أعلن رئيس الحكومة اللبنانية الأسبق سعد الحريري، الجمعة، عدم مشاركته في "الحوار الوطني" الذي دعا إليه رئيس البلاد ميشال عون قبل أيام، مما اعتبره محللون "فقدان ثقة" في نجاح أي حوار بقيادة الأخير، وكذلك نتيجة للخلاف بين الجانبين.
وقال المكتب الإعلامي لسعد الحريري، في بيان، إن رئيس تيار المستقبل أجرى اتصالا بميشال عون، و"أبلغه اعتذاره عن عدم المشاركة؛ لأن أي حوار على هذا المستوى يجب أن يحدث بعد الانتخابات النيابية".
وأوضح أن اتصال الحريري برئيس البلاد، جاء "إثر اتصال تلقّاه الأول من القصر الجمهوري، مقر الرئاسة اللبنانية، ببيت الوسط (مقر الحريري)، بشأن اقتراح عون بالدعوة إلى مؤتمر حوار وطني".
3 قضايا
وفي 27 ديسمبر الماضي، دعا الرئيس اللبناني، في كلمة تلفزيونية، الأطراف السياسية اللبنانية إلى "حوار وطني عاجل" (لم يحدد موعده)، بشأن 3 مسائل، هي "اللامركزية الإدارية والمالية الموسعة، والاستراتيجية الدفاعية لحماية لبنان، وخطة التعافي المالي والاقتصادي".
وقبيل تشكيل حكومة نجيب ميقاتي الحالية في سبتمبر الماضي، كان الحريري مكلفا بتشكيل الحكومة، لكنه قدم اعتذاره بعد أشهر على تكليفه، إثر خلافات سياسية مع عون حول التشكيلة الحكومية.
ومن المقرر أن تجرى الانتخابات البرلمانية اللبنانية في 15 مايو المقبل، ومن المتوقع أن تحتدم المنافسة مع توسع الغضب الشعبي بسبب الانهيار الاقتصادي والمالي، وتفاقم الفقر بدرجة كبيرة.
ويعاني اللبنانيون منذ أكثر من سنتين من أزمة اقتصادية طاحنة غير مسبوقة، أدت إلى انهيار قياسي في قيمة العملة المحلية مقابل الدولار، فضلا عن شح في الوقود والأدوية، وانهيار قدرتهم الشرائية.
3 أسباب
الكاتب اللبناني، قاسم قصير، قال إن اعتذار الحريري عن المشاركة في "الحوار الوطني" الذي دعا له عون يرجع إلى 3 أسباب؛ أولها أنه "موجود خارج لبنان حاليا، وليس هناك موعد محدد لعودته".
وأضاف قصير، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن الأمر الثاني يتمثل في أن "الحريري يعتبر أنه لا جدوى من الحوار؛ لأننا دخلنا في مرحلة الانتخابات المقررة إقامتها في مايو المقبل".
وأشار إلى أن السبب الثالث يرجع إلى أن الحريري "لا يريد إعطاء عون أي موقف إيجابي، بعد أن تعاطى معه سلبيا خلال تشكيل الحكومة".
وحول مدى رضا الفرقاء اللبنانيين على قيادة عون لحوار وطني، قال إن هناك "خلافا" حول ذلك، مضيفا: "البعض يدعم ويوافق، والآخر لا يقبل"، ومن يرفض يرى أن "عون فشل في رئاسته وأنه حليف لحزب الله، وأنه لا جدوى من الحوار".
وأشار إلى أن هدف عون من الدعوة للحوار هو "استعادة زمام المبادرة وإعادة تعويم دوره".
سجالات لا تنتهي
وهو ما أيده، الصحفي اللبناني عماد سيف الدين، بقوله إن "العلاقات بالأساس متوترة بين الحريري وعون، خاصة خلال مرحلة تكليفه بتشكيل الحكومة".
وأضاف سيف الدين، لموقع "سكاي نيوز عربية": "شهدت هذه الأشهر سجالات لم تنتهِ بين عون وفريقه السياسي من ناحية، والحريري وفريقه السياسي من ناحية أخرى، حول صلاحية كل منهما لتشكيل الحكومة، ومن يقف وراء التعطيل، ومن يمنع تشكيل الحكومة".
وأشار إلى أن عون مع قرب الانتخابات وقرب انتهاء ولايته، "يبحث عن زعامة جديدة تحيي آماله وآمال حزبه، إلا أن سنوات حكمه وتراجعه عن كافة وعوده، وكذلك الأوضاع السيئة التي وصلت إليها البلاد سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، أفقدته الكثير من وهج البدايات".
واندلعت احتجاجات واسعة في لبنان منذ أكتوبر 2019، احتجاجا على فساد الطبقة السياسية في البلاد، وتردي الأوضاع المعيشية، وتعالت الأصوات التي دفعت نحو إجراء انتخابات عامة مبكرة في البلاد، إلا أنها أخفقت في هذا المسعى.
ويتداعى الاقتصاد اللبناني منذ سنة 2019، عندما دفعت الديون الهائلة وحالة الجمود السياسي، البلاد إلى أعمق أزمة منذ الحرب الأهلية بين عامي 1975 و1990.