أعلنت بعثات الأمم المتحدة إلى ليبيا والنيجر ومالي وموريتانيا، السبت، أنها بصدد إطلاق مبادرة مشتركة لإنشاء منصة للتعاون بين البعثات الأربع من أجل مكافحة الاتجار في البشر.
وتهدف المبادرة إلى تعزيز عمل بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة على إدارة الحدود في ليبيا وعرض منصة التعاون الدائم التي تم إنشاؤها بين بعثة الحدود الليبية والبعثات المدنية الأخرى الموجودة في منطقة الساحل، لا سيما في النيجر ومالي وموريتانيا.
وكانت المبادرة المشتركة في صلب المحادثات التي أجراها نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسي الكوني، وقائد البعثات المدنية في الاتحاد الأوروبي، الجنرال فرانسيسكو إستيبان بيريز، ورئيس بعثة الاتحاد الأوروبي للمساعدة على إدارة الحدود الليبية الإيطالية، ناتالينا تشيا.
تفاصيل المبادرة
المبادرة التي روج لها الاتحاد الأوروبي بدعم من الممثل الخاص للاتحاد الأوروبي لمنطقة الساحل إيمانويلا دي ري، تهدف أيضًا إلى تعزيز التعاون عبر الحدود بين سلطات الحدود الليبية وسلطات بلدان الساحل للتصدي لعمليات الاتجار غير المشروع بشكل أكثر فعالية، بما في ذلك الاتجار بالبشر.
وتعليقًا على الخطوة، قال رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية سمير راغب، إن الجرائم العابرة للحدود تحتاج إلى تنسيق عابر للحدود أيضًا بين الدول المجاورة، لأن المهرب في حال دخول دولة أخري هنا تنتهي مهمة قوات الحدود، لذلك لا بد من وجود قيادة موحدة، ودوريات مشتركة بين الدول، وضباط اتصال لكي تقوم بضبط مهربي البشر أو تجار المخدرات أو الإرهابيين ونحو ذلك.
وتابع الخبير الاستراتيجي، في تصريحاته لـ "سكاي نيوز عربية"، أن الجماعات الإجرامية يكون لديها تنظيم عابر للحدود، سواء كانت منظمة أو إرهابية، موضحا أنه مع غياب الجيوش الوطنية في مناطق الصراع وبسبب نقص الإمكانيات وانتشار الفساد لن تتمكن من مواجهتها، لوذلك يبقي التنسيق هو الجانب الأهم الموضوع.
ولفت الخبير الاستراتيجي، إلى أن تلك المبادرة ستعمل على أكثر من عنصر ومنها القوات الأممية والتنسيق مع القوات النظامية، مشيرًا إلى أن هذا التنسيق يشمل قطاع المسؤولية والشق القضائي والقانوني".
وأوضح رئيس المؤسسة العربية للتنمية والدراسات الاستراتيجية، أن بعض أنواع الهجرة تحدث نتيجة سوء الظروف المعيشية، وبالتالي فإن أي شخص يتحرك من دولة إلى أخري لابد من وجود شيء دفعه لذلك من الممكن أن يكون وجود الصراع على سبيل المثال، أو يذهب للبحث عن لقمة العيش فيعمل كمرتزق سواء كان في ميليشيات لها دوافع سياسية أو لها دوافع إجرامية، مؤكدًا أن المبادرة ستحدد المسؤوليات وطرق الدعم، والعمليات اليومية والهدف المطلوب.
نماذج سابقة
وعن النماذج السابقة التي تشبه تلك المبادرة، أشار راغب إلى تجربة مصر الخاصة بالتنسيق بين دول الساحل والصحراء بقيادة "مركز مكافحة إرهاب دول الساحل والصحراء" ومقره بالقاهرة، وهو كيان إفريقي منظم لمكافحة الإرهاب ومكافحة الجريمة المنظمة في كافة الإبعاد سواء كان في تنسيق المعلومات أو تنسيق تدريب القوات.
وأكد الخبير الاستراتيجي، أن تلك التجربة نجحت في التنسيق مع الدول الأوربية سواء مع مهمات الأمم المتحدة أو القيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا "أفريكوم"، أو عملية "إيريني".
بؤر ملتهبة
من جهته، قال الإعلامي الليبي عبد الله الخفيفي، إن ملف الهجرة غير الشرعية مطروح قبل عام 2011، لكنه كان أقل مما هو عليه الآن ولكن بعد ما سمي بـ" الربيع العربي"، زادت الظاهرة بشكل مرعب خصوصاً في ليبيا التي تمتلك حدودا شاسعة.
وسلط الخفيفي، الضوء على مرحلة ما بعد سقوط النظام الليبي السابق، حيث أصبحت ليبيا مرتعاً لمهربي البشر والهجرة غير الشرعية مستغلين موقعها الاستراتيجي القريب من أوروبا بالتعاون مع ميليشيات في غربي ليبيا تحديداً.
وعبر الصحفي الليبي، عن أمله في أن تساهم تلك المبادرة في الحد من هذه الظاهرة، مشيرًا إلى أنه يمكن مواجهة هذه الظاهرة إذا سخرت الإمكانيات وكانت النوايا حسنة، حسب قوله.
من جهته، قال عضو مجلس النواب الليبي على التكبالي، خلال تصريحاته لـ"سكاي نيوز عربية" إن المواقف السابقة والمبادرات التي يقوم بها الاتحاد الأوروبي أو غيره حول ليبيا هي مبادرات حبر على ورق.
وشدد عضو مجلس النواب الليبي، على أهمية تغير الوضع على الأرض وفرض الأمن والاستقرار، وتابع قائًلًا: "تلك المبادرات لن تستطيع تغيير سلوك المهاجرين أو مواجهة مهربي البشر، فبعض الشباب تضطرهم ظروف العيش للهروب من الفقر للهروب إلى أوروبا أو للانضمام للميليشيات والوقوع فريسة لهؤلاء المهربين".
ويبدي الاتحاد الأوروبي مخاوف متزايدة من تنامي موجات الهجرة السرية إلى إيطاليا ومنها إلى أراضيه عبر السواحل الليبية، ويسعى جاهداً إلى إيجاد صيغة تكبح طوفان المهاجرين عبر هذا المسار البحري.