شنت قوات الجيش الوطني الليبي عملية عسكرية واسعة جنوبي البلاد، هي الأولى لها عام 2022، مستهدفة طرد التنظيمات الإرهابية وعصابات المخدرات والتهريب والهجرة السرية، التي تتخذ من المنطقة ملاذا تنشر منه التطرف والإجرام في بقية ليبيا.
وقال آمر عمليات الجنوب آمر منطقة سبها العسكرية اللواء المبروك سحبان في تصريحات صحفية، إن قوات الجيش الوطني بدأت حملة عسكرية واسعة وشاملة في الجنوب لفرض الأمن، وإنها "تستهدف عصابات تمارس تجارة المخدرات والتهريب والهجرة غير الشرعية، فضلا عن مجموعات مسلحة تشن عمليات إرهابية على قوات الجيش".
وبحسب سحبان، فإن المرحلة الثانية من الحملة ستتضمن محطات الوقود غير الشرعية، التي توزع الوقود المهرب بأسعار مرتفعة، خاصة أن عملية التوزيع في مستودع سبها النفطي للوقود غير عادلة لغياب الرقابة، و"هناك تلاعب كبير تشترك فيه محطات التوزيع وأطراف أخرى".
وعلق عضو مجلس النواب جبريل أوحيدة، على تجمع ميليشيات المرتزقة عند المثلث الحدودي جنوب شرقي ليبيا، قرب حدود تشاد والسودان، قائلا في منشور له على موقع "فيسبوك" إن "تلك الميليشيات تشكل خطرا محدقا إذا لم يتم استيعابها داخل دولها"، في إشارة إلى تشاد والسودان.
الحكومة الشرعية الحل
ويقول المحلل العسكري الليبي طه البشير إن مشكلة الجنوب الليبي "لن تحل إلا بإجراء الانتخابات، ووجود حكومة شرعية تضع هذا الملف نصب أعينها"، مبررا ذلك بأن "مشكلة الجنوب ليست أمنية فقط، بل بالتأكيد هي مشكلة اجتماعية وصحية واقتصادية ومعيشية".
ووفق حديث البشير لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن أكثر المناطق التي شهدت عمليات عسكرية آخر 4 سنوات هي مدن الجنوب، متسائلا: "لكن ما الفائدة في ظل غياب حكومي واضح وضعف الإمكانيات هناك؟".
كما اعتبر أن غياب التمثيل الرسمي للجنوب الليبي داخل الحكومة أدى لغياب المنطقة عن خطط الإصلاح والتطوير، وأن توزيع الموارد "لم يكن عادلا إذا قورن الجنوب بباقي المناطق".
ويشهد الجنوب الليبي منذ عام 2011 أوضاعا أمنية واجتماعية واقتصادية متردية، ونشطت هناك عصابات الهجرة غير الشرعية والمخدرات وخلايا تنظيم "داعش" النائمة، التي اتخذته ملاذا آمنا لمساحته الشاسعة وبعده عن أعين السلطات، كما تقوم العصابات بتهريب السلاح منه إلى ميليشيات داخل ليبيا.
وكانت دراسة أعدها مركز "كارنيغي" للأبحاث بعنوان "فوضى خطوط الحدود" بعد سقوط حكم الزعيم معمر القذافي في 2011، أشارت إلى أن جنوب ليبيا يتسبب في مشاكل كبيرة لجيرانه، فـ"تهريب السلاح والبشر يتدفق بحرية تامة من جميع أنحاء المغرب العربي بسبب الجماعات العرقية، وعلاقاتها الوثيقة بشبكات الإجرام المنظم التي تعمل على ربط المنطقة ببعضها البعض".
وقاد الجيش الليبي معارك تطهير جنوب البلاد من هذه العصابات الإجرامية والتنظيمات الإرهابية في حرب شرسة ضد جهات عديدة، أبرزها تنظيم الإخوان والمتمردين والمرتزقة التشاديين، وآخر هذه المعارك ضربات عسكرية موجعة لأوكار تابعة لتنظيم "داعش" والقاعدة في نوفمبر الماضي.
ورغم تعرض تنظيم القاعدة إلى ضربات قوية ومتتالية من طرف الجيش الليبي، فإن التنظيم يصر على إيجاد موطئ قدم في المنطقة، لكون ليبيا آخر أمل لتواجده في منطقة شمال إفريقيا.