وجه رئيس الوزراء العراقي مُصطفى الكاظمي، وإن بشكل غير مباشر، الاتهام إلى جهة سياسية وعسكرية عراقية معروفة في محاولة اغتياله التي نُفذت فجر اليوم الأحد، وذلك خلال ظهوره الأول بعد تلك المحاولة.
فالكاظمي الذي قال خلال ظهوره التلفزيوني "الصواريخ والمُسيرات الجبانة لا تبني أوطاناً، ولا تبني مستقبلاً"، إنما قال فعلياً إن الجهة الواقفة خلف هذه العملية داخلية وليست خارجية، وأنها ليست التنظيمات الإرهابية، مثل داعش وغيرها، بل طرف له مشروع سياسي وشريك في العملية السياسية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الكاظمي حدد في خطابه القصير الأسباب والدوافع المباشرة لاستهدافه شخصياً "نحن نعمل على بناء وطننا، عبر احترام الدولة ومؤسساتها، وتأسيس مستقبل أفضل لكل العراقيين، أدعو الجميع لحوار هادئ وبناء"، في إشارة واضحة إلى القوى السياسية العراقية التي لا تلتزم بالأطر الدستورية والسياقات القانونية للعملية الانتخابية التي جرت مؤخراً، المتمثلة بالجهات السياسية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي الولائية المُقربة من إيران، حيث أعلنت صراحة عدم قبولها بالنتائج وصارت تضغط وتهدد بالفوضى ما لم يتم التراجع عنها وإيجاد مخارج غير دستورية لها.
الباحث العراقي شفان رسول شرح في حديث مع سكاي نيوز عربية الدلائل الموضوعية على الجهة الفاعلة، وذلك عبر تحليل الأداة المُستخدمة في محاولة الاغتيال، وقال "ليس خفياً على أحد، إن الطائرات المُسيرة تُستخدم منذ سنة على الأقل بكثافة داخل العراق لأغراض سياسية، من استهداف للمصالح والممثليات الدبلوماسية الأجنبية، إلى استهداف مطار أربيل والقواعد العسكرية العراقية التي تشهد تعاوناً مع القوات الأميركية. حيث بعد جميع تلك المحاولات تخرج فصائل تدعي بأنها تمثل (المقاومة) في العراق وتسعى لإخراج الجيش الأميركي والقوات الأجنبية من العراق".
وأردف قائلا: "لكن الجميع يعرف إن تلك الجهات أنما هي استطالات للقوى السياسية والعسكرية العراقية الموالية لإيران، وتسعى لتحويل العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات مع القوى السياسية العراقية والدول ذات الحضور داخل العراق".
وتابع رسول حديثه مع سكاي نيوز عربية: "خلال مرحلة ما بعد الانتخابات، كان واضحاً عبر وسائل الإعلام العراقية التهديد بالفوضى عبر استخدام تلك الطائرات. إذ خرجت منابر وإعلاميون يقولون صراحة إنهم مقربون من تنظيمات الفصائل الولائية داخل العراق، ويهددون أطراف سياسية وقوى إقليمية بشن هجمات عبر الطائرات المُسيرة، ما لم يتم تغيير نتائج الانتخابات وإشراكها في السُلطة مُجدداً، وعدم مس امتيازاتها وسلاحها".
وكانت العديد من الأنباء قد تكهنت خلال الفترة الماضية بالخطورة الأمنية على حياة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي. بالذات عقب التزامه بأغلب تعهداته التي قطعها للمجموعات الشبابية المُنتفضة، واشرافه على انتخابات برلمانية مُبكرة، كما تعهد أثناء وصوله لمنصب رئيس الوزراء، ورفضه لكل أشكال الضغوط التي مارستها الفصائل الولائية المُسلحة في أكثر من ملف، من دفعه لإخراج القوات الأجنبية بشكل متسرع، إلى محاولة إجباره على إلغاء نتائج الانتخابات. هذه الأحداث والمواقف مجتمعة رفعت من المكانة والمستقبل السياسي للكاظمي.
الناشطة العراقي بتراء اللامي بينت، في حديث مع سكاي نيوز عربية المؤشرات السياسية على الفاعلين في محاولة اغتيال الكاظمي "منذ أن خسرت هذه القوى السياسية في الانتخابات الأخيرة، وارتفاع حظوظ المستقبل السياسي للكاظمي، كشخصية سياسية مدنية ذات شعبية في الأوساط الشبابية والمدنية العراقية، فإن مختلف الاتهامات والتهديدات من قِبل الأطراف الخاسرة في هذه الانتخابات أنما صارت توجه إليه. ومحاولات حصار المنطقة الخضراء واستهدافها والسعي لاختراقها وأثارة الفوضى والقلاقل داخلها، والتي كانت ذات نفس انقلابي واضح، أنما كانت تنفذها هذه الجهات المعروفة، وترى في الكاظمي غريماً سياسياً واضحاً، راهناً ومستقبلاً".