بعد انتخاب رئيس مجلس النواب العراقي الجديد محمد الحلبوسي، ممثلا عن المكون السني ونائبيه، شيعي وكردي، وسط مقاطعة قوى الإطار التنسيقي الشيعية، تتجه الأمور حسب مراقبين لكسر قاعدة الحكومات الائتلافية والتوافقية في العراق، نحو تشكيل حكومة أغلبية وطنية.
ويرون أن سيناريو انتخاب الحلبوسي سيتكرر مع انتخاب رئيس الجمهورية الجديد، والذي سيكلف بدوره رئيس الحكومة المقبلة بتشكيلها.
من جانبه، أكد الإطار التنسيقي، عدم اعترافه بنتائج الجلسة الأولى لمجلس النواب العراقي، مؤكدا أنه "سيتصدى لهذا التفرد اللامسؤول في القرار السياسي وسيمنع أخذ البلد إلى المجهول"، وفق بيان الإطار.
ويرى المراقبون أن ما حدث، هو مؤشر على تراجع الدور الذي لطالما مارسته قوى إقليمية معينة في العراق، وخاصة في هندسة حكوماته وتوجيه سياساتها، وأن ثمة ملامح لتبلور تحالف عراقي عريض، أضلاع مثلثه هم الصدريون والأكراد والسنة، مع انكماش تأثير وسطوة الميليشيات المسلحة وواجهاتها السياسية.
الكاتب والباحث السياسي العراقي، رعد هاشم، يعلق في حوار مع سكاي نيوز عربية، قائلا: "الإطار هو من أبعد نفسه بنفسه، فهو من أراد المماطلة والعرقلة والتعطيل، لكن الآية انقلبت على قوى الإطار التنسيقي، عبر اغتنام الصدريين والأكراد والسنة لهذه الفرصة السانحة، للخلاص من التحكم الاستبدادي الذي دام طويلا من قبل قوى مذهبية لطالما سيطرت على المشهد السياسي بالعراق، وعلى مدى أكثر من عقد ونيف، في مناورة سياسية ذكية".
وأضاف: "الإطاريون رغم خسارتهم الكبيرة بالانتخابات، أرادوا إعادة الكرة في بسط سيطرتهم على البلاد ومقدراتها بقوة السلاح والارتهان لما وراء الحدود، الأمر الذي لا يصب في مصلحة العراق ولا يتفق مع مخرجات العملية الانتخابية الأخيرة، وإرادة غالبية العراقيين وبما فيهم الشيعة العراقيون".
وقال: "من أراد تعطيل إرادة الإصلاح والتغيير في العراق، ها هو يجر الخيبة والخذلان"، كما يرى هاشم، متابعا: "وهذه فرصة تاريخية ولا شك لإمساك القوى السياسية المعتدلة والمنتخبة بتلابيب المعادلة الوطنية وإحكام استقرارها وتوازنها، من خلال إعادة الاعتبار لمؤسسات الدولة وهيبتها ووقف إقحام السلاح في اللعبة السياسية، واستشراء وتغول منظومات التحزب الميليشياوية، والتي بعد وصولها لطريق مسدود كادت أن تودي بالبلاد نحو مهاوي الإفلاس والدمار والاحتراب وحتى الانقسام".
وتابع: "وها هي تتكشف حجومها الحقيقية الهزيلة، حيث ذلك ظهر جليا من خلال مخرجات الانتخابات الماضية، والتي حاولوا بعد إعلان نتائجها الطعن فيها والتشكيك، لكنهم فشلوا وها هم يخسرون مجددا تحت قبة البرلمان أيضا، لصالح انتصار القوى الوطنية المتوازنة والمنتخبة من قبل العراقيين على اختلاف أطيافهم".
أما الكاتب والمحلل السياسي العراقي، علي البيدر، فيقول في حديث مع سكاي نيوز عربية: "بعد إعادة انتخاب محمد الحلبوسي رئيسا للبرلمان العراقي الجديد، وفق أغلبية الأصوات، فإن المشهد العراقي يتجه نحو الاحتكام للديمقراطية التي لطالما أفرغت من محتواها في العراق، تحت شعارات التوافق وتمثيل الكل، وهذا صحيح جزئيا لجهة تمثيل المكونات العراقية المختلفة وخاصة الثلاث الرئيسية، الشيعة والسنة والأكراد، لكنه يبدو إيغالا في نسف الممارسة الديمقراطية، عندما يتم سحب هذا المبدأ التوافقي على كل مكون، كما هي حالة المكون الشيعي الذي تصدرت أصواته وبفارق كبير للتيار الصدري".
ويتوقع البيدر أن تتجه الأمور نحو التجديد لرئيس الوزراء العراقي الحالي مصطفى الكاظمي، الذي يبدو مدعوما في هذا الإطار من قبل الكتلة الصدرية ويحظى بثقتها، والتي هي أكبر القوى البرلمانية العراقية، فيما ستبقى بداهة رئاسة الجمهورية من حصة الأكراد، وفق الكاتب والمحلل السياسي العراقي .