لا تزال تبعات تأجيل الانتخابات الرئاسية الليبية مستمرة، حيث أعلن مجلس النواب الليبي، الخميس، أنه أصدر قرارا بتشكيل لجنة تضم 10 من أعضائه، لإعداد مقترح خريطة طريق لما بعد 24 ديسمبر.

وأضاف المجلس، عبر موقعه الإلكتروني الرسمي، أن اللجنة ستقدم تقريرها إلى مكتب هيئة الرئاسة خلال أسبوع "لعرضه على مجلس النواب خلال جلسته المقبلة".

وكان البرلمان أسدل الستار على حالة الضبابية التي عاشها الشارع الليبي على مدار الأسابيع الماضية، حول الاستحقاق الانتخابي الذي كان مقررا عقده الجمعة، حيث أعلن البرلمان مقترحا بتأجيل الموعد شهرا.

تأجيلٌ كان متوقعا وبقوة في ظل المشهد الليبي المتأزم، والذي زادت حدته خلال الأسابيع الماضية، وهو توتر وصفه محللون وسياسيون ليبيون بالأخطر في تاريخ أزمة البلاد الممتد منذ عقد.

استحقاق انتخابي يمر بالكثير من الأزمات، أبرزها 4 ملفات وصفت بالأخطر أمام خارطة الطريق خلال الشهر المقبل، قبل الموعد الثاني للانتخابات الرئاسية التي تم تأجيلها إلى يناير المقبل.

لم تكن هذه الصورة متوقعة في ليبيا حتى وقت قريب.

التوافق العام لتهيئة الأجواء

حالة من الانسداد السياسي تعيشها ليبيا منذ تحديد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية وفقا لخارطة الطريق المتفق عليها دوليا، السياسي الليبي محمد الدوري، والعضو السابق في المؤتمر الوطني العام، أكد أن حالة التشرذم بين القوى السياسية، وحتى داخلها، ساهمت كثيرا في صنع المشهد الراهن.

وأوضح الدوري، خلال تصريحاته لـسكاي نيوز عربية، أن اللجنة التي سيتم تشكيلها من جانب البرلمان لوضع خارطة الطريق يجب أن تتعلم من أخطاء حكومة الدبيبة التي تنتهي أعمالها رسميا غدا وفقا لخارطة الطريق.

وأكد الدوري العضو السابق في المؤتمر الوطني العام، أن القوى السياسية في الداخل الليبي تدرك جيدا أن جميع خطواتها ستكون محل أنظار الشارع الليبي، والقوى الدولية أيضا، فالشهر القادم لن يكون كسابقه، وستتحول الشعارات إلى ترجمة واقعية على الأرض.

وأشاد الدوري باللقاء الذي جمع عددا من المرشحين الرئاسيين، أبرزهم خلفية حفتر وفتحي باشاغا في مدينة بنغازي شرقي ليبيا مطلع الأسبوع الجاري، والذي ضم أيضا عددا من المرشحين للرئاسة، وهم "أحمد معيتيق وعارف النايض والشريف الوافي".

وتابع السياسي الليبي، قائلا: "تلك التحركات تعد خطوة مهمة تستطيع الحكومة الانتقالية أن تبني عليها لصنع توافق عام وتهيئة حقيقية لأجواء ما قبل الانتخابات التي ينتظرها الشارع الليبي". 

خروج القوات الأجنبية

"لغم في طريق خارطة الطريق يجب التخلص منه".. هكذا وصف الدبلوماسي الليبي السابق سالم الورفلي، ملف المرتزقة والقوات الأجنبية، مؤكدا أن خارطة الطريق الجديدة التي ستقود الفترة المقبلة، وبحسب المعلن شهرا من الآن، يجب أن تُولي الملف أولوية قصوى.

وأضاف الدبلوماسي الليبي السابق بالأمم المتحدة، أن نجاح خارطة الطريق مربوط بدعم اللجنة العسكرية 5+5، والتي توصلت خلال الفترة الماضية إلى تفاهمات حول ملف سحب المرتزقة.

