حرَّض المفتي المعزول الصادق الغرياني، مَنْ وصفهم بـ"أهل فبراير" في ليبيا على القتال هم وأبناؤهم لتحرير البلاد، ما اعتبره كثيرون دعوة تحريضية جديدة يسجلها تنظيم الإخوان في ليبيا ضد الاستحقاق الانتخابي، المهدد أصلا بالتأجيل.
تحريض الغرياني الذي لم يكن الأول، بل جاء عقب تصعيد الميليشيات المسلحة ومحاصرتها لمقرات الحكومة في العاصمة طرابلس، وتهديدها بمنع إجراء الانتخابات، بخلاف الاشتباك مع قوات الجيش الوطني بمدينة سبها جنوبي ليبيا.
وبات الاستحقاق الانتخابي المقرر في 24 ديسمبر الجاري مهددا بالتأجيل نتيجة العراقيل، أبرزها تحركات تنظيم الإخوان على مدار الأسابيع الماضية، حيث اعتمدت خطتهم على 3 محاور بغية تأجيل الانتخابات، بحسب سياسيين وخبراء ليبيين.
المحور الأول: الرفض والمماطلة
بدأ التنظيم، بحسب السياسي والدبلوماسي السابق سالم الورفلي، في هذا المحور منذ شهرين، إذ سعى التنظيم إلى رفض قانون الانتخابات، ومحاولة تعطيل التصديق عليه أو البدء في تنفيذ خريطة الطريق.
وأوضح الدبلوماسي الليبي السابق لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن التنظيم أخذ في الرفض والمماطلة بحجة غياب "القاعدة الدستورية" للانتخابات تارة، وضرورة الاستفتاء على دستور جديد تارة أخرى.
وتابع الورفلي: "مع اقتراب غلق باب الترشح والتحضير للاستحقاق عمليا، حوّل التنظيم الاعتراض والمماطلة بعد ذلك إلى بعض المرشحين، ومحاولة اختلاق المشاكل والأزمات لتعطيل الانتخابات، وصُنع حالة من الانسداد السياسي".
وأكد الدبلوماسي الليبي أن الخيارات البديلة للحل الانتخابي لن تؤثر على ليبيا وحدها، بل على المحيطين الإقليمي والدولي، ومكاسب تيار الفوضى من سيناريو فجر ليبيا الذي دفع بالبلاد إلى الانقسام بعد انتخابات 2014، يجب ألا تتكرر".
وطالب الورفلي المجتمع الدولي بالتعامل بحزم في مواجهة محاولة عرقلة الانتخابات أو نسف خريطة الطريق المتفق عليها؛ من أجل عدم العودة للمربع الأول واستمرار الفوضى.
في السياق ذاته، قال الأكاديمي الليبي محمد الهلاوي، إن تنظيم الإخوان في ليبيا يدرك جيدا خسارته أي استحقاق انتخابي، ويدرك أيضا أن بناء مؤسسات الدولة في ليبيا يعني انتهاء التنظيم.
المحور الثاني: التحريض والتشكيك
شهدت الأيام الماضية، وحتى اللحظة، دعوات تحريضية صريحة من جانب تنظيم الإخوان، حيث دعا سهيل الصادق الغرياني، نجل مفتي الجماعات الإرهابية، في تغريدة على "تويتر"، لمهاجمة المقرات الانتخابية.
الأمر نفسه تكرر مرة أخرى، حيث طالب مفتي التنظيم في ليبيا، الغرياني، بحمل السلاح ومنع إجراء الانتخابات الرئاسية، وقال إنها "محرمة شرعا"، مما دفع أنصار التنظيم إلى اقتحام مقر المفوضية العليا للانتخابات والاعتصام بداخلها.
وقال الأكاديمي الليبي محمد الهلاوي، خلال حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، في تلك المرحلة اعتمد التنظيم على الشحن من خلال ستار الدين؛ للتحضير لما هو أخطر وهو العنف والصراع مجددًا.
وأضاف الهلاوي أن دعوات الغرياني تزامنت معها تحركات يقودها خالد المشري أحد زعماء الإخوان، ورئيس المجلس الأعلى للدولة، الذي دعا أنصاره للاعتصام أمام مقار المفوضية العليا للانتخابات وعرقلة عملها، وهو ما حدث بالفعل لعدة أيام في عدد من مدن الغرب الليبي.
وقال الأكاديمي الليبي: "يدرك تنظيم الإخوان والتيارات التابعة له أن الشارع والمواطن البسيط في ليبيا لفظهم بشكل كبير، نتيجة سوء إدارتهم المالية والسياسية لمؤسسات الدولة والعمل على تفريغها".
المحور الثالث: التحرك المسلح
مع دخول موعد الاستحقاق الانتخابي أسبوعه الأخير، تصاعدت وتيرة العنف الإخواني، إذ انتقل التنظيم إلى المحور الثالث، وهو تحريك عصى الميليشيات، وهذا ما ظهر جليا في حصار الميليشيات لمقرات الحكومة في العاصمة طرابلس، بحسب الأكاديمي الليبي.
التحرك المسلح من جانب التنظيم، جاء عن طريق ميليشيات تعرف باسم "لواء الصمود"، التي أعلنت عزمها عدم السماح بإجراء الانتخابات المقررة في 24 ديسمبر الجاري، كما قامت بحصار مقر رئاسة الوزراء.
وأضاف الهلاوي أن التنظيم في محور التحرك المسلح لم يعتمد على حصار المقرات وتهديد الانتخابات فقط، بل عمل على استهداف المدنيين، والاقتتال بين الميليشيات، مطالبًا بضرورة قيام القوى الدولية بفرض عقوبات على بعض الشخصيات الإخوانية في الداخل الليبي.
وأوضح الأكاديمي الليبي أن خطط التنظيم أصبحت مكشوفة في الداخل والخارج الليبي، فهي لا تعترف بالصناديق الانتخابية، وتحتكم فقط لصناديق الذخيرة، وما يحدث الآن يشير إلى دخول البلاد لمربع عام 2014، عندما انقلب التنظيم بقوة السلاح على نتائج صناديق الانتخابات البرلمانية.
وأكد الهلاوي أن الميليشيات المسلحة تشكل تهديدًا خطيرًا على مستقبل ليبيا واستقرارها، وليس على الانتخابات فقط، مؤكدًا ضرورة أن يتخذ المجتمع الدولي موقفًا حازمًا وسريعًا من تلك الميليشيات؛ حتى لا تهدر جميع الجهود الدبلوماسية التي بذلت على مدار السنوات الثلاث الماضية.
وتسود حالة من الضبابية حول مصير الانتخابات الليبية التي لم تتأجل رسميا حتى الآن، رغم أنه لا يوجد متسع من الوقت لإجرائها، في ظل محاولات دولية لتهيئة المناخ للاستحقاق الانتخابي.