توصل قادة ورؤساء الولايات بالصومال إلى اتفاق جديد، ينص على استكمال الانتخابات التشريعية في البلاد خلال 40 يوما، وسط مخاوف من عوائق وتحديات أمنية وسياسية واقتصادية قد تتسبب في فشل الاتفاق وإنهاء الفراغ الدستوري.
جاء ذلك في ختام مؤتمر تشاوري استمر أسبوعا في العاصمة مقديشو، بحضور جميع رؤساء الولايات الإقليمية الـ5 وعمدة مقديشو، فيما كان يرأسه رئيس الوزراء محمد حسين روبلي.
وتطرق المجتمعون خلال المؤتمر إلى عدة ملفات، منها سبل إكمال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وتحديد سقف معين للانتخابات، إلى جانب الملف الأمني خلال المرحلة الانتقالية التي يمر بها الصومال.
40 يوما لإتمام الانتخابات
ووفق البيان الذي تلاه الناطق باسم الحكومة، محمد إبراهيم، فإن "المجتمعين في المؤتمر التشاوري توصلوا بعد اجتماعات مكثفة استمرت لـ7 أيام مع شركاء الصومال الدوليين والمجتمع المدني والمرشحين المحتملين في الانتخابات الرئاسية، إلى عدة بنود".
وتضمنت البنود "الانتهاء من انتخابات البرلمان باستكمال انتخابات الغرفة الأولى منه (مجلس الشعب) خلال 40 يوما بداية من 15 يناير الجاري إلى 25 فبراير المقبل".
وشدد على "أهمية إعطاء فرص متساوية لجميع المرشحين في الانتخابات البرلمانية، وعدم الانحياز لمرشح على حساب مرشح آخر".
ودعا المؤتمر التشاوري اللجان الانتخابية للحفاظ على حصة المرأة بنسبة 30 بالمئة في انتخابات مجلس الشعب، مطالبا لجان الانتخابات بـ"حماية الاتفاقيات حول الانتخابات التي توضح مسار العملية الانتخابية في البلاد".
وأشار إلى أنه "يجب على الولايات الفيدرالية السماح للمراقبين المستقلين والإعلام وشيوخ القبائل، بالإشراف على الانتخابات من أجل تحقيق نزاهتها".
كما دعا المؤتمر التشاوري الجيش إلى "عدم الانخراط بالعملية السياسية في البلاد وأداء واجباته المتمثلة بحماية أمنها".
وحث البيان بعثة الاتحاد الإفريقي لدى الصومال (أميصوم)، على تعزيز أمن القصر الرئاسي الذي يضم مقرات ومكاتب حكومية، بما فيها مكتب رئيس الحكومة.
أزمة سياسية
المؤتمر يأتي بعد أزمة سياسية بين رئيس الحكومة ورئيس البلاد، محمد عبد الله فرماجو، تطورت إلى تبادل اتهامات بين الجانبين بفشل مسؤولية إجراء الانتخابات في البلاد.
واتخذت الأزمة مسارا تصاعديا بعد إعلان فرماجو عن توقيف عمل رئيس الحكومة وتقليص صلاحياته، ليرد الأخير بأن خطوة الأول "محاولة للانقلاب على الشرعية".
وانتهت انتخابات مجلس الشيوخ الغرفة الثانية من البرلمان، والمكون من 54 عضوا في منتصف نوفمبر الماضي، فيما تتواصل انتخابات مجلس الشعب المكون من 275 نائبا في بعض الولايات الفيدرالية، حيث تم انتخاب 34 نائبا حتى الآن، كما لم يحدد بعد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.
وتتواصل الجهود الدولية لإنهاء حالة الجمود وإنقاذ البلاد من فراغ دستوري يضر مساري بناء الدولة والمصالحة الوطنية الشاملة، بعد انتهاء ولاية الرئيس محمد عبدالله فرماجو في فبراير الماضي.
انفراجة تواجه 3 تحديات
الباحث السوداني في الشؤون الإفريقية، صالح محيي الدين، قال إن الاتفاق خطوة مهمة وانفراجة كبيرة نحو استقرار جزئي للصومال، خاصة بعد الاضطرابات التي شهدتها الفترة الماضية بين روبلي وفرماجو، وقد يكتب له النجاح في حال توافر الدعم الدولي.
وأضاف محيي الدين، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "بدون دعم دولي كبير، هناك تحديات سياسية واقتصادية وأمنية تعرقل إتمام أطول انتخابات يشهدها العالم، وهي الانتخابات الصومالية".
وأوضح أن التحديات الاقتصادية تتمثل في الشركاء الدوليين الذين لم يعطوا الحكومة الصومالية حصتهم في تمويل الانتخابات، رغم طلب الحكومة مبلغا إضافيا على الميزانية الكلية المقترحة بـ27.2 مليون دولار.
وأشار إلى أن الشركاء الدوليين كانت حصتهم حوالى 7 ملايين دولار، ولم يدفعوا إلا 3.7 مليون دولار، مطالبين بشفافية ونزاهة وإنجاز الانتخابات في مواعيدها، وهو ما لم يحدث حيث تغيرت الجداول الانتخابية أكثر من مرة.
مخاطر الإرهاب
أما التحديات الأمنية، وفق محيي الدين، فإن خطر حركة الشباب الإرهابية يتنامى في كافة البلاد حتى بالعاصمة مقديشو، كما أنها وجهت تحذيرا للمواطنين بعدم المشاركة، وأن الانتخابات لا تمثل الصوماليين، فباتت هناك حالة خوف من أي عمليات إرهابية قد تعرقل سير الانتخابات.
وحول الجانب السياسي، أكد أن انتخابات مجلس النواب تمثل ركيزة مهمة جدا للحكومة والأحزاب ورؤساء الولايات كون أعضائه الـ275 هم من سينتخبون رئيس البلاد، لذلك هناك صراع كبير إقليمي وداخلي لتوجيه دفتها عبر التحالفات القبلية وديناميات العشائر والتوازنات وحسابات المال السياسي.
وأوضح أن الوضع الحالي هو وجود رئيس منتهية ولايته حصل على تمديد بالبرلمان، وتم التراجع عنه، ومجلس وزراء قائم بالأعمال، وهذا وضع سيستمر حتى مجيء رئيس جديد، وهناك ضغوط دولية لإنهاء هذا الفراغ الدستوري، مؤكدا أن شكل البرلمان الجديد هو الذي يحدد بدرجة حاسمة من هو الرئيس القادم المقرر انتخابه.
ومطلع العام الماضي، شهد الصومال أزمة سياسية أخرى بعد فشل خطط إجراء الانتخابات التي كانت مقررة في فبراير الماضي، بسبب عدم الاتفاق بين القوى السياسية داخل البلاد على كيفية تنظيمها، ثم انهيار المحادثات بين حكومة مقديشو والقادة المحليين في أبريل الماضي.
وطلب فرماجو في هذا السياق من المشرعين تمديد ولايته لمدة عامين، ما أدى إلى اندلاع اضطرابات اجتماعية واشتباكات في مقديشو، واضطر الرئيس المنتهية ولايته إلى التخلي عن خططه، وكلَّف رئيس الوزراء بقيادة الاستعدادات لإجراء انتخابات غير مباشرة هذا العام.