وأشاد الورفلي بتحركات اللجنة الأخيرة في كل من تركيا وروسيا، مؤكدا أن خروج المقاتلين الأجانب من البلاد سيسهم بشكل كبير في حل الأزمة، بخلاف استعادة سيادة البلاد مع بناء مؤسسات الدولة.

وأضاف الدبلوماسي الليبي أن التفاهم التركي الروسي الأخير سيصب في مصلحة ليبيا؛ لأن ملف المرتزقة هو الأكثر تعقيدا بالنسبة للجنة، ونجاح المباحثات يعني ضمان حلحلة الأزمة.

أخبار ذات صلة

ليبيا.. لجنة برلمانية لإعداد خريطة طريق بعد 24 ديسمبر
خلال حكم النهضة.. الإرهاب تفشى في تونس بـ"أرقام مرعبة"

سلاح الميليشيات

سلاح الميليشيات هو العقبة الأساسية في طريق حل الأزمة الليبية، فمطلع الأسبوع الجاري، نشطت الميليشيات المسلحة في الغرب الليبي والعاصمة طرابلس على الأرض؛ من أجل تعطيل الاستحقاق الانتخابي ومنعه.

وهنا، أكد الأكاديمي الليبي محمد الهلاوي أن ما حدث خلال الأيام الماضية من تحرك للميليشيات يثبت أنه لا حل في البلاد بدون التخلص من تلك الآفة التي تهدد أمن ليبيا والمنطقة بالكامل.

وأوضح الأكاديمي الليبي، خلال تصريحاته لـسكاي نيوز عربية، أن الميليشيات المسلحة تعمل على ضمان استمرار حالة اللادولة والفوضى؛ لضمان تنفيذ مخططاتها، وهي السيطرة على مقدرات الشعب وثرواته وخدمة أجندات خارجية.

وطالب الهلاوي بضرورة تفعيل عصا العقوبات الدولية خلال الفترة القادمة؛ لمنع الميليشيات من ضرب الاستحقاق الانتخابي مرة أخرى، واستمرار حالة الفوضى.

الاجتماع يهدف لبحث سبل إخراج المرتزقة من ليبيا - أرشيفية

توحيد المؤسسة العسكرية

يعد توحيد المؤسسة العسكرية مسألة حساسة وشديدة التعقيد في الملف الليبي، ولن يتم تنفيذه بدون تفكيك الميليشيات المسلحة وجمع السلاح، وترحيل كل القوات الأجنبية، وفق ما يؤكد العسكري الليبي عثمان المختار.

وسلط المختار، خلال حديثه لـسكاي نيوز عربية، الضوء على التحركات الدولية المتعلقة بإعادة توحيد المؤسسة العسكرية، مؤكدا أن هناك فصيلا في الداخل الليبي (الإخوان) لا يرغب بوجود مؤسسات عسكرية أو شرطية موحدة.

في السياق ذاته، طالب البيان الختامي لمؤتمر برلين الثاني حول ليبيا، بضرورة احتكار الدولة للاستخدام المشروع للقوة، ودعم الجهود المبذولة لتوحيد المؤسسات الأمنية والشرطية والعسكرية الليبية.

وأوضح الخبير العسكري أن الليبيين لديهم ثقة كبيرة بالجيش، بخلاف سخطهم على الأوضاع الأمنية المتردية في بعض المناطق التي تنشط فيها الميليشيات والجماعات المسلحة.

وكان ينتظر الليبيون غدا أولى الخطوات نحو الاستقرار السياسي وهي الانتخابات الرئاسية، ولكن نتيجة عدة عراقيل تم تأجيل الاستحقاق الانتخابي، وأصبحت عملية السلام التي تعتبر الأمل الوحيد منذ أعوام لإنهاء عقد اتسم بالفوضى والعنف، على المحك.