طالب محللون وباحثون سياسيون السلطات في تونس، بإطلاع الرأي العام على هوية الجهات التي قال الرئيس قيس سعيّد إنها تخطط لاغتيال مسؤولين في البلاد.
والجمعة فتحت النيابة العمومية لدى القطب القضائي لمكافحة الإرهاب في تونس، تحقيقات على خلفية تصريحات سعيّد التي أشار فيها إلى رصد اتصال هاتفي تضمن مقترح ارتكاب جرائم اغتيال لعدد من المسؤولين في البلاد، مبينا أن المكالمة تحدثت حتى عن تحديد موعد الاغتيال.
وكان سعيّد قد حذر في تصريحات أدلى بها أثناء انعقاد المجلس الوزاري الدوري، الخميس، من "مؤامرات في تونس تصل إلى حد اقتراح بعضهم الاغتيال"، من قبل من سماهم "الخونة الذين باعوا ضمائرهم للمخابرات الأجنبية"، من دون كشف المزيد من التفاصيل التي طالب بها النشطاء السياسيون والمراقبون، لتحديد الجهة التي تقف خلف هذه التهديدات وتشكل خطرا على أمن البلاد.
وقال المحلل السياسي خليل الرقيق إن تصريحات سعيّد "يجب أن تؤخذ أمنيا على محمل الجد، لأن السياق السياسي والأزمة التي تمر بها البلاد تنبئ بمسار مشابه للفترة الزمنية التي عرفت اغتيال السياسيين شكري بلعيد ومحمد البراهمي، عندما دفعت الأزمات السياسية إلى تصفية الخصوم عبر الاغتيالات رغم التحذيرات الخارجية".
ودعا الرقيق في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية"، الرئيس التونسي إلى "الكشف عن هذه الأطراف التي تخون أمن تونس واستقرارها، لمعرفة ما إن كانوا خصوما سياسيين أم جهات إرهابية"، مضيفا أن "الرأي العام في تونس يجب أن يعرف ما إذا كانت جبهة 24 يوليو السياسية المعارضة لقرارات سعيّد، والتي تقودها حركة النهضة الإخوانية وحلفاؤها، هي من تقف وراء التهديد بالاغتيالات".
واعتبر المحلل السياسي أن إعلان الرئيس السابق محمد المنصف المرزوقي الدخول في "إضراب جوع" ينبئ باستعادة مشهد الأزمة السياسية في تونس، و"هو من باب المناورات السياسية الهادفة لخلق وضع متفجر اجتماعيا وسياسيا داخل البلاد، وتفريج الضغوطات على الأطراف السياسية المعنية بالمحاسبة والوقوف أمام القضاء ومنها الإخوان، إلى جانب عملها على مساعدة المنظومة السابقة في التقاط أنفاسها عبر المراهنة على خلق فوضى أمنية واستثمار التجربة الاقتصادية المحتشمة لحكومة نجلاء بودن لخلق احتقان اجتماعي".
ودعا الرقيق السلطات الأمنية للكشف عن "حقيقة التغلغل الإرهابي في البلاد، ومدى تحالف التطرف مع اللوبيات المالية الفاسدة وأذرعها السياسية".
يذكر أن المرزوقي المقيم خارج البلاد، أعلن دخوله في "إضراب جوع" بعد أن أصدرت محكمة تونسية حكما ابتدائيا يقضي بسجنه 4 سنوات، على خلفية تهمة الاعتداء على أمن الدولة الخارجي، بعد تعمده "إجراء اتصالات مع دولة أجنبية الغرض منها الإضرار بحالة البلاد الدبلوماسية"، إثر تصريحات قال فيها إنه سعى إلى إفشال عقد القمة الفرنكوفونية في تونس.
وفي السياق ذاته، اعتبر الباحث في العلوم السياسية محمد ذويب أن "استهداف شخصيات سياسية بالاغتيال عمليات غير مستبعدة الحدوث في هذا الظرف الاستثنائي الحساس الذي تشهده البلاد، والذي يتسم بحدة التجاذبات السياسية وفقدان قوى كبرى سياسية ومالية نافذة منذ سنين في الدولة لنفوذها بعد 25 يوليو".
وفي هذا التاريخ، أمر سعيّد بحل حكومة هشام المشيشي، وتعطيل عمل البرلمان الذي كانت تقوده حركة النهضة الإخوانية برئاسة راشد الغنوشي، وتعهد بفتح ملفات الفساد في البلاد.
وقال ذويب لموقع "سكاي نيوز عربية"، إن وزارة الداخلية والنيابة العمومية مطالبتان بتوضيح الأمر للتونسيين واتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي جر البلاد إلى مربع العنف والدم".
وأضاف: "من الممكن أن تكون الجهات التي يلمح إليها سعيّد هي حركة النهضة والأحزاب السياسية المتحالفة معها، مثل ائتلاف الكرامة وقلب تونس، أو لوبيات مالية متورطة في قضايا الفساد"، خاصة بعد إعلان الرئيس المرور إلى مصالحة اقتصادية وإصلاح جبائي.
كما يتفق مع الرقيق وذويب، الناشط السياسي ضمن حركة الشعب رضا الدلاعي.
وقال الدلاعي لموقع "سكاي نيوز عربية": "مطلوب من وزارة الداخلية إطلاع الرأي العام على المعطيات التي تهدد أمن البلاد، فالأمر أصبح يتجاوز الشخصيات السياسية المهددة بالاغتيال إلى المساس باستقرار وأمن تونس، ومناخ الاستثمار والإصلاح الاقتصادي والاجتماعي داخلها".