ما بين مؤيِّدٍ ومعارضْ، تسعى مصر لتقنين أوضاع المركبة الصغيرة ذات الثلاث عجلات "التوك توك" والتي تسببت في كثير من الحوادث والازدحام المروري بجميع محافظات مصر.
وأطلقت مصر مبادرتين تشملان "التوك توك"، الأولى تتعلق بتقنين أوضاعه، والأخرى تتعلق بإحلاله بسيارات "ميني فان"، وكان القرار الأخير هو استيراد مكوّنات التوك توك الذي أثار جدلًا كبيرًا في مصر.
ولم يختلف أحد على أهميّة القرار، إلا أنّهم اختلفوا على توقيته، وآلية تنفيذه، والعواقب التي سيؤدي إليها فيما يتعلق بزيادة معدّل البطالة، وتأثيرها على حياة المواطنين.
قرارٌ مفاجئ
وقال خبير السيارات، حسين مصطفى، بلغت عدد التكاتك في مصر ما يقرب من 3.5 وفقًا للتقديرات الأوليّة، مشيرًا إلى أنَّ القرار صدر مفاجئًا، بالإضافة إلى صدور قرار آخر في 2014 بمنع استيراد التوك توك كاملًا.
ويشير مصطفى في تصريحات لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى "أهمية التوك توك في العمل بالمناطق التي لا تستطيع السيارات الطبيعية دخولها سواء كانت قرى أو نجوع، أو حارات، وشوارع ضيّقة خارج المنطقة الحضارية، أي خارج المدن والشوارع الرئيسية".
ويرى خبير صناعة السيارات أنّه "كان من الأولى بذل الجهد في السيطرة المرورية على خطوط سير التوك توك لكي لا تخرج إلى الميادين والشوارع الرئيسية وتتسبب في تعطيل المرور والحوادث".
وأكّد أنَّ مشروع إحلال مثل هذا العدد الكبير من "التكاتك" سيكون في منتهى الصعوبة، لأن الشرط في مشاريع الإحلال أن تكون من الإنتاج المحلّي.
وفسّر حديثه بالقول: "الإنتاج المحلّي في الأوضاع الاقتصادية الحالية لن يتجاوز بأي وضع من الأوضاع 30 ألف سنويًّا"، مشددًا على أنّه حاليًّا لم يبلغ 15 أو 18 ألف في أفضل الأحوال".
ويتابع: "بقسمة أعداد التوكت وك الموجودة المطلوب إحلالها على طاقة الإنتاج المحلية للسيارات سنجد أنَّ على الأقل من المطلوب عشرات السنوات للإحلال"، مؤكدًا على أنَّ السيطرة المرورية تمكن أن يخدم التوك توك المناطق التي لا تستطيع السيارات الطبيعية دخولها، وبالتالي الاستفادة من مميزاته والابتعاد عن عيوبه".
تكهينٌ وتخريدٌ
وانتقد خبير السيارات المنع المفاجئ قائلًا: "هذا القرار معناه أنّ أعطال التوك توك ستتسبب في تكهينه، وتخريده، وعلينا أن ننظر في هذه الحالة أنّ مصر ستضّخ في قائمة البطالة والعاطلين أعدادًا متزايدة".
ولم ينكر مصطفى عيوب التوك توك في التداخل المروري في المناطق التي لا يجب أن يسير فيها، كالازدحام المروري، واستخدامه في بعض الجرائم، "ولكن جميع السيارات ووسائل النقل الأخرى، يمكن أن تستخدم في هذه الجرائم، وليس التوك توك فقط، فهو في حد ذاته، ليس سببًا في ارتكاب الجرائم"، على حد تعبيره.
ويضيف: "الأمر الثاني ما يدفع الناس لارتكاب الجرائم به هو عدم تقنينه لأنه ليس له لوحات ويمكن قيادته بواسطة أطفال قُصَّر".
ويستطرد: "لكن في حالة تقنينه وإعطاء رخصة قيادة توك توك لسن 18 سنة مثل السيارات مع الكشف على المخدرات هذا التقنين يقلل من الخروج عن القانون".
