فتحت في الجزائر، صباح السبت، صناديق الاقتراع أمام الناخبين، للتصويت في أول انتخابات للمجالس البلدية والولائية التي تشهدها البلاد، بعد حراك 19 فبراير 2019.

ويتنافس في هذا الموعد الانتخابي 115.232 مرشحا لمقاعد المجالس البلدية، و18910 مرشحين للمجالس الشعبية الولائية.

وقد شهدت الساعات الأولى للتصويت إقبالا متواضعا، وهو أمر معتاد في مثل هذه المواعيد الانتخابية، حيث يتوقع أن ترتفع نسبة الإقبال بعد الظهر وفي الساعة الأخيرة التي تسبق غلق صناديق الاقتراع، المحددة بالساعة 7 مساء. ومن المتوقع إعلان النتائج الرسمية الأحد.

ويجمع خبراء على وصف الأسابيع الثلاثة التي رافقت الحملة الانتخابية بـ"الباهتة"، مفسرين ذلك بعدة أمور سياسية ومناخية واجتماعية، كما يوضح المحلل السياسي عامر رخيلة لموقع "سكاي نيوز عربية".

أخبار ذات صلة

تبون: عهد شراء الذمم انتهى وشاركوا بقوة بالانتخابات المحلية

وقال: "اتسمت الأسابيع الثلاثة من الحملة الانتخابية بالبرود في العاصمة، وقد انعكس ذلك الأمر على باقي ولايات الوطن، فباستثناء عدد قليل من الملصقات والتجمعات في الغرف المغلقة، لم تشهد الجزائر نشاطا بارزا للحملات الانتخابية".

ورأى رخيلة أن "عامل المناخ المتمثل ببرودة الطقس وهطول الأمطار، وما رافقها من أخبار عن غلق للطرقات وتهديد لعدد من المباني، كان له الأثر الكبير على مستوى الحملة الانتخابية".

وجاء ذلك في الوقت الذي لا يزال ينظر فيه الشارع إلى المنتخبين المحليين باعتبارهم "مسؤولين محدودي الصلاحيات، وغير قادرين على تحسين الحياة في مدنهم"، بحسب المحلل.

وتأتي هذه الانتخابات كثالث موعد انتخابي يُنظم في عهد الرئيس عبد المجيد تبون، وسط تعهدات بإصلاح جميع المؤسسات ومنح المنتخبين الجدد صلاحيات أوسع، من خلال إعادة النظر في قانون الضريبة.

وقال رخيلة إن مراجعة القوانين في هذا الإطار، "من شأنه ترميم أزمة الشرعية السياسية، التي تعد واحدة من أكبر التحديات التي تواجه الجزائر الجديدة".

الجزائر.. الحملة الانتخابية المحلية تنتهي اليوم

وفي الشق الاقتصادي، تواجه الانتخابات مشكلة التنمية المحلية، مع تراجع القدرة الشرائية للمواطن، بسبب غلاء أسعار المواد الأساسية في الفترة الأخيرة.

واعتبر الخبير الاقتصادي، حميد علوي، في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن تلك الأمور "من شأنها أن تؤثر بشكل كبير على نسبة الإقبال على صناديق الاقتراع".

وحسب الأرقام الرسمية التي أعلن عنها تبون، فإن هناك قرابة 900 بلدية فقيرة يتم تمويلها من إعانات الدولة.

وأعربت السلطات الجزائرية عن تفاؤلها، وأكدت أن نسبة الإقبال على صناديق المحليات ستتجاوز معدل الإقبال على تشريعيات 2021، التي بلغت فيها نسبة التصويت 30 بالمئة.

وقال رئيس السلطة الوطنية لمراقبة الانتخابات، محمد شرفي: "كل المؤشرات الموجودة، وعلى رأسها الإقبال الكبير في فترة المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية، إلى جانب المنافسة التي كانت موجودة بين المرشحين خلال الحملة الانتخابية، تشير إلى وجود وعي لدى المواطنين بضرورة اختيار من يمثلهم، وبأن نجاح الاقتراع هو الأساس لإخراج البلاد من الأزمة".

وبلغة الأرقام، فقد تم تنظيم 9872 تجمع شعبي، منها 1011 تجمعا خاصا بالأحزاب السياسية، و5064 بالقوائم المستقلة. وقد نشط قادة التشكيلات السياسية خلال الحملة، من خلال ما يناهز 180 تجمعا، فيما تم إلغاء 9 آلاف تجمع آخر لأسباب مختلفة.

وتراهن الحكومة الجزائرية في هذه الانتخابات كثيرا على وعي الشباب، وقدمت عدة امتيازات لبناء جسور الثقة بينها وبين جيل الشباب.

واتخذت السلطات عدة قرارات من شأنها رفع نسبة المشاركة والإقبال، لعل من أبرزها القرار الذي أعلن عنه الرئيس شخصيا، المتعلق بتخصيص منحة مالية للشباب الذين يعانون البطالة.

وتمت دعوة أكثر من 23 مليون جزائري لاختيار المسؤولين المنتخبين على مستوى البلديات والمقاطعات، حيث بلغ عدد مراكز الاقتراع أكثر من 13 ألف مركز، تضم أكثر من 61 ألف مكتب تصويت.

أزمة المقاطعة قائمة

وباستثناء 8 بلديات، 4 منها في ولاية تيزي وزو، و4 في ولاية بجاية، فقد انخرطت كل البلديات في العملية الانتخابية، بعدما قدمت السلطة عدة ضمانات، أبرزها محاربة "تدخل المال الفاسد في اللعبة السياسية".

وعشية الموعد الانتخابي، تحدث تبون عن ضرورة المشاركة، وقال خلال اللقاء الدوري الذي جمعه مع الصحافة الوطنية: "أتمنى مشاركة قوية للناخبين، من أجل التغيير المنشود".

ورغم حجم التحديات، فإن المشهد السياسي الحزبي في الجزائر تسوده حالة من التفاؤل إزاء هذه الانتخابات. وأكد القيادي في حزب جبهة التحرير الوطني، عبد الرحمان بلعياط، على أن الجزائر اليوم "تخطو خطوة مهمة لبناء المسار الجديد".

وبشكل عام، لا تبدو السلطة قلقة من مقاطعة بعض البلديات للانتخابات في منطقة القبائل، كما قال بلعياط لموقع "سكاي نيوز عربية"، لافتا إلى أن الوصول إلى صندوق محليات 27 نوفمبر، هو "إنجاز كبير للديمقراطية في الجزائر".