تتعالى أصوات سياسية وعسكرية داخل إسرائيل، لأجل المطالبة بإخراج قرابة 8 آلاف يهودي إثيوبي (الفلاشا)، وإجلائهم إلى الدولة العبرية، في ظل توتر الوضع العسكري بين متمردي إقليم تيغراي والحكومة المركزية في البلاد.
وطالب البعض في إسرائيل بأن يحدث هذا الإخراج بأي ثمن كان، حتى وإن تطلب تدخلا عسكريا، أو أدى إلى حدوث أزمة سياسية ودبلوماسية بين إسرائيل وإثيوبيا.
وأصرت وزيرة الاندماج الإسرائيلية بنينا تامانو شطا، المتحدرة من أصول إثيوبية، على أن تقوم إسرائيل بهذه العملية، أياً كان الثمن، حسب قولها.
وكان المخطط الذي اعتمدته الحكومات الإسرائيلية في وقت سابق يذهب لأن يكون ذلك الاستقدام لليهود الإثيوبيين خلال العام 2022، لكن الوزيرة المنتمية والممثلة لحزب "أزرق أبيض" في الحكومة الإسرائيلية، هددت بالانسحاب من الائتلاف الحكومي الحاكم في حال لم تستجب الحكومة بشكل سريع لهذا المطلب.
في غضون ذلك، أعلنت إذاعة الجيش الإسرائيلي، صباح يوم الاثنين، عن وجود أزمة سياسية بين وزارة الدفاع ورئاسة أركان الجيش في إسرائيل من جهة، ووزارة الاندماج الإسرائيلية وأعضاء من الجالية الإثيوبية بإسرائيل، من جهة أخرى.
صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية نقلت معلومات عن تعرض السلطات الإسرائيلية لعملية مُخادعة من قِبل العشرات من الإثيوبيين خلال الأسابيع الأخيرة، عندما ادعوا أنهم يهود ويحتاجون لنقل عاجل من الأراضي الإثيوبية، ثم تأكدت السلطات الإسرائيلية من عدم صحة ذلك، لكن بعد وصولهم إلى إسرائيل.
الحادثة زادت من قلق الحكومة الإسرائيلية، لأنها لا تستطيع في ظل هذا الظرف العسكري والأمني الصعب أن تتأكد من هوية قرابة 8000 آلاف يهودي إثيوبي ما يزالون موجودين هناك، خصوصاً أن الطرف الإثيوبي لا يستطيع القيام بتعاون دقيق وشفاف مع إسرائيل في الوقت الحالي، مثلما كانت تفعل أثناء عمليات الإجلاء السابقة التي نفذتها إسرائيل لليهود الإثيوبيين.
أجندة سياسية واجتماعية
تشرح الباحثة منارة الحسن في حديث لـ"سكاي نيوز عربية"، كيف أنه ثمة أجنحة سياسية واجتماعية ضمن إسرائيل مختلفة فيما بينها حيال ما يجب أن تقوم به السُلطات الإسرائيلية خلال الفترة الراهنة وتركز عليه، بينما تسعى الأطراف العسكرية والاستخباراتية في إسرائيل إلى تركيز الجهد على الملف الإيراني كجوهر سياسي وعسكري.
وأضافت أن المُجتمعات المحلية تسعى لأن تُرسخ لإسرائيل عدة مهام والتزامات تجاه الجاليات اليهودية في مختلف بُلدان العالم، فيما تسعى الحكومة الائتلافية الراهنة برئاسة نفتالي بينيت أن توازن بين التوجهين.
وتحرص الحكومة على هذا التوجه كي تحافظ على وحدتها السياسية، وعدم خلق أية أزمة داخلية في إسرائيل، لكن الانقسام مضاعف بالنسبة للجالية الإثيوبية، لأنها من أكثر الجماعات التي تقول إنها تشعر بالغبن والتهميش داخل المجتمع الإسرائيلي.
وزارة الخارجية الإسرائيلية أصدرت تحذيراً للمواطنين الإسرائيليين من مغبة السفر إلى إثيوبيا، بما في ذلك الإسرائيليين المتحدرين من أصول إثيوبية، مؤكدة أنها ستقدم تقريراً تفصيلياً عن الأوضاع العسكرية في إثيوبيا خلال جلسة الحكومة المُقرر عقدها مساء الاثنين.
الميزانية العامة في إسرائيل، والتي تم إقرارها منذ أيام قليلة، تضمنت بنداً لمساعدة الإسرائيليين من أصول إثيوبية وزيادة مستويات اندماجهم.
ويخصص البند 156 مليون شيكل إسرائيلي (حوالي 50 مليون دولار) لتلك المهمة، فيما يتوقع المراقبون أن أن يُخصص جزء كبير من المبلغ لعملية إجلاء اليهود الإثيوبيين.
وكانت مُختلف الحكومات الإسرائيلية قد سعت منذ عشرات السنوات إلى جذب وإجلاء اليهود الإثيوبيين إلى إسرائيل، خصوصاً بعد العام 1990، حيث كان المُعدل السنوي بحدود 2000 شخص في العام. ومن بين قرابة 100 ألف يهودي كانوا يعيشون في اثيوبيا، لم يبقَ إلا قرابة 8 آلاف فحسب.