وختم بـ"هناك ما يقرب من ربع مليون توك توك مُقنَّن، ولهم رخصة، ولوحات ولكّن أحيانًا يتم توقف هذا التقنين لفترة ولأسباب غير معلومة".
قرارٌ متأخرٌ
وأثنى عضو لجنة الصناعة بالبرلمان المصري، عادل عامر، بالقرار، مشددًا على أنَّ القرار جاء متأخرًا عدة سنوات، حتى امتلأت شوارع العاصمة بهذه المركبات.
وكشف في تصريحات خاصّة لموقع "سكاي نيوز عربية" إلى أنَّ التكاتك في محافظة القاهرة وصل لأكثر من 3.5 مليون، طبقًا لأرقام أوليّة صدرت، أثَّروا على حركة المرور، واصفًا الرقم بـ"الضخم".
وأشار إلى أنَّ قرار وزارة الصناعة والتجارة بحظر استيراد "الموتور" و"الشاسيه" الخاص بهذه المركبات، سيجعلها تتلاشى تدريجيًّا. إلا أنَّ "عامر" عاد وشدد على أنَّ هذا القرار سيكون تحديًّا أمام الحكومة المصرية؛ مفسّرًا تصريحاته بأنَّ "هناك ما يقرب من 3.5 شخص يعملون على هذه المركبة، بين من يعولون أنفسهم، ومن يعولون أسرهم، إذا افترضنا أنّ متوسط الأسرة الواحدة خمسة أفراد الواحدة مضروبًا في 3 مليون شخص، يساوي 15 مليون شخص يعيشون على التوك توك".
وتابع عضو لجنة الصناعة بالبرلمان: "بالتالي هناك إشكالية أنّ هذه المركبة كانت مصدر دخل لهم، لذلك فإنَّه مع إصدار هذا القرار لا بد من وجود البديل".
البديل الضروري
وعن ذلك البديل؛ واصل حديثه بالقول: "السعي بقوة كبيرة خلال شهر على الأكثر من التطبيق لحشد جميع الجهات التي تعمل في مجال القوى العاملة، ويتم حصول على هؤلاء الأشخاص على وظائف ثُمَّ بعد ذلك تدريب تحويلي للشركات وفقًا للاحتياجات، وكل شخص يصبح لديه عمل بديل".
واستطرد قائلًا: "الخطوة الثانية التنسيق في فكرة تسليم التوك توك الخاص بالذين يعملون عليه من خلال تقديم طلب بذلك، وتعطيه الوزارة المعنية سيارة ميني فان على أنْ تكون بالتقسيط، وبدون فائدة، وهو ما يمكّن المواطن من سداد هذه الأقساط من خلال عوائد الدخل الخاص بالعمل على هذه السيارة". وشدد على ضرورة أنْ تناسب الأقساط مستوى الدخول اليومية، واصفًا الأمر بـ"المهم للغاية"، مشبهًا الفكرة بنفس فكرة تسليم السيارات "موديل ما قبل 2000"، من خلال الحصول على سيارة بديلة تعمل بالغاز الطبيعي".
وأوضح أنَّ "الهدف من هذه المبادرة هو توفير فرصة حياة كريمة، بالإضافة إلى التحوُّل من المحروقات مثل البنزين والكيروسين لسيارات صديقة للبيئة تعمل بالغاز، وهو ما سيقلل الضغط على ميزان المدفوعات في استيراد المحروقات، وتحسين للبيئة".
وشدد على ضرورة التوعيّة بأهمية القرار لإيصال رسائل طمأنينة للمواطنين لاستيعاب ماهية تحديات القرار وأخطاره وتوابعه، وكيفية العلاج، وهو ما وصفه بـ"المهم لصنع الفارق في التحوُّل للأخضر".
وعن الصعوبات التي تواجه تطبيق القرار قال: "عدم إيجاد وظائف بديلة وهو ما يُصعِّب من التطبيق، الوعي المجتمعي إذا لم يحدث توافق حول القرار وأهميته فلن يكون مجديًّا، لكن يظّل هناك رفض من الصعوبة في التحوُّل للأخضر".