لقي قرار القضاء العراقي بمعاقبة شبكة تزوير حاولت الاستيلاء على عقارات ليهود إشادات من جانب مراقبين، اعتبروا ما حدث خطوة على طريق دولة المواطنة ووضع حد لـ"مافيا التزوير".
وكانت محكمة جنايات محافظة بابل ومركزها مدينة الحلة، وسط العراق، أصدرت قبل يومين أحكاما متفاوتة بالسجن على أفراد في شبكة تزوير حاولت نقل ملكية عقارات تعود لمواطنين يهود عراقيين في المحافظة، بطريقة غير قانونية.
وذكر المركز الإعلامي لمجلس القضاء الأعلى في بيان أن "جهود القضاء في بابل ساهمت في إحباط العملية بكمين محكم بعد الإيعاز لمديرية الأمن الوطني فور ورود المعلومات بالتحري وضبط المتهمين بالجرم المشهود قبل إتمام نقل الملكية".
دعوة لتعديل القانون
ومن جانبها، تقول الخبيرة القانونية العراقية، رانيا عادل، في حوار مع موقع "سكاي نيوز عربية: "يهود العراق لهم كامل الحق باسترداد عقاراتهم وأملاكهم والمحافظة عليها، حيث إن عقارات المكونات العراقية الصغيرة هي مع الأسف عادة ما تكون فريسة ومحط طمع مافيات التزوير للاستيلاء عليها، وذلك لغياب مالكيها الأصليين".
وأضافت أن محاولة الاستيلاء على أملاك اليهود جاءت أيضا "بفعل الهجرات الكبيرة لليهود العراقيين في أربعينات القرن الماضي، وهذه الظاهرة المؤسفة لا تقتصر فقط على اليهود، إذ يعاني مسيحيو العراق المقيمون خارجا أيضا من الاستيلاء على ممتلكاتهم بطرق غير شرعية".
وقالت: "على الحكومة العراقية ومجلس القضاء الأعلى ووزارة العدل، العمل لوقف أو أقله لتقليل حالات تزوير ملكية العقارات وبيعها، عبر إلغاء السماح ببيع العقارات بالوكالات، وأن يكون البيع مشروطا بحضور المالك الأصلي، ذلك أن بيع العقار نيابة عن المالك الأصلي يتسبب كثيرا بتزوير وتلفيق وكالات لبيع عقارات أصحابها الحقيقيون مهاجرون خارج العراق، والكارثة أنه في بعض حالات التزوير هذه، يتم بيع العقار الواحد لعدة أشخاص".
خطوة إيجابية
من جهته، يقول علي البيدر الكاتب والمحلل السياسي العراقي، في لقاء مع موقع "سكاي نيوز عربية": "بدلا من أن يتم تعويض يهود العراق الذين هاجروا عنوة ومكرهين من وطنهم، نجد مع الأسف أن ميليشيات ومافيات وجماعات مسلحة ومتنفذة، تعمل على نقل ملكية عقارات اليهود العراقيين لأشخاص تابعين ومقربين لها، وبيعها بطرق ملتوية".
وأضاف البيدر "أن هذا الأمر لا يقتصر بطبيعة الحال على اليهود فقط، فهذه المافيات لا تفرق بين يهودي أو مسيحي أو مسلم، وتعمل على انتهاك حقوق أبناء مختلف المكونات خاصة الصغيرة والضعيفة في العراق".
ويضيف البيدر :"ما تم هو خطوة إيجابية جدا ولا شك، لكن لا بد من الغوص عميقا لقطع دابر هذه الظاهرة الخطيرة، وأن تشكل وحدة حكومية مختصة بتلقي بلاغات وشكاوى العراقيين المقيمين في الخارج، الذين اغتصبت أملاكهم، وصولا حتى لتشريع قانون لتعويض اليهود العراقيين، واعادة الاعتبار لهم (...)".
ويأمل الكاتب السياسي العراقي أن تشكل هذه الخطوة القضائية المنصفة ليهود العراق: "بداية مرحلة جديدة في بلاد الرافدين، عنوانها وقوامها دولة المواطنة المتساوية دون تمييز على أسس قومية ودينية ومذهبية، فاليهود هم مكون أساسي وفعال في تاريخ العراق ولهم بصماتهم المضيئة، ومن المؤسف ما حل بهم من مآسي القمع والاضطهاد والتهجير (...)".
وتشير تقديرات الباحثين إلى أن أعداد اليهود العراقيين كانت تتراوح بين 150 إلى 200 ألف نسمة، لكن مع هجرتهم الجماعية الواسعة منتصف القرن العشرين من العراق، جراء السياسات التمييزية بحقهم واسقاط الجنسية عن الكثيرين منهم، لم يتبق الآن إلا عدد قليل جدا.