هدد أهالي منطقة فزان جنوبي ليبيا باتخاذ إجراءات تصعيدية، تصل إلى استقالة ممثليها من الحكومة، في حال استمرار تردي الأوضاع المعيشية بالمنطقة، رغم أن البلاد تمتلك أكبر احتياطات للنفط في قارة إفريقيا.
جاء ذلك خلال اجتماع مجلس عمداء بلديات فزان، وبحسب ما صرح به أسامة الوافي، المسؤول الإعلامي لبلدية سبها، لموقع "سكاي نيوز عربية"، فالقرار جاء نتيجة لتردي الأوضاع وانعدام الخدمات، وتواصل الأزمات، وعلى رأسها أزمة الوقود والغاز وانهيار البنية التحتية.
مطالب بالاستقالة
ويقول الوافي إن أحد أهم المطالب التي اجتمع عليها عمداء بلديات فزان هو استقالة ممثلي المنطقة بحكومة الوحدة الوطنية من مناصبهم، والتضامن مع الأهالي، لا سيما وأن الأهالي استبشروا خيرا بحكومة الوحدة الوطنية وقيام أعضائها بزيارات للمنطقة، واطلاعهم على الوضع، إلا أنها لم تفِ بوعودها، وتركت الحال كما هو عليه لتكونَ كسابقاتها من الحكومات المتعاقبة، على حد قوله.
وكذلك خلص الاجتماع إلى مطالبة أعضاء مجلس النواب ومجلس الدولة بالعودة فورا للمنطقة؛ للتشاور والتباحث في الوضع العام الذي تعيشه فزان، بحسب الوافي.
وعن أسباب تدهور الوضع في المنطقة الجنوبية، يقول المسؤول الإعلامي إن فزان "أشبه بمأساة"؛ لأن بعدها عن الإدارة المركزية في طرابلس أثر عليها بشكل كبير، وجرى إهمالها، فيما حوالى من 70 -85 بالمئة العمالة الخدمية تقوم بها المنظمات الدولية في المنطقة.
وضرب مثالا بأن مركز سبها الطبي يعتمد بشكل كبير على إمدادات منظمة الصحة العالمية ومنظمات أخرى، وآخرها صيانة قسم الولادة من قبل منظمة "أكتيد" (منظمة فرنسية غير حكومية).
ويشكو السكان من أن فزان غنية بالنفط، ورغم ذلك فإن ضعف استغلاله في تقديم الخدمات تسبب في انتشار البطالة، رغم أنها المدينة الثالثة في ليبيا إداريا، لكنها من الناحية السياسية والخدمية تعد إحدى القرى الليبية البعيدة عن الخدمات والمشاريع.
وسبق أن عقدت حكومة تصريف الأعمال مؤتمرًا دوليًّا للاستثمار، الشهر الجاري، تحت شعار "الاستثمارات نحو الجنوب"، بمشاركة محلية وأجنبية، لجذب استثمارات في مجالات الطاقة المتجددة والتعدين والزراعة والسياحة والعقارات والبنى التحتية والمناطق الحرة وتجارة العبور، وركز على توجيه نظر المستثمرين إلى الجنوب لغناه بالثروات الطبيعة؛ ولحاجته للمشاريع التنموية.
قلق أمني
ويعيش سكان المنطقة الجنوبية في ليبيا حالة من القلق الأمني الشديد، فضلا عن مشكلات المرافق والخدمات، وقبل نحو أسبوعين أحبط الجيش الوطني الليبي محاولة من ميليشيات محسوبة على تنظيم الإخوان الإرهابي لنشر الفوضى، بدخولها في اشتباكات ضد قوات الجيش بمدينة سبها جنوبي البلاد.
ووقعت الاشتباكات بين الجيش وميليشيات تسمى "قوات مكافحة الإرهاب"، وهو اسم بدا للتغطية على حقيقتها، حيث سبق وشاركت مع تحالف ميليشيات "فجر ليبيا" الإرهابية في تدمير وحصار العاصمة الليبية عام 2014.
وبحسب ما نقلته مصادر محلية لموقع "سكاي نيوز عربية"، فإن الاشتباكات وقعت حين حاولت الميليشيات اقتحام بعض المناطق والصدام مع الجيش.
ويقول محمد مجنوح من سكان سبها: إن قوات الجيش عارضت دخول سيارات تابعة لمليشيات تدعى "قوات مكافحة الإرهاب"، واقتادت السيارات ومن فيها لقاعدة عسكرية تابعة لهم، وهناك اندلعت الاشتباكات، مشيرا لسقوط قتيلين ومصابين، بينهم مدنيون.
ووصل رتل مسلح بكامل عتاده إلى سبها لتقديم الدعم للقوات المرابطة، بحسب ذات الشاهد الذي وصف الميليشيات التي هاجمت قوات الجيش بالمجرمين، وأن قائدهم المدعو مسعود الجدي لديه سجل حافل من الجرائم، غير أنه تفاءل بأن الأوضاع قد تتجه للاستقرار.
واختفت في سبها مظاهر الحياة، فتوقفت الدراسة في المدارس والجامعة، وأغلقت المصالح الحكومية أبوابها جرّاء الاشتباكات.
الإخوان
وكان المحلل السياسي سلطان الباروني، قد صرح سابقا لموقع "سكاي نيوز عربية"، بأنه لا يوجد شك في أن تنظيم الإخوان مهد الجنوب الليبي لكافة التنظيمات الإرهابية التي كانت متمركزة في شمال البلاد.
وأضاف الباروني أن عمليات الجيش الليبي، والتي كان يواجه خلالها عناصر إرهابية، أوضحت أن 3 تنظيمات موجودة هناك، وهي: تنظيم "داعش" الذي كان يقاتل الجيش في بنغازي، وتنظيم "القاعدة" الذي كان يقاتل في درنة، وعناصر من "بوكو حرام" الذين تم نقلهم لليبيا؛ للحصول على تدريبات لنشر الفوضى في منطقة الساحل الإفريقي.
وأوضح الباروني أن هذه المعطيات أثبتت أن تنظيم الإخوان هو السبب الأول في نشر الفوضى المدقعة التي ضربت الجنوب الليبي، فهو مَنْ مهَّد لهم الطريق للتمركز هناك بعد طردهم من قِبَل الجيش الليبي.