قبل يوم من انعقاد جلسة حاسمة لمجلس النواب بشأن مستقبل نظام الحكم في ليبيا، انتشرت حالة فوضى وسط العاصمة الليبية طرابلس، الأحد، نتيجة اندلاع اشتباكات بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة قرب ميناء طرابلس وميدان الشهداء "الساحة الخضراء سابقًا" بين ميليشيات، قالت وزارة الداخلية إنها "خارج السيطرة".
ووفق تحليل خبراء في الشأن الليبي، فإن الاشتباكات تهدف إلى سيطرة كل ميليشيا على أكبر عدد من مناطق النفوذ؛ لتستغلها في المفاوضات مع أي حكومة قادمة، وتحتفظ بمكاسب سياسية ومالية.
وقال شهود عيان مقيمون في وسط المدينة لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن الاشتباكات وقعت بين عناصر تابعة لميليشيات "النواصي" من جهة، وأخرى تابعة لميليشيات "الردع"، واستمرت أكثر من ساعة.
وروى "أشرف ع"، أحد الشهود، أن على الساعة 3 عصرًا "سمعنا أصوات أسلحة خفيفة ومتوسطة بالقرب من الميدان، تبعها فرار المواطنين المحتشدين هناك؛ نظرا لأنها منطقة تجارية".
وأضاف أن ما ظهر هو أن ميليشيا "الردع" هي من بدأت الاعتداء باقتحام مناطق تسيطر عليها ميليشيا "النواصي" والتي ردت على مصدر النيران.
وقال أشرف إنه شاهد مصابين داخل الميدان تم إجلاؤهم بعربات عسكرية، مشيرًا إلى أن ميليشيا "الردع" انسحبت وابتعدت عن مناطق نفوذ ميليشيا "النواصي".
تقسيم طرابلس بين الميليشيات
ويوضح الصحفي الليبي معاذ عبدالقادر لـ"سكاي نيوز عربية" أن الخلاف أساسه رغبة ميليشيا "الردع" في السيطرة على ميناء طرابلس، وهو الميناء الذي تسيطر عليه "النواصي".
أما مناطق نفوذ "الردع"، بحسب المتحدث، فهي سوق الجمعة ومطار معيتيقة، لكنها حاولت السيطرة على الميناء، ودفعت بكتائب وآليات عسكرية لطرد "النواصي"، إلا أن الاشتباكات انتهت بانسحابهم.
وتوقع أن الانسحاب قد يكون تم بوساطة من كبار قادة الميليشيات العاملة في الغرب، وقد تتجدد الاشتباكات تحت وطأة الفوضى التي تشهدها ليبيا الآن، ومحاولة كل ميليشيا السيطرة على مواقع استراتيجية تستطيع التفاوض عليها حال حدوث أية تغيرات.
ومتفقًا مع عبدالقادر، يرى المحلل السياسي سلطان الباروني في حديثه لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الاقتتال سببه التسابق على مناطق النفوذ، قائلاً: "إذا ما قارنا ما كان يحدث قبل تشكيل أي حكومة فسنجد أن الميليشيات تتصارع للسيطرة على مؤسسات للتفاوض مع الحكومة الجديدة؛ للحصول على مكاسب".
ولهذا توقع الباروني أن يتواصل الاقتتال، وإذا لم يتم تخليص ليبيا من الميليشيات فإن الفوضى ستستمر 50 عامًا.
ويعقد مجلس النواب جلسة، الاثنين، وصفت بأنها ستكون حاسمة في تحديد معالم خريطة طريق، فيما يخص استمرار الحكومة أو تغييرها، أو تشكيل مجلس رئاسي جديد، أو عمل انتخابات، أو بدائل أخرى.
تاريخ الظهور
وظهرت كل من ميليشيا "الردع" و"النواصي" بطرابلس عام 2014، عندما انقلب تنظيم الإخوان الإرهابي على نتائج الانتخابات البرلمانية بعد خسارة كثير من مرشحيه، وشاركتا في السيطرة على الغرب الليبي، ومنعتا مجلس النواب من الانعقاد هناك.
وبعد أن سيطر التنظيم على الغرب، حدد لكل ميليشيا شاركت في الاقتحام، مناطق نفوذ، وكان لـ"الردع" النصيب الأكبر؛ حيث كلفها بالسيطرة على المؤسسات وقاعدة معيتيقة ومطارها وطرق استراتيجية، فيما سيطرت "النواصي" على ميناء طرابلس.
وتتكون ميليشيا "الردع" من 5 آلاف مسلح، وتعد الأقوى في طرابلس، ويقودها عبدالرؤوف كارة.
وتتألف "النواصي" من 1500 مسلح، وتضم إرهابيين من الجماعة الليبية المقاتلة، وتدخل في حراسة مقار حكومية، ويقودها مصطفى قدور.
وتلك الميليشيا تحظى بدعم مالي من تنظيم الإخوان الإرهابي، ولها صلات بالإخواني علي الصلابي.