في خطوة لمواجهة حالة الجفاف التي تضرب العراق، أعلنت الحكومة المركزية في بغداد إطلاق مياه السدود لتغذية الأراضي الزراعية والاحتياجات الأخرى، وسط تحذيرات من أن يكون الوضع الراهن هو الأخطر على العراق مائيا.

وقطعت إيران طوال الشهور الماضية معظم مياه الأنهار المتدفقة من أراضيها نحو العراق، الأمر الذي تسبب بجفاف شديد في معظم مناطق شرقي البلا.

وجاء قرار طهران، رغم أن قرابة 40 نهرا متدفقا من إيران نحو العراق، هي أنهار دولية عابرة للحدود، وثمة اتفاقيات دولية تنظم حقوق الدول المشتركة في تلك الأنهار.

كما تراجعت كميات الماء المتدفقة من نهري دجلة والفرات، والمئات من فروعها المتدفقة من تركيا، على مدار الأشهر الماضية، وهو ما دق ناقوس الخطر تجاه المخاطر التي تواجهها الزراعة، واحتياجات مياه الشرب.

أخبار ذات صلة

العراق على شفا "أزمة خطيرة".. مطلوب التدخل سريعا
"المسكوف العراقي" في خطر.. أزمة المياه تنذر بجفاف كارثي
العراق يكابد شحا في المياه.. والحل "المؤقت" يزيد الطين بلة
شح المياه والأمطار والتصحر.. العراق "تحت الحصار"

سنة شحيحة

وفي آخر تطورات هذا الملف، قال المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية، علي راضي: إن "المعطيات تشير إلى أن هذه السنة شحيحة، وكل الإيرادات المائية التي ترد إلى سدودنا وخزاناتنا غير كافية لتغطية حاجاتنا، لذلك نضطر إلى إطلاق الخزين المتوفر في سدودنا وخزاناتنا، لكي نلبي الاحتياجات وفق هذه الخطة".

وأضاف المسؤول العراقي، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الرسمية "واع": إن "الوزارة ستلتزم بالإطلاقات المائية لتغطية الحاجة حسب الخطة الزراعية، إضافة إلى الإطلاقات المائية لتأمين الاحتياجات الأخرى، منها محطات الإسالة (مياه الشرب)، وكذلك الأهوار، ولسان ملح البصرة، فضلًا عن الاستخدامات الصحية والكهرومائية".

وأشار إلى أن "منع التجاوز على الحصة المائية هو لضمان وصول المياه لكل المستفيدين، ولكل المحافظات وخصوصا محافظات: البصرة، وميسان، وذي قار التي تكون أكثر تضررا بسبب التجاوز على الحصة المائية، إضافة إلى منع التجاوزات البيئية على نوعية المياه من رمي المخلفات والنواتج لمحطات الصرف الصحي التي تؤدي إلى تلويث المياه".

وتفيد أرقام رسمية بأن التصحر بات يجتاح 39 بالمئة من الأراضي العراقية، كما تهدد زيادة ملوحة التربة القطاعَ الزراعي في 54 بالمئة من الأراضي المزروعة.

ومما يسهم في استفحال الأزمة، كما يشير خبراء بيئيون، تلك السياسات المائية المجحفة بحق بلاد الرافدين من طرف دول الجوار، عبر تشييد السدود على منابع وروافد كل من نهري دجلة والفرات.

وعملت هذه السياسات مع مرور الوقت على تقليص تدفق المياه على الأراضي العراقية، مما أدى لحدوث شح كبير في كميات المياه المخصصة للري.

وإضافة إلى ذلك، فإن موسم الأمطار في العراق لعام 2020-2021 هو الأكثر جفافا خلال 40 عاماً مضت، مما تسبب في نقص حاد لتدفق المياه في نهري دجلة والفرات بلغت نسبته 29 بالمئة و73 بالمئة بالترتيب.

حراك دبلوماسي

وأطلقت الحكومة العراقية، خلال الفترة الماضية، حراكا دبلوماسيا واسعا، مع أنقرة وطهران، بشأن إنهاء الأزمة المائية، حيث تم الاتفاق على دخول مذكرة التفاهم الموقعة عام 2009، حيز التنفيذ، وأهم بنودها إعطاء حصة عادلة للعراق من المياه.

كما شارك العراق في مؤتمر المياه الذي أقيم مؤخرا في القاهرة، وتمخض عن تفاهمات وتعهدات من تركيا، فضلا عن الاستعداد لإجراء تفاهمات مماثلة مع مسؤولي الموارد المائية الإيرانيين.

وفي هذا السياق، أكد مسؤول عراقي في وزارة الموارد المائية، أن "هناك تقدما جيدا في مسار إنهاء أزمة المياه، بعد تعهدات حصل العراق عليها من تركيا وإيران، غير أن ظاهرة الجفاف بشكل عام ألقت بظلالها على أوضاع هذيْن البلديْن كذلك".

وأضاف المسؤول العراقي، الذي رفض الكشف عن اسمه لموقع"سكاي نيوز عربية"، أن "إطلاق مياه السدود لتغذية المنشآت المائية، والخطة الزراعية، جاء كحل مؤقت، لحين تنفيذ ما توصل إليه العراق مع هذين البلدين، خلال الفترة الماضية، من اتفاقات يمكن أن تُسهم في حل جزء من الأزمة المائية".

وأدى توالي مواسم الجفاف إلى تقلص الأراضي الصالحة للاستثمار الزراعي في العراق، نظرًا لزيادة ملوحتها، وهو أمر يشكل خطرًا محدقًا بالأمن الغذائي.

وتصاعدت حدة التحذيرات من المرحلة المقبلة، في ظل التناقص الرهيب في المياه، ما قد يدخل العراق في الدائرة الحمراء.

هل هناك خطر من ندرة المياه العذبة على كوكب الأرض؟