتت هي المحك لتحديد شكل وطبيعة التوليفة السياسية الحاكمة في العراق هذه المرة، على عكس المعهود على مدى نحو عقدين من الزمن".
ويضيف البيدر :"الأكراد ليسوا استثناءا هنا عن بقية المكونات العراقية، فالحزب الديمقراطي الكردستاني لكونه أكبر وأول الكتل الكردية البرلمانية وفق نتائج الانتخابات العامة الأخيرة، عبر حصده 31 مقعدا، من حقه الظفر بمنصب رئيس الجمهورية العراقية، بعد أن تولى الاتحاد الوطني ذلك المنصب على مدى أكثر من عقد ونصف".
وعلى مدى الدورات الانتخابية الأربعة الماضية، والأكراد يشغلون منصب رئاسة العراق منذ العام 2006، حيث أن رؤساء الجمهورية الثلاث، الذين تعاقبوا على المنصب هم من الاتحاد الوطني الكردستاني، عبر تولي الأمين العام للحزب جلال الطالباني، المنصب لدورتين متتاليتين، كأول رئيس كردي في تاريخ العراق.
وخلف الطالباني في منصب الرئاسة القيادي في حزبه فؤاد معصوم في العام 2014، والذي خلفه في العام 2018 الرئيس العراقي الحالي برهم صالح، بعد منافسة محمومة مع منافسه، مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني فؤاد حسين، الذي يشغل الآن منصب وزير الخارجية العراقي.
وحسب العرف السائد في العراق بعد عام 2003 يذهب منصب رئيس العراق إلى الأكراد، ورئاسة الوزراء إلى الشيعة، ورئاسة البرلمان إلى السنة.