كشف موقع "ميلتنغ بوت أوروبا" عن تقدم شابتين مهاجرتين من النيجر بشكوى أمام لجنة الأمم المتحدة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة، بشأن تعرضهما لـ"الاستغلال الجنسي" خلال فترة وجودهما في ليبيا.
وأوضح الموقع الإيطالي المتخصص في قضايا الهجرة، أن الشابتين قامتا بهذا "التحرك القانوني" بمعاونة الجمعية الإيطالية للدراسات القانونية حول الهجرة، مشيرا إلى أن الهدف الرئيسي من هذه المبادرة هو "إبراز العواقب الوخيمة لسياسات الهجرة الإيطالية على حدود أوروبا".
اتفاقية أبرمها السراج
وتعيد هذه الشكوى إلى الواجهة، مذكرة التفاهم التي وقعتها حكومة فايز السراج مع إيطاليا عام 2017، ولم يصادق عليها من البرلمان، حول الهجرة غير الشرعية، تتضمن بنوداً يراها حقوقيون، "مجحفة" في حق ليبيا، خاصة أنها ليست طرفاً في اتفاقية شؤون اللاجئين لسنة 1951 ولا البروتوكول الملحق بها لسنة 1967، وأنها غير ملزمة بأي التزام ترتبه تلك الاتفاقية.
وتنص بنود الاتفاقية على أن تساعد إيطاليا خفر السواحل الليبية في إيقاف قوارب الهجرة في البحر، وإعادة المهاجرين إلى مراكز الاحتجاز في طرابلس، في مقابل دعم وتدريب وتجهيز خفر السواحل الليبي وامتيازات أخرى.
انتهاكات بحق المهاجرات
وتتحدث المهاجرتان عما لقيتاه ونساء أخريات خلال الرحلة عبر النيجر وليبيا، حيث "جرى حرمانهن من حرياتهن وشرائهن وبيعهن عدة مرات من قبل أشخاص مختلفين، إضافة إلى سرقتهن، وإجبارهن على الدعارة لشهور في منازل متصلة أو العمل مجانًا كخادمات".
وعندما حاولن الوصول إلى إيطاليا، وتحرير أنفسهن من العبودية، أعادهن خفر السواحل إلى الغرب الليبي مجددا، حيث احتُجزن في مركز تعرضن فيه إلى "الاغتصاب"، والحياة في ظروف غير إنسانية، "دون طعام أو ماء"، وفق الشكوى.
وفي الوقت الذي انخفض فيه عدد الرحلات إلى السواحل الإيطالية بنسبة 90 بالمئة مقارنة بالسنوات السابقة للعا 2017، فقد تحول الغرب الليبي إلى مركز نشطا لمهربي البشر، الذين يجنون "أرباح كبيرة" من أعمالهم، كما يتضح من التقرير الصادر عن المبادرة العالمية لمكافحة الجريمة المنظمة، التي تتخذ من جنيف السويسرية مقرا لها.
مسؤوليات الحكومة الليبية
وقال الموقع الإيطالي إن حكومة الوحدة الوطنية الليبية تتحمل بشكل غير مباشر المسؤولية عن استمرار نشاط الإتجار بالبشر والاستغلال الجنسي للمهاجرات، وذلك في ظل حالة الإفلات من العقاب، ولذلك فهي تقصر في تنفيذ التزاماتها المنصوص عليها في اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
ونبه إلى ما يتعرض له المهاجرون في مراكز الاحتجاز، حيث يبقون فيها "إلى أجل غير مسمى"، لفترات تتراوح من بضعة أيام إلى عدة أشهر، دون فحص من قبل السلطات القانونية الأسباب القانونية والموضوعية لإيقافهم، كما تكون هذه المراكز مكتظة، وتعاني من نقص الطعام ومياه الشرب والمساعدات الطبية، فيما يتعرض المهاجرون "بشكل منهجي" للتعذيب وسوء المعاملة والعمل القسري.
لا أثر قانوني لهذه الشكوى
إلا أن هذه الشكوى لن يكن لها انعكاسات أو أثر قانوني، إذ تلتزم منظمة الأمم المتحدة باحترام مبدأ سيادة الدول الأعضاء، وبالتالي فهي لا تعنى بمراجعة الاتفاقيات، كما يشرح الصحفي الإيطالي في موقع "ديكود 39" والمتخصص في الِشأن الليبي، ماسيميليانو بوكوليني.
وأضاف بوكوليني، في حديثه إلى "سكاي نيوز عربية"، أن روما لا ترغب في إعادة النظر في مذكرة التفاهم التي عقدتها مع حكومة السراج، حيث تحمل المنظمات الحقوقية الناشطة في أوروبا الطرفين المسؤولية عما يتعرض له المهاجرون.
وفي حين انتقد أحمد حمزة، رئيس اللجنة الوطنية الليبية لحقوق الإنسان، تركيز الدول الأجنبية على صد المهاجرين عن العبور من ليبيا إلى أوروبا، من دون الاهتمام بمخاطر دخولهم بشكل غير شرعي إلى ليبيا وبقاءهم فيها، في إشارة إلى أن كل ما يهم أوروبا وقف تدفقهم إلى سواحلها.
وطالب بدعم قوات حرس الحدود على الحدود الجنوبية، حيث تعتبر المنبع الذي يأتي منه المهاجرون من إفريقيا، محذرا من أن بقائهم قد يجر ليبيا لمحاكمات دولية ومنح تعويضات لأهالي الضحايا.