أعلنت الساعة السكانية الخاصة بمصر الموجودة أعلى الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء مؤخرا، تسجيل 750 ألف نسمة جديدة على مدار 160 يوما.
وتعليقا على تلك الزيادة الكبيرة خلال وقت قصير، قالت مديرة مشروع "2 كفاية" بوزارة التضامن الاجتماعي المصرية، ديزيريه لبيب: "نستهدف الحد من الزيادة السكانية، وتعزيز مفهوم الأسرة الصغيرة وتصحيح المفاهيم المجتمعية الخاطئة، التي تدفع الأسر إلى كثرة الإنجاب".
وأشارت إلى أن ذلك يتم "مع الالتزام بمبدأ عام، هو حق الأسرة في تحديد عدد أبنائها، مع تأمين حقها في الحصول على المعلومات ووسائل تنظيم الأسرة التي تمكنها من الوصول إلى العدد المرغوب من الأطفال".
وتابعت لبيب في حديثها لموقع "سكاي "نيوز عربية": "نسعى لخفض معدلات الزيادة السكانية لإحداث التوازن المفقود بين معدلات النمو الاقتصادي ومعدلات النمو السكاني، للارتقاء بنوعية حياة المواطن المصري وتحقيق معدل الإنجاب الكلي المستهدف في 2030 وهو 2,4 طفل للسيدة الواحدة".
وكان الجهاز قد أعلن في الخامس من يوليو الماضي، عن وصول عدد سكان مصر في الداخل لـ102 مليون نسمة، ليتم تسجيل الربع مليون نسمة الأول بعد ذلك في يوم 23 أغسطس الماضي، أي بعد 50 يوما.
وسجل عدد السكان الربع مليون نسمة الثاني في الثالث عشر من أكتوبر الماضي أي بعد 50 يوم من الأول، غير أن الربع مليون نسمة الثالث تم تسجيله خلال 60 يوما.
وقالت مديرة مشروع "2 كفاية": "نعمل على استعادة دور المجتمع المدني وإذكاء الجهود التطوعية لمجابهة المشكلة السكانية، وزيادة الطلب على خدمات تنظيم الأسرة، من خلال حملات طرق الأبواب وحملات إعلامية جماهيرية موسعة، وتقديم خدمات تنظيم الأسرة من خلال تطوير بنية تحتية وتوفير موارد بشرية لعيادات تنظيم الأسرة بالجمعيات الأهلية".
الاستراتيجية القومية للسكان
وأقامت مصر على مدار السنوات الأخيرة "الاستراتيجية القومية للسكان"، التي تستهدف ضبط النمو السكاني، في ظل استمرار معدلات الإنجاب المرتفعة، والتحديات الاقتصادية والاجتماعية التي ظهرت معها، وتؤثر على جودة الخدمات التعليمية والصحية المقدمة للمواطنين".
وعملت الاستراتيجية على 5 محاور رئيسية، هي التمكين الاقتصادي، والتدخل الخدمي، والتدخل الثقافي والإعلامي والتعليمي، والتحول الرقمي، والتدخل التشريعي.
وأكدت لبيب أنه تم "إنشاء وتجهيز وتشغيل عدد من عيادات تنظيم الأسرة الخاصة بالجمعيات الأهلية الموجودة في المحافظات الأكثر فقرا والأعلى في معدلات الخصوبة، هي البحيرة، والجيزة، والفيوم، وبني سويف، والمنيا، وقنا، وسوهاج، وأسيوط، والأقصر، وأسوان، بالإضافة إلى حي الأسمرات".
مسرح الشارع
وأشارت لبيب في حديثها لموقع "سكاي نيوز عربية"، إلى أنه "في المحافظات الأكثر فقرا والأعلى في معدلات الخصوبة، تم تنفيذ العديد من المسرحيات وفقًا لمسرح الشارع، استفاد منه آلاف المواطنين، وكانت النسبة الأعلى للمشاهدين من السيدات بنسبة 68 بالمئة من عدد الحضور".
وأردفت: "قدمنا في العرض المسرحي العديد من التأثيرات السلبية الناتجة عن كثرة الإنجاب، من خلال خلق مواقف جاذبة للمشاهد تجعله يفكر في الرسائل، دون افتعال، وتجنب أساليب الوعظ والتخويف، مع التركيز على العديد من المفاهيم الاجتماعية الخاطئة التي تدفع العديد من العائلات نحو زيادة الإنجاب، وذلك بطريقة كوميدية خفيفة وجذابة ومقبولة تصل بسهولة إلى المشاهد، ليتم تصحيح هذه المفاهيم الخاطئة".
