تستضيف مدينة نور سلطان، عاصمة كازاخستان، على مدار يومين، النسخة الـ 17 من محادثات أستانة حول الملف السوري، وسط آمال بانفراجة في ظل تغييرات سياسية وتحولات في موازين وتوجهات القوى الدولية المؤثرة.
ووفق بيان للخارجية الكازاخستانية، فإن المحادثات "التي ستجرى في 21 و22 ديسمبر ستناقش بشكل رئيسي أعمال اللجنة الدستورية السورية في جنيف، وستعقد المحادثات برعاية الدول الضامنة تركيا وروسيا وإيران.
وسيشارك فيها وفد من الحكومة السورية والمعارضة المسلحة، إضافة إلى وفد دولي خاص، ومراقبين عن لبنان والأردن والعراق.
وأوضحت أن تركيز الجولة المنتظرة من المحادثات على أعمال اللجنة الدستورية بجنيف "يأتي بهدف إكساب زخم لأعمال اللجنة وتحفيز العملية التفاوضية تحت إشراف الأمم المتحدة"، كما ستناقش المحادثات أيضا مستجدات الأوضاع على الساحة السورية بشكل عام، ومهام الحفاظ على الهدوء في مناطق خفض التصعيد.
وفي الوقت الذي ستشهد فيه المحادثات، لقاءات ثنائية بين الأطراف، فإن الجلسة الرئيسية لن تعقد بسبب وباء كورونا، فيما سيتم الإعلان عن بيان ختامي عبر المصادر الرسمية المعتمدة.
وتعتبر اللجنة الدستورية السورية من مخرجات مؤتمر "سوتشي" الذي عقدته روسيا، في مطلع عام 2018، ويعوّل عليها في وضع دستور جديد لسوريا، وتحظى بدعم ورعاية من الأمم المتحدة، والتي تراها الطريق الوحيد للوصول إلى الحل السياسي.
17 جولة في 5 سنوات
وبدأت المحادثات وفق صيغة أستانة قبل 5 سنوات لإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، تشارك فيها إيران وروسيا وتركيا.
وحتى الآن، عُقدت 16 جولة من محادثات أستانة، كانت آخرها في منتصف شهر يوليو الماضي في العاصمة الكازاخية نور سلطان.
وتناولت محادثات أستانا قضايا عدة بينها الأوضاع في سوريا وأداء اللجنة الدستورية السورية في جنيف والمساعدات الدولية وبعض الإجراءات مثل تبادل الأسرى وإطلاق سراح الرهائن والبحث عن المفقودين.
وأكد البيان الختامي للجولة الـ16 من محادثات أستانة أهمية عقدِ اجتماع للجنة الدستورية السورية في جنيف ورفض العقوبات على سوريا، وشدد البيان على ضرورة زيادة المساعدات دون تسييس.
مؤشرات بانفراجة قريبة
الأكاديمي السوري، يوسف كمال، قال إن هناك تغييرات إقليمية ودولية تشهدها الساحة السياسية على مدار الشهور الماضية قد تحدث تحولات في الملف السوري وتنبئ ببداية انفراجة للأزمة الراهنة.
وأضاف كمال، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية": "كان أبرزها نتائج زيارة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسون إلى دمشق وحديثه عن إمكانية طرح مقاربات جديدة تتيح إحراز تقدم في العملية السياسية بعد محادثات أجراها مع دول عربية وأوروبية والولايات المتحدة".
وأوضح أن المعارضة اليوم تبدو أضعف من أي وقت مضى، مع تراجع وتيرة الدعم الغربي لها، وبعدما بات وجودها على الأرض يقتصر على فصائل مقاتلة تدعمها أنقرة في شمال وشمال غرب البلاد، وهي مناطق تخضع لاتفاقات أميركية روسية.
وأكد أن أي مفاوضات بين أعضاء اللجنة الدستورية لن تنتهي بإجبار الأسد على القيام بما لا ينوي أساساً فعله.
أبرز الملفات
وحول أبرز الملفات على الطاولة، قال الأكاديمي السوري إن قضايا الأمن ومكافحة الإرهاب وتشغيل آليات منع وقوع الحوادث ستتصدر جدول أعمال اجتماع أستانة، كما سيركز الاجتماع على تحليل كيفية تطبيق وقف الأعمال القتالية في سوريا وخاصة في إدلب والمنطقة المحيطة بها، لافتا إلى أن المباحثات ستناقش أيضاً القضايا الإنسانية ومشكلة اللاجئين السوريين.
وتعتبر اللجنة الدستورية المسار السياسي الوحيد الذي ينظر إليه المجتمع الدولي كأحد أبواب الخروج من الأزمة المستمرة منذ أكثر من 10 أعوام.
وتتألف من 150 عضوا يمثلون الحكومة والمعارضة والمجتمع المدني بالتساوي وبحسب ميثاق تشكيلها، يعود للجنة أن "تراجع دستور 2012 وأن تقوم بتعديل الدستور الحالي أو صياغة دستور جديد".
مقاطعة أميركية
وفي أبريل الماضي، أعلن سفير أميركا لدى كازاخستان أن الولايات المتحدة تعتبر محادثات جنيف بشأن السلام في سوريا، هي أفضل طريقة لحل الأزمة، وأكد أن بلاده لا تنوي العودة بصفة مراقب إلى "محادثات أستانة".
وقال السفير الأميركي لدى كازاخستان، ويليام موسر: "نعتقد أن عملية جنيف تحت رعاية الأمم المتحدة هي أنسب عملية لحل هذا الصراع. لذلك، لا نريد الآن أن نكون مراقبين في عملية أخرى".
انفتاح عربي
وفشلت كافة جولات التفاوض التي قادتها الأمم المتحدة في جنيف خلال السنوات الماضية، في تحقيق أي تقدم. وفي خطوة بديلة، انطلقت منذ العام 2019 محادثات حول الدستور برعاية الأمم المتحدة، إلا أنها لم تحقق أيضاً أي تقدم.
وبعد عزلة فرضتها دول غربية وعربية على سوريا، برزت خلال الفترة الماضية مؤشرات انفتاح عربي تجاه دمشق.