تسعى الحكومة المغربية، التي يترأسها عزيز أخنوش، إلى تصفية تركة الحكومتين السابقتين بقيادة حزب العدالة والتنمية، المرتبطة بأزمة الأساتذة المتعاقدين أو من يعرفون رسميا في المملكة بـ"أساتذة أطر الأكاديميات".
ويعود ملف الأساتذة المتعاقدين إلى عام 2016، عندما قررت الحكومة ووزارة التعليم بإلغاء التوظيف العمومي، واعتماد آلية جديدة لملء النقص الحاصل في مديريات التعليم على مستوى المحافظات.
وترفض الهيئة التي تسمى نفسها بـ"التنسيقية الوطنية للأساتذة الذين فرض عليهم التعاقد"، هذه الصيغة من التوظيف، وتطالب في احتجاجاتها المستمرة بـ"إسقاط مخطط التعاقد، وتحقيق الإدماج في أسلاك الوظيفة العمومية".
ويقول الأساتذة إن نظام التعاقد جعلهم تحت رحمة المخاوف من الاستغناء عنهم في أية لحظة، وفي حالة من الهشاشة لا يشعرون معها بالاستقرار الوظيفي، وهو الوضع الذي يتعذر معه أداء المهام التربوية والتعليمية الموكلة إليهم على أكمل وجه.
حل جديد في الأفق
يرتقب أن يدخل ملف المتعاقدين في التعليم العمومي مرحلة الحسم خلال الأيام المقبلة، إذ كشف المتحدث الرسمي باسم الحكومة، مصطفى بايتاس، خلال مؤتمر صحفي عقب اجتماع أسبوعي للحكومة، يوم الخميس، أن هناك أخبارا "جديدة ومبتكرة" تخص ملف الأساتذة المتعاقدين، سيُعلن عنها في نهاية الشهر الحالي.
وتابع بايتاس، أن "هذا الموضوع مطروح فوق طاولة وزير التعليم ويُناقش بشكل دقيق ونوقش بمجلس النواب وستُشرك فيه النقابات".
لا حل سوى الإدماج
في تعليقه على إعلان الحكومة بشأن المتعاقدين، اعتبر عضو لجنة الإعلام الجهوية لتنسيقية الأساتذة المتعاقدين بجهة (محافظة) فاس مكناس، عبد الحفيظ أيت عوماز، أن "الحل الوحيد هو الإدماج في الوظيفة العمومية وتحويل الاعتمادات المالية السنوية التي ترصد للأكاديميات في إطار النفقات للمعدات إلى مناصب مالية قارة في إطار القوانين المالية".
وكانت الحكومة خصصت في مشروع قانون الموازنة لسنة 2022، الذي ينتظر المصادقة البرلمانية النهاية في الأيام المقبلة، 17 ألف منصب للأساتذة المتعاقدين، تتوزع على توظيف 15 ألف أستاذ، إضافة إلى 2000 موظف للدعم التربوي والإداري والاجتماعي، والذين سيستفيدون من التدريب على مستوى المراكز الجهوية للتربية والتكوين.
في تصريح لـ"موقع سكاي نيوز عربية"، قال المسؤول في "التنسيقية"، "لن نقبل بغير هذا الحل" أي الإدماج، مشيرا إلى أنه "لا يوجد شيء واقعي لحدود اللحظة لحل هذا الملف".
وعملت "الحكومات السابقة التي قادها عبد الإله بنكيران ثم العثماني على تسريع من وتيرة مخططات التعاقد خاصة في قطاع التعليم"، بحسب عبد الحفيظ أيت عوماز.
الحسم في التركة الثقيلة
من جانبه، أكد الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، عبد الغني الراقي، أن أساتذة التعاقد يشكلون اليوم ما يزيد عن ثلث موظفي التعليم، بل وانتقلت الدولة إلى سرعة أعلى، بأن بدأت في توسيع دائرة التعاقد إلى من يعملون في الدعم الإداري والتربوي والاجتماعي".
وأضاف الراقي، في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن "التركة ثقيلة وثقيلة جدا، ومن الصعب تجاوزها في ظل غياب قرار سياسي حاسم وشجاع. لكن ليس من المستحيل تجاوزها، إذا حصلت الإرادة السياسية، لا سيما أن العملية غير مكلفة من الناحية الاقتصادية.
وأوضح الكاتب العام للنقابة الوطنية للتعليم، أن "الميزانيات التي تغطي أجور الأساتذة وأطر الدعم، يتم تحويلها من العاصمة الرباط إلى الأكاديميات، ولا علاقة للمجالس الجهوية بها ولو على المستوى الشكلي".
الملف يضرّ الطلاب
من جهة أخرى، تدعو جمعيات آباء وأولياء التلامذة هي الأخرى، إلى "إنهاء ملف المتعاقدين في التعليم، وإيجاد حل نهائي لهم.
ونبه العكوري، في اتصال بـ"موقع سكاي نيوز عربية"، إلى أن "الإضرابات المتكررة للأساتذة المتعاقدين تؤثر على تعلم التلامذة، خصوصا أن أغلبهم يوجدون في المناطق القروية والمهمشة".
وهؤلاء التلامذة "في حاجة لزمن التعلم الذي يهدر ولا يتم تعويضه، مما يسبب عدم تكافؤ للفرص في المدارس المغربية"، بحسب رئيس فدرالية جمعيات آباء وأولياء التلاميذ.
وأشار المتحدث ذاته، أن "الآباء يشتكون من توقف الدراسة بسبب إضراب المتعاقدين، بل ويرفضون أن يدرس أبناءهم لدى هؤلاء الأساتذة".