انطلقت مشاورات مكثفة بين الكتل السياسية العراقية، بشأن تأليف الحكومة المقبلة، بعد مصادقة المحكمة الاتحادية على النتائج النهائية، وانتهاء أزمة الاعتراضات التي أبدتْها الفصائل المسلحة على النتائج.
ويوم الاثنين، أنهت المحكمة الاتحادية أزمة النتائج، وصادقت على أسماء المرشحين إلى مجلس النواب، فيما سحبت الفصائل المسلحة أنصارها الذين كانوا يتظاهرون قرب المنطقة الخضراء، احتجاجًا على النتائج.
وبدت أجواء مرحلة جديدة تتهيأ في العراق، حيث استدارت الكتل السياسية نحو حوارات وصفت بالجادة بشأن تشكيل الحكومة، بعدما كانت في مرحلة متوترة.
ومن المرتقب في الوقت الحالي أن تعمل المشاورات على جس النبض، دون الدخول في اتفاقات حقيقية.
وترى أوساط سياسية عراقية أن زعيم التيار الصدري سيكون أمام اختبار حقيقي لكل أفكاره بدءًا من مشاورات تشكيل الحكومة، وسط أسئلة حول ما إذا الصدر قادرًا على كسب ود الكتل السنية والكردية والمستقلين دون تقديم التنازلات الكافية لتحقيق ذلك، خاصة أن القوى الشيعية الأخرى ترفض مساره القاضي بإقصائها من تشكيل الحكومة.
خارطة التوافقات
في هذا السياق، يرى رئيس مركز "صقر" للدراسات، مهند الجنابي، أن "المؤشرات تتجه نحو مسار الصدر، وهو المرجح، إذ يمكن أن نرى تشكيل حكومة أغلبية سياسية مدعومة بائتلافي "تقدم" و"العزم"، مع توافق الحزب الديمقراطي الكردستاني برئاسة مسعود بارزاني، وبعض المستقلين".
ويضيف الخبير العراقي في تصريح لموقع "سكاي نيوز عربية" أن "هذا السيناريو يبدو الأقرب، وسيكون هناك ماراثون لتشكيل الحكومة، لكن الكتل الخاسرة ستبرز اعتراضاتها وشروطها على الرئاسات الثلاث، والمناصب، ومن يتولاها"، مشيرًا إلى أنه "قد لا نشهد تجديدًا للرئاسات الثلاث، وربما تُطرح أسماء جديدة توافقية، مع احتمال أن يضطر التيار الصدري ومن معه إلى الموافقة وتسوية الأمور".
ولفت إلى أن "حديث الأحزاب السنية والكردية بشأن رفضها الذهاب مع أحد الأقطاب الشيعية، تشكل تصريحات جزء من المشهد، فيما يعني قبول قوى الإطار التنسيقي للنتائج أن هناك تفاهمات يمكن أن توصل لحلول، ومن المعروف أن الأحزاب الكردية والسنية، دائمًا ما تمسك العصا من المنتصف".
ودعا الصدر، الاثنين، إلى الإسراع في تشكيل "حكومة أغلبية وطنية"، وهو المقترح الذي لا تتماهى معه كتل سنية وكردية كثيرة.
وإذا كان الصدر يريد أن يتحرر من ضغوط الإطار التنسيقي فسيكون عليه أن يظهر مرونة كبيرة في ترتيب أموره مع الكتل السنية، في سياق دعم هذه الشخصية أو تلك لرئاسة البرلمان، مقابل الحصول على دعم صريح لتشكيل الحكومة وتمكينها من حزام برلماني وسياسي يضمن استمرارها.
ويرجح مراقبون عراقيون أن يختار الصدر الخيار الذي يمكّنه من أن يظل الطرف المؤثر من وراء الستار، وأن الأقرب هو البحث عن شخصية توافقية مثل رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي الذي يمكن للتيار الصدري الرهان عليه لأجل حصول حكومته على اعتراف ودعم من الولايات المتحدة ودول الإقليم، خاصة مع دعم بقاء برهم صالح في رئاسة الجمهورية.
وترفض قوى الإطار التنسيقي، مثل تحالف "الفتح" بزعامة هادي العامري، و"دولة القانون" برئاسة نوري المالكي، إقصاءها من الحكومة المقبلة، ولذلك جهزت وفدًا من كبار سياسييها للقاء زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يوم الأربعاء، وبحث ملف تشكيل الحكومة.
وتبدي تلك القوى تخوفًا من مشروع الصدر الرامي إلى إصلاح العملية السياسية، وإنهاء الفساد والمحاصصة، وفق ما يعلنه بشكل متكرر، فضلاً عن برنامجه الرئيس، وهو دمج الحشد الشعبي في صفوف القوات النظامية.