شرعت جامعات مغربية في إنجاز بحوث حول سبل الاستفادة من القنب الهندي، في ضوء قيام المملكة بتقنين استخدام هذه النبتة لأجل أغراض طبية وصناعية، في وقت سابق من العام الجاري.
ويأتي انخراط الجامعات بعدما دخل القانون المتعلق باستخدام القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية في المغرب حيز التنفيذ، في يوليو الماضي.
ودخلت الجامعات على خط هذا المشروع، مستفيدة من مشاريع بحثية في مجال النباتات تقف وراءه وكالة وطنية رسمية مهمتها البحث العلمي والتنموي والابتكار في مجال النباتات الطبية والعطرية.
انخراط رسمي في البحث
قبل أن يجري طرح مسألة تقنين القنب الهندي في المغرب على طاولة الحكومة السابقة، اهتمت مراكز مختصة في المملكة بهذه النبتة، من أجل استغلالها لأغراض طبية وصناعية، في مسعى إلى نقلها من دائرة "الممنوع" إلى إطار "مشروع".
ولتعبيد الطريق أمام هذه النقلة، انخرطت "الوكالة الوطنية للنباتات الطبية والعطرية" (هيئة رسمية) التي "تتوفر على مجلس علمي اقترح عدة مواضيع مهمة لإبراز قيمة نبتة القنب الهندي في المملكة"، بحسب مدير الوكالة، عبد الخالق فرحات.
وأضاف فرحات، في حديثه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "الوكالة التي تشرف على ثمانية مختبرات ومرافقها العلمية، تسهر على متابعة مشروع تقنين الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي، إلى جانب المختبرات التي تتوفر عليها الجامعات والمراكز البحثية الوطنية في قطاعات وزارية أخرى".
وذكر مدير وكالة الوطنية للنباتات الطبية والعطرية، أنه تم إنجاز بحوث ترتبط "بالتوصيف الجيني لنبتة القنب الهندي في المغرب، وتوصيف الأنواع ودراسة الكيمياء النباتية والدوائية والتطبيقات الصناعية للقنب الهندي، إلى جانب التوصيف البيولوجي والصيدلاني للنبتة".
وأشار المتحدث إلى ثلاثة مشاريع تعنى بشكل أساسي بالبحث في الجوانب "البيو – كيمائية" والصيدلانية والطبية لنبتة القنب الهندي، انكبت عليها الوكالة منذ 2018 مع جامعة محمد بن عبد الله بفاس (وسط)، وجامعة محمد الأول بوجدة (شرق) سنة 2019، ثم مع جامعة بوردو الفرنسية سنة 2019.
انفتاح على ميادين جديدة
ومن بين الخطوات التي تلت المصادقة على تقنين القنب الهندي، قررت جامعة عبد الملك السعدي بتطوان (شمال)، الشهر الماضي، إحداث مركز للبحث وتقييم القنب الهندي بإقليم الحسيمة شمالي المغرب، رصد له مبلغ أزيد من مليون درهم (100 ألف دولار).
ويرى الباحث في البيولوجيا النباتية المتخصص في علم النباتات العرقي، ياسين مقلاش، أن مركز البحث وتقييم القنب الهندي "سيشكل بإحداثه قفزة نوعية في ميدان البحث العلمي المختص في دراسة هذه النبتة، وذلك باحتضانه لمختبر لدراسة التربة والكائنات المجهرية، كما سيكون مزودا بتجهيزات للتجارب الجينية والبيولوجيا الجزيئية، والتي سيكون لها بالغ الأثر في الكشف عن قيمة هذه النبتة محليا ودوليا خصوصا لوجود طلب عالمي شديد على مشتقاتها".
في تصريحه لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، تابع الباحث الذي أنجز أول بحث دكتوراه حول القنب الهندي على مستوى كلية العلوم بجامعة عبد الملك السعدي بتطوان، أن "العشرية الأولى من القرن الـ21 بكلية العلوم في تطوان، تم إنجاز العديد من المنشورات العلمية التي تناولت جوانب ترتبط بالبيولوجيا والطب خصوصا".
وأردف مقلاش أنه "منذ 2010، برزت أهمية الانفتاح على البحث في ميادين جديدة كعلاقة نبات القنب بالإنسان، أو ما يصطلح عليه بعلم النباتات العرقي، وما يتطلب ذلك من الإلمام بتقنيات البحوث الميدانية ذات الطابع الاجتماعي.
رهان التنمية
ويعتقد المراقبون في المملكة أن خطوة تقنين القنب الهندي للاستعمالات المشروعة مشروع مهم جدا للبلاد، ويرى الباحث في اقتصاد القنب الهندي، شريف أدرداك، أن "انخراط مؤسسات البحث العلمي التابعة للدولة في هذا المجال، سيسهل من عملية إدماج اقتصاد نبتة الكيف في الدورة الاقتصادية الوطنية بشكل سلس".
واعتبر أدرداك، في اتصال بموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "البحث العلمي سيلعب بدون شك دورا مهما في إظهار القيمة المميزة لنبتة القنب الهندي المحلي المعروف بالكيف".
كما دعا الباحث في اقتصاد القنب الهندي، إلى "إعادة الاعتبار للبحوث في المجال، المتراكمة في رفوف المكتبات الجامعية والعامة، عن طريق إلزام الإدارات المعنية بالتنمية والتابعة للدولة بتخصيص ميزانية مهمة للبحث العلمي".