قالت مصادر أمنية ليبية، إن العاصمة طرابلس تشهد حالة من الانقسام الحاد في صفوف الميليشيات المسلحة بشأن كيفية العمل في حال سحب الثقة من حكومة تسيير الأعمال التي يقودها عبد الحميد الدبيبة.
وأوضحت المصادر الأمنية، لـ"سكاي نيوز عربية"، أن ما حدث من حصار لمؤسسات الدولة من جانب الميليشيات المسلحة في طرابلس خلال الأسابيع الماضية، كان بداية لعملية مدروسة، تمهيدا لفرض وصايتها على القرار السياسي إذا ما اتخذت إجراءات على غير هوى الميليشيات.
كما أشارت المصادر إلى وجود حالة من الحشد داخل صفوف الميليشيات على جميع أطراف العاصمة استعدادًا للخطوات المقبلة، فهناك تيار يسعى إلى توفير أقصى حماية للحكومة المنتهية ولايتها طبقًا لخريطة الطريق، وتيار آخر يسعى إلى الانفراد بالقرار في العاصمة.
وكانت الميليشيات المسلحة قد حاصرت منتصف الشهر المنصرم وقبل أيام من موعد الانتخابات الرئاسية التي كان مقرر إجراؤها في 24 ديسمبر، عددًا من المؤسسات، منها رئاسة مجلس الوزراء ومؤسسات أمنية.
تسيطر الميليشيات المسلحة في العاصمة الليبية على مراكز صنع القرار والتوجهات العامة، كما تسعى لإفشال أي خطوة نحو الحل السياسي في البلاد لإنهاء حالة الصراع والاقتتال.
"مناورة وخديعة"
وقال المحلل العسكري محمد الترهاوني، تعليقًا على تحركات الميليشيات إن "ما حدث من أسابيع أثناء حصار الميليشيات للمؤسسات كان عبارة عن مناورة وخديعة.. الهدف منها إظهار وجود خلاف مع السلطة في العاصمة".
وأضاف المحلل العسكري، أن الخطوة القادمة حال استشعار الميليشيات الخطر تجاه إقالة الحكومة، هي إشعال العاصمة حتى لا يتم تسليم السلطة وبالتالي تخسر الميليشيات نفوذها المستشري داخل العاصمة.
وأكد الترهاوني أن "الحماية هنا ستكون من الميليشيات نفسها للحفاظ على الحكومة المنتهية ولايتها من أي قرار إقالة حتى تستمر في السيطرة على مقدرات الدولة الليبية".
في السياق أكدت المصادر الأمنية، أن هناك اجتماعات مكثفة بين قادة الميليشيات من أجل الخطوة المقبلة التي سيكون ظاهرها حماية العاصمة ولكن من الباطن هي توفير الحماية لنفوذها.
المعادلة على الأرض
"معادلة صفرية".. هكذا وصف الدبلوماسي الليبي السابق سالم الورفلي الوضع الحالي في العاصمة طرابلس، التي تعاني من قبضة الميليشيات المسلحة.
وأكد الورفلي، أن أي مؤسسة حكومية أو صانعة للقرار في العاصمة تتبع بشكل مباشر وغير مباشر الميليشيات المسلحة التي تسيطر على المشهد بالكامل، وظهر جليًا خلال الأسابيع الماضية من عرقلة صريحة للانتخابات الرئاسية.
وأضاف الدبلوماسي الليبي السابق، أن صراع المصالح الخاصة هو من يحكم بالفعل العاصمة، وهذا الصراع هو من أعطى للميليشيات المسلحة القوة في صنع المشهد والسيطرة.
ويعمل مجلس النواب حاليا على النظر في استمرار الحكومة أو استبدالها، والتي كانت مهمتها التحضير للانتخابات الرئاسية، وتسليم السلطة إلى سلطة منتخبة، وهو الأمر الذي ستكشف عنه جلسات البرلمان المقبلة حول مصير حكومة الحالية.
وفي ظل التوجه البرلماني نحو حكومة عبد الحميد الدبيبة، تحاصر قضايا الفساد عددًا من الوزارات والمسؤولين السابقين، آخرها قرار النائب العام الليبي بحبس وزيرة الثقافة والتنمية المعرفية مبروكة توغي، وذلك في وقائع فساد.
في الوقت ذاته يسيطر الغضب على الشارع الليبي تجاه الحكومة وعدد من الأجسام السياسية التي تورطت في حالة الغموض بشأن مصير الانتخابات التي كانت المخرج الوحيد للأزمة الليبية.