جددت الولايات المتحدة دعمها الكامل لإجراء الانتخابات الرئاسية الليبية من أجل خروج البلاد من أزمتها الحالية الممتدة على مدار عقد من الزمان.
دعم واشنطن للاستحقاق الانتخابي، جاء خلال لقاء سفير الولايات المتحدة لدى ليبيا ريتشارد نورلاند، رئيس مجلس إدارة المفوضية الوطنية العليا للانتخابات، بمقر مكتب ليبيا التابع لوزارة الخارجية الأميركية في العاصمة التونسية.
السفير الأميركي أكد خلال اللقاء دعم بلاده القوي للاستحقاق الانتخابي والمفوضية العليا من أجل الوصول إلى نتائج انتخابات حرة ونزيهة بخلاف التحذير من محاولات عرقلة الاستحقاق؛ دعم يأتي بعد ساعات من التصعيد في الداخل الليبي من جانب المليشيات المسلحة.
المليشيات تربك المشهد
محاولات دولية تجري على قدم وساق لإنقاذ أولى خطوات خريطة الطريق المتفق عليها خلال الأسابيع الماضية، وزاد الزخم الدولي خلال الأيام السابقة من أجل تهيئة الأجواء للاستحقاق الانتخابي، وكان أخرها وصول مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز إلى طرابلس، مساء الأحد الماضي.
تحركات عبر الأروقة السياسية للتمهيد للعملية الانتخابية، قوبلت بتحركات من جانب المليشيات المسلحة على الأرض، فجر الخميس، لنسف الاستحقاق بالكامل، حيث حاصرت تشكيلات مسلحة مقر رئاسة الوزراء في طريق السكة بالعاصمة طرابلس، وحسب مصادر ليبية، شهدت مدن المنطقة الغربية استنفارًا بين عدة تشكيلات مسلحة، بعد حصار مقر رئاسة الوزراء.
حصار ورصاص وتهديدات صريحة بعدم إجراء الانتخابات أطلقت، الخميس، من جانب مليشيات تدعى "لواء الصمود"، وتنشط في العاصمة الليبية طرابلس؛ في السياق ذاته، قال عضو المفوضية الوطنية للانتخابات أبوبكر مردة، إن إجراء الانتخابات في موعدها المقرر 24 ديسمبر الجاري أصبح غير ممكن.
من جانبه، أكد عبدالمنعم اليسير رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام الليبي، أن الوضع الليبي الحالي غير طبيعي، وأن معضلة المليشيات المسلحة التي تتحكم في العاصمة طرابلس، هي واحدة من أبرز العقبات التي تواجه البلاد.
وأضاف اليسير، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن المنطقة الغربية في ليبيا خير دليل على أن الوضع غير طبيعي، واصفًا الحكومة الحالية بنتاج تحالف إخواني مليشياوي لن يترك السلطة بسهولة.
وسلط اليسير الضوء على تحركات المليشيات المسلحة وتنظيم الإخوان خلال الفترات الماضية لتعطيل الاستحقاق الانتخابي، حيث دعا سهيل الصادق الغرياني، نجل مفتي الجماعات الإرهابية، في تغريدة على "تويتر"، لمهاجمة المقرات الانتخابية.
كما طالب خالد المشري، رئيس ما يسمى بالمجلس الاستشاري، برفض الانتخابات الرئاسية والنيابية، وإقامة تظاهرات رافضة لإجراء الاستحقاق.
وأكد رئيس لجنة الأمن القومي في المؤتمر الوطني العام، أن من يعمل على إدارة الحكومة الحالية تابعون ومقربون للإخواني علي الصلابي، وهدفهم الأول السيطرة على مقدرات الدولة وثرواتها.
في السياق، قال السياسي الليبي محمد الدوري، إن تحرك المليشيات خلال الساعات الماضية ومحاصرة المؤسسات في العاصمة يربك المشهد بشكل سريع، ويؤكد استحالة إجراء الانتخابات في موعدها.
وأوضح السياسي الليبي، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن الهدف الرئيسي من تلك التحركات هي منع إجراء الانتخابات، واستمرار حالة الفوضى التي تستفيد منها تلك المليشيات ونهب مقدرات الدولة.
وأكد الدوري، أن هناك أياد خارجية تحرك تلك المليشيات لتعطيل الانتخابات والعودة للمربع صفر مرة أخرى، متسائلًا: "لماذا تحركت تلك المليشيات مع اقتراب الانتخابات والتحركات الأممية لضمان تهيئة الأجواء".
وتابع السياسي الليبي قائلًا: "كلما اقتربت ليبيا من أي حل سياسي تعود المليشيات بالمشهد إلى مربع الفوضى وعدم الاستقرار".
من المستفيد؟
حالة من الانقسام في المشهد السياسي الليبي مع العد التنازلي للانتخابات الرئاسية، وهنا أكد الباحث العسكري عثمان المختار، أن المجتمع الدولي المعنيَّ بالأزمة الليبية يسعى بكل قوة من أجل إجراء الانتخابات بموعدها.
وأوضح العسكري الليبي، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية"، أن المستفيد من الوضع الحالي والارتباك نتيجة وجود المليشيات هي الحكومة الليبية نفسها التي تستفيد من كل يومًا في السلطة.
وأكد المختار أن القوى الدولية لن تترك معرقلي الانتخابات وحالة الانقسام التي تعيشها البلاد الآن، مستشهدًا بتحذيرات السفارة الأميركية، وحذر المختار من تداعيات إعلان تأجيل الانتخابات الرئاسية بدون توافق داخلي على الأقل، وتنسيق مع الدول المعنية بالأزمة والضامنة لخارطة الطريق.
من جانبه، أكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة سرت عبدالعزيز عقيلة أن تأجيل الانتخابات إذا تم فسيكون لفترة وجيزة لا تتعدى شهورًا، والمستفيد الحالي من الوضع الراهن هي الحكومة الحالية؛ لأنها نتاج حوار جنيف، ووفق جزء من خارطة الطريق المتفق عليها دوليًّا.
وأكد عقيلة أنه من الصعب، بل شبه مستحيل، تشكيل حكومة جديدة حال تأجيل الانتخابات؛ لأن حكومة الدبيبة لن تسلم السلطة إلا إلى حكومة شرعية منتخبة من الشعب، وهذا يتم عن طريق الانتخابات التي تواجه العديد من الصعوبات.
ورغم العراقيل والتلويح بالتأجيل، لا يزال الشارع الليبي يعلق آماله على نجاح الاستحقاق الانتخابي وإجرائه نهاية الشهر الجاري.