أعلن العراق، الأحد، رفعه من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول ذات المخاطر العالية في مجالي مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، مما عده محللون انفراجة كبيرة اقتصاديا وسياسيا خاصة في ظل اتجاه البلاد نحو إعادة الإعمار، مما يسهل حركة الأموال والدعم الدولي التي تأثرت بالقرار.
وقالت الخارجية العراقية، في بيان، إن "بعثة المفوضية الأوروبية سلمت رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي رسالة تضمنت رفع اسم العراق من قائمة الاتحاد الأوروبي للدول ذات المخاطر العالية في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب".
وأضافت أن "البعثة هنأت العراق على ما تم اتخاذه من إجراءات وجهود كبيرة لتحسين منظومة مكافحة غسل الأموال ومحاربة تمويل الإرهاب".
وتابعت الوزارة أن "التعاون الإيجابي والمستمر الذي قدمه الاتحاد الأوروبي والدول التي صوتت على القرار (لم تذكر تفاصيل) وبعثة الاتحاد في العراق، جاء بعد أن ارتقى العراق بإجراءاته إلى مستوى المتطلبات الدولية".
متى وقع التصنيف؟
وفي مايو 2020، صنفت المفوضية الأوروبية العراق بجانب دول أخرى، منها أفغانستان وباكستان وسوريا واليمن وإيران وكوريا الشمالية، ضمن قائمة الدول التي تشكل مخاطر مالية على الاتحاد الأوروبي، بسبب القصور في مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب.
وقالت إنها أدرجتها ضمن القائمة السوداء للدول التي تشكل مخاطر مالية على الاتحاد الأوروبي بسبب مؤشرات على وجود غسيل الأموال وتمويل الإرهاب فيها، معتبرة أنها "باتت تمثل تهديداً للنظام المالي للاتحاد".
ماذا يعني ذلك؟
المحلل العراقي، هاشم عبد الكريم، قال إن إلغاء التصنيف انفراجة كبيرة خاصة أنه يأتي مع اتجاه البلاد نحو مرحلة الإعمار ومن ثم تسهيل حركة الأموال من وإلى العراق بعدما كانت هناك قيود أوروبية شديدة.
وأضاف عبد الكريم لـ"سكاي نيوز عربية"، أنه يترتب على إدراج أي دولة ضمن هذه القائمة السوداء الأوروبية تبعات خطيرة جداً من بينها فرض قيود على التحويلات المالية من البلد وإليه، الأمر الذي ينعكس سلبا على الاستثمار وعمل المستثمرين فيه، ويحرم من الكثير من المزايا التي يتمتع بها في التعاملات المالية والمصرفية.
وأوضح أن التصنيف كان يضر بسمعة العراق المالية والسياسية بشكل كبير، ويترتب عليه خفض الدعم من الاتحاد الأوروبي على الحكومة العراقية من الناحية السياسية والاقتصادية إضافة إلى أنه كان يصعب على العراق الحصول على ائتمان أو قروض دولية أو من مؤسسات دولية مانحة بشروط ميسرة.
وأشار إلى أن سطوة إيران فتحت الأبواب مشرعة أمام كل صور الفساد واستباحة المال العام ونهبه، ومن بينها جرائم غسل الأموال، وتهريبها بشكل منظم عبر بعض القنوات الرسمية وغير الرسمية، ما حول العراق الى بيئة حاضنة للفساد وغسل الأموال.
وتابع: "منذ صدور القرار تحركت الحكومة العراقية بصفة عامة ووزارة الخارجية بصفة خاصة عبر تقديم كافة التعهدات باتخاذ الخطوات المطلوبة مقابل شطب اسم العراق من القائمة السوداء الأوروبية".
وأوضح أن ملفات كثيرة قدمها العراق تثبت جهوده الكبيرة في مكافحة الفساد والإرهاب"، لافتا إلى أن العراق قدم للمفوضية الأوروبية ضمانات وتعهدات باستمرار جهوده في هذا الإطار، خاصة أنه حقق تقدما كبيرا.
خطوات عراقية
وفي أكتوبر الماضي، قالت بعثة العراق لدى الاتحاد الأوروبي إن بغداد استوفت جميع معايير مجموعة العمل الماليFATF) ) الخاصة برفع اسمه من قائمة الدول عالية الخطورة، وزود الجانب الأوروبي بجميع الوثائق التي طلبها والتي تثبت استيفاءه جميع المعايير.
وآنذاك، قالت البعثة، في بيان، إن "السفير عبد الكريم طعمة، رئيس دائرة أوروبا في الخارجية العراقية، ورئيس بعثة جمهورية العراق لدى الاتحاد الأوروبي صادق الركابي، ترأسا اجتماعاً فنياً عقد في بروكسل بين الفريق العراقي المعني برفع اسم العراق من القائمة الأوروبية، والفريق الأوروبي المعني بهذا الملف في المفوضية الأوروبية وإدارة العمل الخارجي".
وأضافت أنّ "العراق أكد تمكنه من تجاوز العديد من التحديات في الآونة الأخيرة، وأنه يضطلع بدور في منطقة الشرق الأوسط، ويتطلع إلى التعاون البناء مع الاتحاد الأوروبي في كافة المجالات، وتذليل جميع العقبات التي تحول دون ذلك، خاصة تلك المتعلقة برفع اسمه من القائمة الأوروبية للدول ذات المخاطر العالية".
وأكد البيان أن الجانب العراقي عدّ الإبقاء على اسمه في هذه القائمة "غير منصف، لا سيما أن العراق لا يزال يواجه خطر الإرهاب"، موضحاً أنّ "الفريق الفني العراقي أجاب على جميع استفسارات الجانب الأوروبي لاستكمال التقييم النهائي".
وأشار البيان إلى أنّ "الفريق الفني قدم استعراضا بمنجزات منظومة العراق لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وآخر التطورات التي طرأت على قوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وأنواع الجهات الرقابية وعملها، كمجلس مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب ولجنة تجميد أموال الإرهابيين والمؤسسات المعنية بمكافحة الجرائم المنظمة والسلطة القضائية، وأهم إنجازات العراق بموجب الاستراتيجية الوطنية الأولى لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب للمدة 2017-2020".
ومجموعة العمل المالي (فاتف) تأتي اختصارا Financial Action Task Force – FATF وهي المجموعة الأم التي جاءت استجابة لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وانتشار التسلح وذلك لتعزيز الحماية من التهديدات وغيرها ذات الصلة التي يتعرض لها النظام المصرفي والمؤسسات المالية وما يمس نزاهة النظام المالي الدولي من ممارسات غير مشروعة مثل الأموال الناتجة عن الاتجار بالبشر والمخدرات وغيرها حيث أنشئت من قبل قمة مجموعة الدول السبع (G-7) في باريس في عام 1989.