بجانب البنود الإيجابية التي خرج بها البيان الختامي لمؤتمر باريس حول ليبيا، الذي انعقد الجمعة، فإن توافق ليبيا وإيطاليا بالذات وترؤسهما المشترك مع ألمانيا لجلساته أضفى أجواء التفاؤل نظرا للخلاف الحاد بين البلدين بشأن الملف الليبي في السابق.
واختتم المؤتمر فعالياته ببيان أكد التوافق بشأن إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الليبية في موعدها ديسمبر ويناير المقبلين، وخروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا.
المؤتمر الذي حضرته 25 دولة من المعنيين بليبيا، شهد حضورا أوروبيا لافتا تزعمته فرنسا وإيطاليا، وبوصف موقع "ديكود 39" الإيطالي فإن هذا "كان شيئا إيجابيا للغاية"؛ لأن هذين البلدين لهما قدرة كبيرة على التأثير في شمال إفريقيا والساحل الغربي لإفريقيا.
وقال مدير المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية بروما أرتورو فارفيللي، بحسب ذات الموقع، إن مؤتمر باريس ولد كمبادرة أحادية، مضيفا أن فرنسا في حاجة لمساعدة فعالة من إيطاليا لضمان نجاح مثل هذه المبادرات في ليبيا.
من جهته، اعتبر جوزيبي دينتشي، رئيس مكتب الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لدى مركز الدراسات الدولية بروما، أن التعاون الإيطالي الفرنسي قد يثمر مزيدا من الاستقرار في ليبيا الذي يشهد صراعات متعددة الأطراف في الداخل والخارج.
وشددت إيطاليا وفرنسا خلال مؤتمر باريس على ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، وأعربتها عن تخوفهما من عدم إجراء الانتخابات قد ينتج عنه تجدد العنف.
وسلط الموقع أيضا الضوء على وجود توافق إيطالي أميركي أن رئيس وبرلمان جديدان في ليبيا عبر الانتخابات يمكن أن يكون لهما تأثير أكبر في تحقيق الاستقرار.
جذور الخلاف
والخلاف بين فرنسا وإيطاليا حول ليبيا قديم، منذ الحقبة الاستعمارية القرن الماضي حول مناطق النفوذ بليبيا، حيث تعتبرها إيطاليا المواجهة لها في البحر المتوسط بوابتها إلى إفريقيا، فيما تعتبرها فرنسا منطقة حيوية لها لجوارها المباشر لمناطق النفوذ الفرنسية المباشرة في وسط وغرب إفريقيا، كتشاد والنيجر ومالي وبوركينافاسو.
وفيما كان من صالح فرنسا الحد من نفوذ الميليشيات والقوات الأجنبية في ليبيا؛ كي لا يمتد خطرها إلى وسط وغرب إفريقيا، فإن إيطاليا كانت تتقارب مع الميليشيات لتساعدها في عدم عبور المهاجرين من ليبيا إلى سواحلها.
سبب التوافق الآن
ويعلق المحلل السياسي الليبي سلطان الباروني على هذا التطور بأن "توافق فرنسي إيطالي أميركي على بنود داخل ليبيا قد يضمن بشكل كبير نجاح العملية السياسية".
وأضاف الباروني لموقع "سكاي نيوز عربية" أنه في وقت من الأوقات اختلفت إيطاليا وفرنسا على عدة ملفات، والحرب في طرابلس (2019- 2020) أكبر شاهد على ذلك.
وعن ثقل البلدين في الملف الليبي قال إن "لديهما القدرة على التأثير بشكل كبير على كافة الأطراف، وأجرتا محادثات مع الجميع، وإذا توافقتا قد تستقر العملية السياسية بشكل واضح".
وذكَّر الباروني بأن إيطاليا تصرفت سابقا بعيدا عن الاتحاد الأوروبي لأنها من الدول الأكثر تضررا مما يحدث في ليبيا بسبب عمليات الهجرة ما جعلها تتحالف مع مليشيات للسيطرة عليها، هو الأمر الذي أزعج أوروبا.
وفي تقديره، فإن سبب التوافق الحالي بين البلدين، هو "أن الوقت لم يعد يسمح لأي خلاف يؤجج الصراع بليبيا، والاتفاق الآن على بنود تحمي العملية السياسية أصبح أمرا لا بد منه حتى تمر الانتخابات بسلام".