بعد نجاح رئيس البرلمان العراقي، محمد الحلبوسي، في الحفاظ على منصبه لولاية جديدة، تسود توقعات بألا يتغير الوضع عما كان عليه قبيل الانتخابات بشأن اسمي رئيس الحكومة والجمهورية في ظل الصراعات والانقسامات السياسية التي تعيشها البلاد.
ودفعت الانقسامات بين المكونات الأساسية بعد غزو العراق عام 2003، باتجاه فرض نظام ديمقراطي شكلي يقوم على التوافق الضمني غير المعلن بين رؤساء الأحزاب السياسية الرئيسية في توزيع الرئاسات الثلاث.
ووفق المحاصصة تكون رئاسة الحكومة للشيعة، أما رئاسة الجمهورية وهو منصب شرفي محدود الصلاحيات فيعود للأكراد، ورئاسة السلطة التشريعية "البرلمان" فللعرب السنة.
والأحد، انتخب نواب البرلمان العراقي، الحلبوسي رئيسا للمجلس بأغلبية الأصوات في أولى جلساته، ليكون أول رئيس للبرلمان يُعاد انتخابه منذ الإطاحة بنظام صدام حسين عام 2003، وتنظيم انتخابات متعددة الأحزاب.
وحصل الحلبوسي على 200 صوت مقابل 14 صوتا لمنافسه محمود المشهداني، فيما اعتبرت 14 بطاقة اقتراع ملغاة.
وفي المقابل يقترب رئيس الوزراء العراقي الحالي، مصطفى الكاظمي، من الفوز بولاية ثانية، في ظل الاصطفافات الحالية، ولكونه مرشحا توافقيا في ظل مخاوف إيران والقوى التابعة لها من تفرد زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في ترشيح من يريد.
وقبل أسبوع، التقى الكاظمي بالصدر في محل إقامته بمنطقة الحنّانة بمحافظة النجف، حيث منع الصحفيون من تغطية لقاء الطرفين، الذي دام أكثر من ساعة، وأثار التكهنات، بشأن الاتفاق على ولاية ثانية للكاظمي، خاصة وأن مشرق عباس المستشار السياسي لرئيس الوزراء، كان حاضرا في اللقاء.
وحفّز وصول الكاظمي إلى أعلى منصب في الدولة، لإعادة تموضعه سياسيا، والتوغل داخل العملية السياسية، مدفوعا بجملة عوامل ساهمت في تعزيز مكانته، خلال الأشهر الماضية، وأظهرت قدرته على إدارة زمام الأمور في بلد يعاني اضطرابات سياسية عاتية.
والكاظمي، مستقل لا ينتمي إلى أي حزب سياسي، تسلّم منصب رئيس المخابرات في يونيو 2016، خلال فترة تولي حيدر العبادي رئاسة الحكومة بين عامي 2014 و2018.
3 مرشحين للرئاسة
والأحد الماضي، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي، فتح باب الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، مؤكدا أن "فترة الترشيح للمنصب تمتد لـ 15 يوما، وفي اليوم الأخير تجري جلسة التصويت على المرشحين".
ومنذ أيام تجري الأحزاب الكردية تفاهمات بشأن منصب رئاسة الجمهورية، بهدف اختيار شخصية مقبولة من الطرفين الكرديين، والذهاب بمرشح واحد إلى البرلمان العراقي، وعدم تكرار سيناريو عام 2018.
إلا أن الحزبين الرئيسين في إقليم كردستان العراق (الاتحاد الوطني برئاسة آل طالباني، والحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني)، قدما مرشحين هما الرئيس المنتهية ولايته برهم صالح وعضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري.
كما أعلن رزكار محمد، قاضي محاكمة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، ترشحه لمنصب الرئاسة، مطالبا الأحزاب الكردية بدعمه.
المحلل العراقي، هاشم عبد الكريم، قال إن هناك مؤشرات قوية على تجديد الرئاسات الثلاث أبرزها نجاح التكتل الصدري السني الكردي في تمرير الحلبوسي بأريحية كبيرة.
وأضاف عبد الكريم لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه رغم رفض الإطار التنسيقي الموالي لإيران لكل من برهم صالح والكاظمي إلا أن خيارات طهران باتت محدودة وستقبل آخر المطاف به كونه الخيار الأفضل، بدلا من أن يمرر الصدر أي مرشح آخر.
ولفت إلى أن "هناك بدائل مطروحة للكاظمي مثل رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي ومحمد توفيق علاوي، وفي حال حدثت مفاجآت أو تغيرات جوهرية فقد يكون العبادي رئيسا للوزراء مرة أخرى".
وأشار إلى أن "تصاعد الخلافات بين الحزبين الكرديين (الاتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستاني)، حول منصب رئاسة الجمهورية خاصة بعد إعلان عضو المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني هوشيار زيباري، تقديم أوراق ترشحه، قد يرفع أسهم القاضي رزكار".
ويفترض بالبرلمان بعد جلسته الأولى، أن ينتخب خلال 30 يوما رئيسا جديدا للعراق، يكلّف رئيسا للحكومة، يكون مرشحا من "الكتلة النيابية الأكبر عددا"، وفق الدستور، ومنذ تكليفه، يكون أمام الرئيس الجديد للحكومة 30 يوما لتشكيلها.