تكاد تجمع القراءات السياسية في العراق وخارجه، على أن محاولة اغتيال رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، لن تمر مرور الكرام، وستكون نقطة تحول في تعاطي بغداد مع الخطر المتعاظم، الذي تمثله الميليشيات المندرجة ضمن إطار الحشد الشعبي.

وتبدو الميليشيات المسلحة بعد الهزيمة المدوية للأحزاب السياسية التي تمثلها في الانتخابات العراقية البرلمانية الأخيرة، وبعد محاولة اغتيال الكاظمي بأنها عازمة على تغيير قواعد اللعبة، والتمادي في فرض سطوتها على البلاد وسلطاتها وقوانينها، كون المستهدف هذه المرة هو رأس السلطة التنفيذية.

ورجح باحثون سياسيون أن السبب وراء لجوء الميليشيات المسلحة في العراق إلى هذا التصعيد الخطير، هو الخشية التي تنتابها ومن يقف خلفها من تراجع مكانتها ونفوذها وفقدانها أسباب قوتها.

ومما يزيد من هذا القلق، بروز النقاش بشأن حظر هذه الميليشيات ونزع سلاحها، إذ بات يفرض نفسه بقوة شعبيا ورسميا في العراق، لا سيما بعد محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الحكومة العراقية، التي أثارت ردود فعل عربية وعالمية واسعة متضامنة مع العراق في وجه الميليشيات.

مؤشرات قوية

ويقول مدير مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري في حديث لموقع "سكاي نيوز عربية": "هناك مؤشرات قوية بطبيعة الحال على بداية النهاية لهذه الفصائل المسلحة المندرجة ضمن الحشد الشعبي، ومن أهمها نتائج الانتخابات الأخيرة، ولعدم وجود رغبة شعبية عراقية بوجودها وببقائها هي وسلاحها المنفلت خارج إطار الدولة من الآن وصاعدا".

ويتابع الأستاذ الجامعي العراقي: "وحتى قبل محاولة الاغتيال، فإن الاشتباكات والاحتكاكات الدموية الأخيرة، التي حصلت عند بوابات المنطقة الخضراء في العاصمة بغداد، بين هذه الفصائل المسلحة والقوى النظامية المكلفة بحماية تلك المنطقة، تعزز من قرب نهاية نفوذها عبر واجهاتها السياسية".

أخبار ذات صلة

بعد محاولة اغتيال الكاظمي. تحركات واسعة للجيش العراقي ببغداد
محاولة اغتيال الكاظمي.. هل تؤثر على نتائج انتخابات العراق؟
البنتاغون يلمح إلى وقوف إيران وراء محاولة اغتيال الكاظمي
محاولة اغتيال الكاظمي.. رسائل بطعم الدم لمعارضي الميليشيات

وأضاف: "وبالتالي فما جرى من تهديد لشخص رئيس الوزراء الكاظمي من قبل زعامات تابعة لهذه الفصائل، والتصريحات التي أطلقها البعض منهم، عن اعتماد الخيارات العسكرية لرفض نتائج الانتخابات العامة المبكرة، تشكل كلها علامات بلوغ نقطة اللاعودة الفاصلة، فيما يخص مستقبل هذه المجاميع الآيلة للسقوط".

وبحسب الشمري، فهناك مؤشرات على لفظ الشارع العراقي لهذه الميليشيات، وقال: "إن محاولاتها بسط السيطرة على الدولة العراقية، واستهدافها رأس السلطة التنفيذية العراقية، يشكل ضربة قاصمة لها وستكلفها الكثير على مستوى النفوذ والتأثير، وبالتالي فدورها السياسي هو في طور التقويض والانكماش حد التلاشي، وتبقى مع ذلك قضية السلاح المنفلت خارج إطار الدولة معلقة، وهي بحاجة لقرارات جريئة ولإرادة سياسية لضبطه ونزعه".

قانون خدمة العلم

أما مدير مركز الأمصار للدراسات الاستراتيجية رائد العزاوي، فيرى في حديث مع موقع "سكاي نيوز عربية" :"أن محاولة اغتيال الكاظمي معروفة دوافعها والجهات المنفذة لها والواقفة خلفها، لكن بما أن الحشد هو جزء من المنظومة الأمنية والعسكرية العراقية، فإن حله بحاجة لجملة اجراءات أهمها، إقرار قانون خدمة العلم الذي قدمته حكومة الكاظمي، لكنه لم يمرر مع الأسف في مجلس النواب العراقي، كونه كان في نهاية مدته التشريعية قبيل الانتخابات الأخيرة".

واعتبر العزاوي أن "هذا القانون مهم جدا كونه سيجمع العراقيين تحت خدمة العلم العراقي، ولن تكون هناك جهات مسلحة كالحشد الشعبي خارج هذا الاطار الوطني الجامع".

ويردف: "جزء كبير من الشباب العراقيين عاطلون عن العمل فيضطرون للانضمام لفصائل الحشد الشعبي، للاستفادة من امتيازات الرواتب وغيرها، وهنا فخدمة العلم هي الحل الأمثل".

ويضيف العزاوي: "مع هذه المحاولة الجبانة لاستهداف السيد الكاظمي، بات من الضرورة وضع حد للميليشيات المسلحة التابعة لإيران في العراق، والمطلوب هنا إلغاء القانون لخاص بتشكيل الحشد الشعبي، وإقرار قانون خدمة العلم الذي يشمل كافة العراقيين سواء بالتطوع أو الخدمة الإلزامية".

ويحذر الأكاديمي العراقي من أن :"بقاء الحشد الشعبي بهذه الطريقة، بات يشكل عبئا ثقيلا على العراق وعلى الحكومة العراقية الحالية والمقبلة، فبعد محاولة الاغتيال الآثمة هذه فإن المجتمع الدولي سيتجه نحو وضع هذه الميليشيات المسلحة المتورطة، تحت طائلة العقوبات الدولية أميركيا وأوروبيا خاصة، وبالتالي سيدخل العراق في مشكلة عويصة شبيهة بما في يحدث إيران (...)".