مشاريع للنساء
ومن خلال الاستراتيجية القومية للسكان، سيتم تمويل آلاف المشروعات للنساء المستفيدات من برنامج تنظيم الأسرة ممن التزموا بتطبيق قواعده ومعاييره، وتدريب وتأهيل عدد كبير منهم على ريادة الأعمال والتثقيف المالي، ورفع كفاء وتطوير الوحدات الصحية في المستشفيات التكاملية على مستوى الجمهورية.
كما تعمل مصر على إتاحة جميع وسائل تنظيم الأسرة أمام الجميع بالمجان، ورفع وعي المواطن المصري بالمفاهيم الأساسية للقضية السكانية وبالآثار الاجتماعية والاقتصادية لها، من خلال صياغة رسائل ثقافية تبث من خلال الحملات، وإطلاق برامج توعوية للشباب حول مفاهيم وسلوكيات الإنجاب الصحيحة.
تدريبات متطورة
واستطردت مديرة مشروع "2 كفاية" بوزارة التضامن الاجتماعي: "بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبتمويل من الاتحاد الأوروبي، تم تدريب العديد من الأطباء والممرضات، على دمج خدمات الصحة الإنجابية مع خدمات تنظيم الأسرة".
وأردفت: "شملت حزمة الخدمات التي سيتم التدريب عليها الحقوق الإنجابية، ورعاية ما قبل الولادة، والمشورة قبل وبعد الولادة، وتغذية السيدات أثناء الحمل والرضاعة والنفاس، والوقاية والعلاج من التهابات الجهاز التناسلي والأمراض المنقولة جنسيا، والتثقيف الصحي ودعم الرضاعة الطبيعية، والتشخيص المبكر لسرطان الثدي، إلى جانب خدمات تنظيم الأسرة".
عقوبات وقوانين رادعة
ومن بين المحاور التي تعمل عليها مصر لوقف الزيادة السكانية، قيام وزارة العدل بمراجعة ومتابعة القوانين المعروضة على مجلس النواب، فيما يتعلق بقانون سن الزواج، وإصدار قانون تجريم زواج القاصرات، وتغليظ عقوبة الزواج المبكر للفتيات، وعمالة الأطفال، على أن تشمل الأب أو ولي الأمر.
"عصا سحرية"
في الوقت نفسه، يقول دكتور عمرو حسن، مقرر المجلس القومي للسكان السابق، وأستاذ النساء والتوليد والعقم بقصر العيني: "ليس لدينا عصا سحرية تستطيع حل المشكلة، ولكن الحل يتطلب وعي واهتمام ورؤية وعمل جاد، ومواجهة مواطن القصور والاعتراف بها ووضع الحلول المنطقية، فنحن قادرون على تحدي الصعاب والنجاح في أي مهمة، والتاريخ شاهد على ذلك".
وأوضح حسن لموقع "سكاي نيوز عربية"، أنه "من خلال متابعة المناقشات الكثيرة والدراسات التي قام بها الكثير من العلماء والمتخصصين في مجال السكان والتنمية على مدى العقود الماضية، ومتابعة النتائج التي تم تحقيقها للتصدي للمشكلة السكانية، نستطيع أن نؤكد أن حل المشكلة لابد أن يتم وفقا لإطار مؤسسي قوي، ويكون من خلال رسم السياسات ووضع الخطط وتنظيم الأدوار ومتابعة التنفيذ".
واستطرد: "الدولة المصرية دخلت رسميا في مواجهة المشكلة السكانية منذ عام 1965، أي أن عمر هذه التجربة قد اقترب من 60 عاما، ورغم ذلك ما زلنا ندور في فلك تلك المشكلة، وحتى الآن نعاني من تأثيراتها السلبي، رغم أننا كنا سباقين في ضربة البداية".
فرصة ذهبية
ونوّه حسن إلى أن "مصر الآن أمام فرصة ذهبية لمواجهة حاسمة لمشكلة الزيادة السكانية، حيث توجد إرادة سياسية لحل هذه المشكلة، فالرئيس عبد الفتاح السيسي وضع قضية الزيادة السكانية في مصر نصب عينيه منذ توليه منصبه، وقد ألقى الضوء مرارا على ضرورة حلها".
واختتم حديثه قائلا: "مصر لديها طموح كبير وهدف واضح، وهو خفض معدل الزيادة السنوية إلى 400 ألف مواطن، وهو حلم كبير لو تحقق، سيساهم في حل الكثير من المشكلات".